أثار تطبيق المنظومة الجديدة للخبز، التى أعلن عنها وزير التموين «باسم عودة»، والمقرر تطبيقها خلال شهرين على 19 محافظة، والتى تعتمد على توزيع الخبز بالكروت الذكية، قلق السواد الأعظم من المصريين، خاصة بعد تأكيد الوزير على أن المنظومة التى ستحرر أسعار الدقيق، لن تؤمن للفرد سوى 3 أرغفة يوميًا، ووفقًا لمصادر، فإن المشروع الجديد يحيطه الغموض من حيث آلية تنفيذه، والضوابط التى تضمن وصول الدعم لمستحقيه، فضلاً عن أن ملايين من الفقراء الذين هجروا قراهم خلال رحلة بحثهم عن عمل بالحضر، لن يستفيدوا من هذا الدعم، نظرًا لأن بطاقاتهم التموينية التى سوف تستخرج على أساسها الكروت، ما زالت على عناوينهم الأصلية، وقدرت أعداد هؤلاء بنحو 6 ملايين.
اعتبر خبراء أن مصير تجربة الخبز الجديدة ستكون نفس مصير كوبونات البوتاجاز التى أعلنت عنها ثلاث حكومات سابقة، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن.
محمد الشرقاوى، ترك قريته بالشرقية منذ سنوات وجاء للقاهرة مع أسرته المكونة من 6 أفراد؛ ليعمل حارس عقار، يقول: «دخلى من العمارة 800 جنيه، أشترى 20 رغيفًا فى اليوم ب 10 جنيهات «يادوب يكفونا»، ولا أستطيع الحصول على الرغيف «أبو شلن»؛ لأن أقرب مخبز يبعد حوالى 8 كيلو عن سكنى»، مضيفًا: «بطاقتى على عنوان القرية، لذلك لن أتحصل على ال 3 أرغفة التى لن تكفى لإطعام أصغر أبنائى».
ياسمين محمد، موظفة، تقول: «الرئيس مرسى صرح فى إحدى المناسبات بأن 80% مما استهدفناه فى تحسين رغيف الخبز قد تحقق خلال ال 100 يوم الأولى من حكمه، وأنا أشك كثيرًا أنه رأى شكل هذا الرغيف»، وتضيف: «رغم رداءة الرغيف المدعم والوقوف فى الطوابير للحصول عليه، فإن الحكومة «استكترته على الناس الغلابة» وقصرت الدعم على 3 أرغفة فقط للمواطن".
المشكلة فى التطبيق تحرير منظومة الخبز خطوة مهمة مع بيعه للمواطن بسعر مدعم، لكن تظل المشكلة فى التطبيق، بحسب الدكتور أنور النقيب، مستشار وزير التموين والمسئول السابق عن ملف الخبز فى الوزارة، لافتا إلى أنه حتى الآن، ورغم قرار تعميم التجربة على المحافظات خلال شهرين، بعد أن بدأت فى مدينة بورسعيد، لم تتوفر الكروت الذكية التى سيحصل من خلالها المواطن على حصته من الخبز المدعم لم، فضلا عن أن النظام الإلكترونى «السيستم»، الذى سيتم التعامل من خلاله، لم يحدد بعد، مرجحًا طرح الحكومة مناقصة بين الشركات خلال الفترة القادمة من أجل ذلك الغرض.
ولفت النقيب إلى أن تكلفة سحب الكارت من الماكينة تكلف الدولة جنيهًا فى المرة الواحدة، وأن ارتفاع تلك التكلفة قد يكون مقبولاً اقتصاديًا، كما فى كروت البوتاجاز حين يستخدم المستهلك الكارت مرة واحدة فى الشهر، لكن مع التعامل اليومى مع الخبز اعتبر المسألة مكلفة للغاية، يقول النقيب محذرًا من المساس بالرغيف، مؤكدًا أنه قد يُسقط نظامًا بأكمله وليس حكومة.
