منذ 80 عامًا استفادت السينما المصرية من شهرة مطربين بارزين، وتحولت كثير من الأفلام إلى خلفية درامية لأغنيات لم يتسن التوصل إلى بعض نصوصها، إلى أن تمكن باحث مصري من جمعها في (موسوعة الأغنيات في السينما المصرية)، التي تُعيد اكتشاف ما يمكن اعتباره تراثًا كان ضائعًا. والموسوعة التي أعدها محمود قاسم تنسب للمطربين الفضل في تقريب الأفلام إلى الجمهور، ودفعه للاعتياد على مشاهدة السينما منذ ظهرت الأغنيات المصورة للمرة الأولى عام 1933 في فيلم واحد هو (الوردة البيضاء)، بطولة محمد عبد الوهاب، وسميرة خلوصي، وإخراج محمد كريم.
ففي ذلك الفيلم قدم عبد الوهاب ثماني أغنيات؛ خمس منها للشاعرين المصريين أحمد شوقي، وأحمد رامي، وأغنية واحدة للشاعر اللبناني بشارة الخوري، وعنوانها (جفنه علم الغزل) والتي أصبحت من أشهر تراث عبد الوهاب، وغناها مطربون من أجيال تالية؛ منهم المصريون علي الحجار، وآمال ماهر، وممدوح الجبالي، والتونسي صابر الرباعي، والسورية ميادة الحناوي.
وتبدأ الأغنية بالقول.. "جفنه علم الغزل، ومن العلم ما قتل، فحرقنا نفوسنا، في جحيم من القبل"، وتنتهي بالبيت القائل "إن عشقنا فعذرنا، أن في وجهنا نظر".
وخلا العام التالي من أغنيات في الأفلام ثم شهد عام 1935 أغنيات في فيلمين؛ هما (دموع الحب)، الذي لحن وغني فيه عبد الوهاب عشر أغنيات، وشاركته المطربة نجاة علي في اثنتين منها و(الغندورة) بطولة منيرة المهدية، ولكن الموسوعة لم تُذكر الفيلم الأخير ولا الأغنيات، التي أدتها المطربة الملقبة بسلطانة الطرب.
والموسوعة التي تسجل أغنيات الأفلام المصرية منذ 1933 إلى 2012، صدر منها مجلدان عن الهيئة العامة لقصور الثقافة التابعة لوزارة الثقافة المصرية، ويقعان في 1780 صفحة كبيرة القطع، ويضم المجلدان أغنيات الأفلام حتى عام 1949، وسوف تصدر المجلدات التالية تباعًا.
وقال الشاعر المصري طارق هاشم، في مقدمة المجلد الأول: "إن الجهد الموسوعي الذي بذله قاسم يسد فراغًا كبيرًا في المكتبة السينمائية، إذ يؤرخ للفيلم الغنائي مسجلا نصوص الأغاني ومؤلفيها ومطربيها وملحنيها، ومن الموسوعة "نتعرف على دواوين كاملة لشعراء؛ أمثال فتحي قورة، ومرسي جميل عزيز، وحسين السيد، وبيرم التونسي، وإسماعيل الحبروك" وشعراء آخرين لم تنشر قصائدهم وأزجالهم في كتب مطبوعة.
وتسجل الموسوعة نصوص أغنيات مطربين غير مشهورين حاليًا منهم نادرة، التي قامت عام 1936 ببطولة فيلم (أنشودة الراديو)، وقدمت فيه أربع أغنيات، لحنها كل من رياض السنباطي ومحمد القصبجي، وفي العام نفسه قدمت أم كلثوم فيلمها الأول (وداد)، وفيه تسع أغنيات ألحان القصبجي والسنباطي وزكريا أحمد.
كما تسجل أيضًا نصوص أغنيات غير معروفة لفنانين شبه مجهولين حاليًا منهم فوزي منيب، الذي قام عام 1936 ببطولة فيلم (الأبيض والأسود)، وغني فيه أربع أغنيات، لحنها محمود الشريف، أما الفنان يوسف حسني فغنى من ألحان زكريا أحمد، وكلمات بديع خيري في فيلم (مبروك) عام 1937، وهو نفس العام الذي قدمت فيه أم كلثوم فيلم (نشيد الأمل).
وفي عام 1937 أيضًا قدمت الفنانة الشامية بديعة مصابني المشهورة كراقصة فيلم (الحل الأخير)، وأدت فيه ثلاث أغنيات، لحنها فريد غصن، وكتبها كل من أبو السعود الإبياري، وبديع خيري.
ومن المطربين غير المشهورين حاليًا الفنانة (ملك) الملقبة بمطربة العواطف، والتي غنت في فيلم (العودة إلى الريف)، خمس أغنيات، لحنها كل من غصن والسنباطي، وكتبها كل من مأمون الشناوي ويوسف بدروس، إضافة إلى تلحينها وغنائها موالا من تأليف كامل الشناوي.
وتسجل الموسوعة، أن أسمهان أدت في فيلميها عدة أغنيات لعدد من الملحنين.
ففي فيلم (انتصار الشباب) عام 1941 لحن شقيقها فريد الأطرش أربع أغنيات؛ كتبها كل من بيرم التونسي، وأحمد رامي، أما أغنيات فيلم (غرام وانتقام) عام 1944، الذي عرض بعد وفاتها، فلحنها كل من فريد الأطرش والقصبجي والسنباطي.