القناة التى صنعت دولة ..هكذا يصف الخبراء قناة «الجزيرة» القطرية التى نجحت فى لفت أنظار العالم إلى دولة قطر، التى لم يكن يتردد اسمها كثيرا قبل إطلاق القناة، أنشئت القناة عام 1996 بعد إغلاق القسم العربى لتليفزيون هيئة الاذاعة البريطانية ال«بى بى سى»، وهو القسم الذى تم انشاؤه بتمويل سعودى. ولكن بعد أن فتح القسم المجال لمعارضين للحكومه السعودية جاء قرار وقف التمويل، وتزامن هذا مع استعداد قطر لتدشين قناة إخبارية بتمويل يقدر حينها ب150مليون دولار كمنحه من أمير قطر حمد بن خليفة آل ثان وتم الاستعانة بمجموعة المذيعين الذين كانوا يعملون بالقسم العربى بالبى بى سى لتنطلق قناة «الجزيرة» كقناة إخبارية حطمت قوالب القنوات الاعلامية المتعارف عليها حينها حيث فتحت المجال للمكالمات الهاتفية على الهواء مباشرة وأتاحت الفرصة للجمهور ليتحدث كيفما يشاء دون رقابه منتقدا النظام الذى يتبعه.
وتوالت جرأة القناة حينما اظهرت على الشاشة رموز المعارضة فى كل دول العالم العربى باستثناء قطر وبدأت تحقق صيتا غير مسبوق ونجحت القناة فى إحراج أنظمة عديدة حتى قيل إن أحد أهم أسباب خلاف نظام مبارك مع دولة قطر كان بسبب الجزيرة.
وتزداد أهمية القناة مع كل حدث كبير فكانت البداية مع أحداث 11 سبتمبر 2011 حينما نقلت تفجيرات برج التجارة العالمى على الهواء مباشرة ثم انفرادها بنقل كلمات أسامه بن لادن، وقيادات حركة طالبان، وتتوالى الأحدث بغزو العراق وسقوط بغداد فى قبضة أمريكا ووصولا الى الثورات العربية.
وغادر عدد من الاعلاميين الذين ساهموا فى تأسيس هذه القناة مواقعهم بها بعد اتهامهم لها بالخضوع للنظام القطرى، واستخدامها كوسيلة أحيانا لتصفية حساباته مع الأنظمة العربية الأخرى ومساندة النظام الأمريكى، ولا سيما بعد تسريبات «ويكيلكس» الشهيرة التى كشفت تعاون مدير شبكة الجزيرة السابق وضاح خنفر مع المخابرات العسكرية الأمريكية.
ومع نجاح «الجزيرة» القطرية اشتعلت المواجهة الإعلامية، فشعرت السعودية بالخطر فكان الحل إنشاء قناة إخبارية تضع حدا للانتشار المستمر الذى تحققه «الجزيرة» ، فكانت قناة «العربية» التى تمول برأس مال سعودى وانطلقت عام 2003.
وتتبنى الدفاع عن مواقف وقرارات النظام السعودى، ورغم تأكيدات المسئولين بالقناة أنها لا تتلقى دعما سعوديا، وأن رأس المال السعودى لا يتعدى نسبة 2% لأنها تمول نفسها بنفسها، لكن الموقف الشهير الذى تعرض له الاعلامى المصرى حافظ المرازي حينما تم الاستغناء عنه عقب حلقة من برنامج «ستوديو القاهرة» الذى كان يذاع على «العربية» وتحدى فيها الاعلام السعودى أن ينتقد المملكة أو العاهل السعودى.
وظلت القناتان تتقاسمان المشاهد العربى من المحيط إلى الخليج، غير أن نظام مبارك سعى فى أواخر عهده إلى إطلاق قناة اخبارية جديدة بخلاف قناة «النيل للأخبار» ترد على موقف «الجزيرة» من القيادة المصرية ، والتى من أجلها تم تطوير «ستوديو 5 «، الذى احتفل وزير الاعلام الحالى صلاح عبدالمقصود بافتتاحه كأكبر ستوديو فى المنطقة بتكاليف مالية قدرها 178 مليون جنيه، والذى يحسب فى الواقع للنظام السابق الذى رحل، قبل أن ينفذ مشروع القناة الإخبارية.