وحول تكلفة سعر الرغيف، والخلاف الدائر بين أصحاب المخابز والحكومة حول سعر التكلفة، أكد النقيب أن الوزارة، بمعاونة جهاز التعبئة العامة والإحصاء، أجرى دراسة منذ عامين على 1200 عينة من المخابز، كشفت أن تكلفة الجوال الذى يحتوى على 100 كيلو دقيقًا 67 جنيهًا، دون حساب هامش الربح، مشيرًا إلى أن أسعار العمالة تغيّرت خلال تلك الفترة، مع ثبات سعر القمح المدعم منذ عام 92 الذى يبيع الجوال للمخابز بسعر 16 جنيها. المخابز ترفض
رفض أصحاب المخابز سياسة الوزارة الجديدة ومحاولتها إرغامهم على تنفيذ تلك السياسة، موضحين أن المحافظة تريد تطبيق هذه الطريقة على غرار محافظة بورسعيد، وذلك بأن يقوم أصحاب المخابز بشراء الدقيق بسعره الحر من الأسواق، على أن تقوم المحافظة بتحصيله بسعر 33 قرشًا للرغيف، وتقوم ببيعه للمواطنين بسعر 5 قروش.
أكد عبد الله غراب، رئيس شعبة المخابز باتحاد الغرف التجارية، أن الوزارة قررت سياستها دون أن تجتمع مع الشعبة أو التشاور مع أصحاب المخابز، فى الوقت الذى لم تحل الخلاف القائم حول سعر تكلفة التصنيع. وقال إن الحكومة تتبع سياسة لىّ الذراع ، مشيرًا إلى مطالبتهم برفع سعر جوال الدقيق زنة 100 كيلو من 80 إلى 120 جنيهًا، وحساب التكلفة وفقًا لسعر طن القمح الحالى الذى ارتفعت أسعاره عالميًا، فضلاً عن الزيادة فى يومية العامل.
وأكد أن الشعبة سبق واتفقت مع الوزارة على أن تتسلم لجان التموين من المخابز رغيفًا بمواصفات جيدة، بحيث تضمن أن تنتج 10 أجولة دقيقًا 10 آلاف رغيف بوزن 130 جرامًا للرغيف «الطرى»، و120 جرامًا للرغيف الشامى، وبقطر 20 سم بدلاً مما هو حادث فى بورسعيد وكفر الشيخ، حيث تناقص وزن الرغيف إلى 90 جرامًا وفقًا للنظام الجديد، بما يعنى تحمل المواطن فارق ال30 جرامًا. وقال إن المخازن الآلية التى تفخر بها الوزارة تنتج خبزًا يورّد كعلف للمواشى. وانتقد غراب تحديد الحصة ب3 أرغفة للفرد، موضحًا أن السواد الأعظم من الحرفيين والغلابة يعتمد فى غذائه على الخبز، وما لا يقل عن 5 أرغفة فى الوجبة للفرد. ويضيف أنه يوجد 25 ألف مخبز على مستوى الجهورية، 19 ألفًا منها تنتج الرغيف المدعّم، و6 آلاف تنتج الرغيف الحر.
40 مليون كارت
«النظام الجديد لن يحل مشكلة طوابير الخبز»، يقول حمدى الفقى منسق اللجان الشعبية التابعة لوزارة التموين، موضحًا أن المشهد سوف يتكرر أمام منافذ التوزيع التى لم يُعرف حتى الآن، هل سيتم التعامل بالكارت الذكى مع المخبز أم الأكشاك أم البقال التموينى. مشيرًا إلى أن البقالين التموينيين، خاصة فى المدن الجديدة، بعيدون عن أماكن السكن، وهو ما يجعل نسبة 15% فقط من المستحقين، وهم القريبون من منافذ التوزيع، يستفيدون من الخبز المدعم، بالإضافة إلى أن 6 ملايين فرد، هى مجموع العمالة المهاجرة من الأرياف، لن يستفيدوا بالمنظومة الجديدة؛ لأن بطاقات تموينهم مسجلة على عناوينهم فى قراهم، رغم أنهم الأكثر حاجة للرغيف المدعم. مشيرًا إلى ضرورة تفعيل نظام التوصيل للمنازل التى نجحت لحد ما فى الريف، كما فى محافظة كفر الشيخ. متوقعًا ألا تحقق نفس النجاح فى الحضر، بسبب كثرة عدد السكان. ويؤكد الفقى أن تكلفة تصميم وطبع الكارت الذكى تقدر ب120 جنيهًا، وفقا لما قدره أحد أصحاب المطابع، متسائلاً عن كيفية تدبير مبالغ إضافية لتوفير 40 مليون كارت للمستحقين لدعم الخبز.