لا تمثل استطلاعات الرأى التى تظهر تفضيل الأمريكيين لتولى المرأة أعمالا قتالية أثناء الحروب، بهامش 2 إلى 1 سوى دليل فقط على قوة التضليل، ونعم التلقين. وربما تكون حجج تفضيل عمل المرأة فى القتال المباشر، حسنة النية، تركز على الإنصاف، والفرصة والفخر بقدرات النساء بالتحديد. وللأسف، يعمل معظم من يطرحون تلك الحجج وفقا لافتراضات زائفة؛ ويمكننا القول، أكاذيب.
وليس الخطأ خطأهم. فعلى مدى العقود الماضية، دأبت وسائل الإعلام والثقافة الشعبية على تقديم حكاوى خيالية عن المرأة باعتبارها صوت العذاب، وفنون المعارك. فأين كل هؤلاء الرجال والنساء الشجعان الذين لديهم معرفة أفضل؟ وهل يمكن لأولئك المشرعين التوقف عن التأنق أمام الكاميرات فترة تكفى لدراسة هذه المسألة عن كثب. فربما يقوم الديمقراطيون بالاصطفاف فحسب وراء رئيسهم، لكن يبدو أن الجمهوريين يعانون من متلازمة ستوكهولم. فهم يتعرضون للصفع منذ فترة طويلة، وأصبحوا متعاطفين مع خاطفيهم.
ويمكن أن تكون أشهر حجتين لضم النساء إلى المعارك صالحتين، فى حال ألا تكونا خاطئتين: أولها أن المرأة المؤهلة فحسب يمكن ضمها إلى الوحدات القتالية. ثانيها لدينا جيش من المتطوعين، ومن ثم يمكن ضم من يرغبن فى الخدمة فى القتال إليه.
•••
ومن المؤكد أن بعض النساء أكثر لياقة من بعض الرجال، لكن من الصحيح أيضا أن معظمهن لسن بنفس قوة معظم الرجال. وكما كتبت من قبل، لدى النساء حوالى نصف قوة الجزء العلوى فقط من الرجل، وهو أمر خطير؛ عندما تمشى لمسافات طويلة حاملا على ظهرك 65 رطلا (وأثقل فى كثير من الأحيان) أو رفيقا جريحا. فليس من قبيل المصادفة أن كسور الإجهاد خلال التدريب الأساسى أعلى بين المجندات عنها بين المجندين من الذكور. وليس فى هذا إهانة للمرأة؛ فنحن نتحدث عن كتلة العضلات التى تأتى خلقيا، ولا علاقة لها بعدد المرات التى يذهب فيها المرء أسبوعيا لصالة الألعاب الرياضية.
وفى نفس الوقت، من الواضح بجلاء أنه سوف يتعين تخفيض المعايير البدنية من أجل السماح للمرأة بالانضمام إلى حيث لا تنتمى. ونحن نعرف ذلك لأن الجنرال مارتن ديمبسى، رئيس هيئة الأركان المشتركة، قال مؤخرا:
«إذا قررنا أن معيارا معينا مرتفعا لدرجة أن المرأة لا تستطيع الوفاء به، يصبح العبء الآن على الضباط، للعودة وشرح السبب فى كونه مرتفعا للوزير، وهل من الضرورى أن يكون مرتفعا لهذا الحد؟».
•••
وهذا يعنى إن لم تكن المرأة على مستوى هذه المعايير، فسوف نضع لها «قواعد النوع». أما بالنسبة لكون ذلك أمرا جيدا بالنسبة لفعاليتنا العسكرية، علينا أن نأمل فحسب أن يتمتع أعداؤنا بنفس العقلية. غير أن المرء يشك فى ذلك.
أما بالنسبة لجيشنا المكون من المتطوعين بالكامل، فهذا صحيح إلى أقصى درجة. وفى الواقع، ليس لدى الرجال خيار تخفيض القتال. فكيف يمكن للجيش تبرير منح النساء معاملة خاصة؟ فمنح المرأة دونا عن الرجل خيار تنفيذ مهمة قتالية من عدمه، من شأنه أن يسبب استياء عميقا بين الجنود من الذكور. أما أن تجعل الحياة أكثر إنصافا، والسماح لكل من الجنسين بالاختيار، فسيكون كما أوضح ذات مرة عالم الاجتماع العسكرى تشارلز موسكوس «نهاية قوة عسكرية فعالة».
•••
وبالمثل، يمكن ألا يكون هناك استبعاد للمرأة، إذا أعيدت صياغة مسودة عسكرية. وهو أمر مستبعد فى المستقبل القريب، على الرغم من مطالبة النائب تشارلز رانجل المتكررة بمسودة إلزام. ومن المتوقع أن يحتج مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية، الذين يتذكرون مسودة فيتنام. لكن آخرين، ذاكرتهم باهتة، أو من الجيل الأصغر الذى غمرته فكرة التمنى النسوية «إن أى شىء يمكن أن يفعله الأولاد، تستطيع الفتيات فعله»، ربما يجدوا مسودة أكثر.. مساواة.
ولاشك أن ذلك ممكن. فبمجرد وضع المرأة فى أدوار قتالية مباشرة (فى مقابل أن تجد نفسها فى ساحة القتال)، قد لا يكون هناك مبرر لاستبعادها من التسجيل فى الخدمة الانتقائية. وعلى نحو ما، تستند دائما حجة رفض إعداد مسودة قانون بشأن المرأة فى الجيش، على استبعاد المرأة من القتال.
•••
وعلى مدى التاريخ، كان أداء النساء مثيرا للإعجاب، فى مجموعة من الأدوار، شملت مواقف قتالية، لا تصل إلى مواجهة مباشرة للعدو. لكن هناك سبلا أخرى لتشجيع المرأة من دون تأليب الرجال ضدها. فإذا منحت المرأة معاملة خاصة، سوف يسبب ذلك استياء للرجال على نحو يعرض الجميع للخطر.
كما أن قبول الكونجرس لهذا التغيير من دن أى مناقشة لا يعد تقدما؛ بل هو تقصير فى أداء الواجب، وربما توخيا للجبن.