على الرغم من التفصيلات الكثيرة التى نُشرت فى إسرائيل والعالم بشأن قضية «عميل الموساد»، بن زيغير ألون، فإن وقتاً طويلاً قد يمر قبل الكشف عن التفصيلات الأُخرى، وقبل أن نعرف ما إذا كان نشر تفصيلات القضية مؤذياً أم غير مؤذ لكن نستطيع منذ الآن استخلاص النتائج الأساسية التالية: 1 الحرب السرية: من طبيعة وكالات الاستخبارات أن تخوض حرباً سرية، ومن أجل هذا الغرض تقوم باستخدام مواطنين أجانب وجوازات سفر مزيفة. وفى هذا العالم الاستخباراتى فإن وقوع أى حادثة لا يتسبب بمشكلة دبلوماسية فقط، بل قد يعرّض حياة المتورطين فيها للخطر المباشر أيضاً. ومن هنا ضرورة المحافظة على السرية حتى بعد وقوع الحادثة، شرط أن يكون ذلك تحت مراقبة الأطراف المعنية فى الحكومة وفى الكنيست.
2 إخفاء أشخاص: طبعاً إن إخفاء أشخاص أمر سيئ، إلاّ أنه فى القضايا التى من هذا النوع هناك أشخاص يختفون، لكن ليس مثلما كانوا يختفون خلال حكم العسكريين فى الأرجنتين، وإنما بحسب المفهوم الغربى، أى اعتقال هؤلاء الأشخاص ومحاكمتهم والحكم عليهم بالسجن مع المحافظة على السرية. وهذا ما يجرى فى بعض الحوادث، وليس فى إسرائيل فقط، عندما يكون الكشف عن هوية الشخص، ونشر الأفعال المنسوبة إليه، أمرين خطرين، ومن شأنهما التسبب بضرر كبير.
3 الاعتقال السرى: إن السؤال المطروح ليس ما إذا كان علينا نحن أن نعرف بالقضية، وإنما هل إن الطرف المعنىّ بالموضوع كان يعرف الحقيقة. وفى الواقع، فإن الموساد الذى جنّد زيغير كان على علم بموضوع اعتقاله، وكذلك عائلته والمحامين الذين كانوا يمثلونه، والمحاكم التى وافقت على تمديد فترة توقيفه، ويبدو أنه حتى عائلته فى أستراليا كانت تعرف بتوقيفه.
4 التقصيرات: فى حال كان زيغير عميلاً للموساد، فإنه يجب دراسة كيف جرى تجنيد شخص من هذا النوع، وكيف تطور الوضع بحيث وجب اعتقاله بتهم خطرة. كما يجب إجراء تحقيق فى السجون لمعرفة كيف يمكن لمعتقل يخضع للرقابة المشددة أن ينتحر فى زنزانته. ويتعين إجراء تحقيقات داخلية بشأن هذين الموضوعين، على أن تكون خاضعة لرقابة خارجية، برلمانية قضائية، للتأكد من شموليتها وجديتها، ومن أجل استخلاص العبر المطلوبة.
5 إصدار أوامر بمنع النشر: إن الأسباب التى أدت إلى صدور قرار يمنع نشر تفصيلات عن القضية، مثل «إلحاق ضرر حقيقى بأمن الدولة»، تبددت منذ اللحظة التى انتشرت فى العالم تفصيلات المسألة. ففى عصر التكنولوجيا الحالى، من الصعب المحافظة على المعلومات، كما أن محاولة إخفائها من شأنها أن تزيد فى الأضرار. باختصار، فإن ما جرى قبل 30 عاماً مع مردخاى فعنونو (الذى هرب من إسرائيل وكشف أسرار المفاعل النوى الإسرائيلى الذى كان يعمل فيه، ونجح الموساد فى اعتقاله وحكم فى إسرائيل وسجن فترة طويلة)، وقبل 20 عاماً مع فيكتور أوستروفسكى (عميل موساد سابق نشر كتاباً فضح فيه أسرار الموساد بعنوان «طريق الخداع»)، لا يمكن القبول بحدوثه فى سنة 2013.