أرسل صندوق النقد الدولى خطابا إلى الحكومة المصرية يقول فيه إنه غير راض عن برنامج الإصلاح المالى المعدل الذى أعدته الحكومة وأرسلته إليه لاستئناف المفاوضات بشأن الحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار. «البرنامج أضعف بشكل ملحوظ من ذلك الذى تم تقديمه فى شهر نوفمبر الماضى، ولا يمكننا القدوم الى مصر إلا بعد تعديل بعض بنوده»، بحسب خطاب المؤسسة الدولية، الذى علمت به "الشروق" من مصدر حكومى، طلب عدم نشر اسمه. كانت الحكومة قد أعدت برنامجا للإصلاح المالى فى نوفمبر الماضى، كان يتضمن إجراءات واسعة النطاق خصوصا فيما يتعلق بالضرائب والدعم، وعرضته على صندوق النقد، الذى أرسل عددا من البعثات الفنية وقتها لمناقشته، إلا أنا المفاوضات توقفت حينها بعد أن جمد الرئيس مرسى مشروعات قوانين التعديلات الضريبية المتضمنة فى البرنامج عقب إعلانها بيوم واحد.
وعكفت الحكومة على إعداد برنامج آخر معدل منذ شهر وأرسلته للصندوق، ودعته لإرسال بعثته الفنية لمناقشته واستئناف مفاوضات القرض، إلا أن الصندوق قال إن البرنامج المعدل غير قادر على تخفيض معدلات العجز والدين العام بما يحقق الاستقرار المالى، خصوصا أن الحكومة تستهدف فى البرنامج المعدل عجزا أكبر مما كان مستهدفا فى برنامج نوفمبر. فالعجز المقدر لموازنة العام المقبل فى البرنامج الأصلى كان لا يعتدى 8.5% من الناتج المحلى الإجمالى لكنه يصل إلى 9.5 فى المائة فى البرنامج المعدل.
كما أشار الصندوق إلى عدم بدء الحكومة فى تنفيذ الإجراءات المذكورة فى البرنامج، خصوصا أنه كان يشترط تطبيق عدد من الإجراءات الاستباقية حتى تأتى بعثته إلى مصر، وكانت الحكومة قد قسمت إجراءات البرنامج الى ثلاث شرائح، الأولى تطبق بحد أقصى أول مارس، والمتضمنة تخفيض جزء من دعم الطاقة والذى تم بالفعل فى فبراير الماضى، مع زيادة سعر الغاز إلى المصانع كثيفة الاستهلاك من 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية الى 6 دولارات، وزيادة أسعار المازوت لمصانع الطوب والإسمنت من 1000 جنيه للطن إلى 1500 جنيه. كما تشمل الإجراءات الاستباقية أيضا تطبيق التعديلات الضريبة المرتقبة والتى تناقش حاليا داخل مجلس الشورى، على أن تتضمن المرحلة الثانية من الإجراءات التى ستطبق فى يوليو للمقبل تطبيق كوبونات البنزين والسولار وباقى إجراءات البرنامج فى العام المالى 2014 2015 آخر عام فى برنامج الإصلاح.
إلا أن الصندوق يرى أن الحكومة تضع الإجراءات الضعيفة فى أول مرحلة (الإجراءات الاستباقية)، فى حين أن أول شريحة من القرض سيعطيها الصندوق لمصر ستكون الأكبر وبالتالى كان بالأحرى أن تطبق الحكومة أكثر إجراءات ممكنة فى البداية وليس فى العام التالى، بحسب المسئول الذى أوضح أن الحكومة كانت مضطرة لذلك حتى «لا تطبق إجراءات تثير غضب المواطنين قبيل الانتخابات البرلمانية».
وبينما اشترط الصندوق تعديل بعض بنود البرنامج لإرسال بعثته لمصر فإن عددا من القيادات الحكومية التى وضعت البرنامج يرى أنه «ليس بالإمكان أبدع مما كان، فكيف يتم تعديل البرنامج وزيادة الإجراءات الإصلاحية وهناك حالة من الشك فى امكانية تطبيق البرنامج بشكله الحالى فى المواعيد المقررة له»، بحسب المسئول.
وقد أبدى الصندوق أيضا انزعاجه من عدم وجود توافق سياسى على البرنامج واشترط موافقة أحزاب المعارضة عليه، كما أضاف المسئول أن هذه «هى المرة الأولى التى يستخدم فيها الصندوق هذه اللغة مع مصر، فلغة الخطاب كانت واضحة وحادة».