للدكتور محمد البرادعي، رئيس حزب الدستور، 3 محطات هامة، مثلت كل منها منعطفاً مهما فى تاريخ ثورة يناير، بدأت بمعارضة نظام حسني مبارك وحشد الشارع للثورة ضده، والثانية كانت مع إعلانه الانسحاب من خوض الانتخابات الرئاسية، ليكشف سياسيات المجلس العسكري، والثالثة هي التي يقود فيها البرادعي المعارضة ضد سياسيات الرئيس محمد مرسي، وجماعة الإخوان المسلمين.
ظل البرادعي دائما رقما صعبا في معادلة التغيير منذ دخوله معترك الحياة السياسية في مصر وحتى الآن.. ومنذ ذلك الوقت و"الشروق" معتادة على لقاء المعارض الأول على الساحة والذي أسهمت مجهوداته بشكل كبير في التحضير للثورة.
وها هو اللقاء يتجدد مع البرادعي في أجرأ حوار له بعد 4 شهور من حكم الرئيس محمد مرسي، مرشح الإخوان المسلمين، من موقع المعارض الذي لا يريد "إسقاط الرئيس" بل تصحيح مسار الدولة "مش عاوزين مرسي يمشي عاوزين البلد تمشي" بوضوح شديد يؤكد البرادعي.
في حواراته الماضية لم يختلف البرادعي كثيرا ولم تتغير مبادئه أو مواقفه (من سبتمبر 2010 وحتى يناير 2013) لكنه أصبح الآن أكثر اقترابا من الحياة السياسية المصرية، بعد تأسيسه لحزب الدستور، وتأسيسه مع آخرين لجبهة الإنقاذ الوطني.
لم يختلف في شكل هجومه على "السلطة الحاكمة" – وإن اختلفت الظروف والأشخاص - سواء مبارك أو المجلس العسكري فترة توليه مسئولية البلاد ، أو الرئيس مرسي، كما لم تختلف كثيرا وسائل وأدوات الهجوم عليه "والتي تشكل في مجموعها مجلدات" – وفقا لتعبيره.
لكنه الآن أكثر هجوما وتحديا بعد أن دخلت مصر إلى "معركة بين عصر الظلمات والنور". و"ثورة تسرق من جماعة بعض أعضاءها يفهم فكر يخالف رؤية قطاع عريض من الشعب"، أصبح أكثر اقترابا من المعارضة بغالبية أطيافها تفاديا ل "سيناريوهات مفتوحة في حال استمرار حالة الانقسام في المجتمع" ومع تدهور الوضع الاقتصادي "من يتحدث عن أن مصر لن تفلس، ويعترف بالمشكلة، هو الذي يؤدي بمصر إلى الإفلاس"، يقول البرادعي.
يرى أن اتهامات معارضيه له بمحاولة الاستقواء بالخارج "هراء"، وينفي وجود "أي شخص من الفلول" في حزبه الجديد، ويؤكد أن الجيش صمام أمان، ويكشف عن صفقات عقدها الجيش مع جماعة الإخوان المسلمين، ليختم حواره كما بدأه بأنه "كأن ثورة لم تقم وكأن نظام لم يسقط".
** اشكاليات نظام حكم الرئيس محمد مرسي من وجهة نظرك ؟ - التواصل مع باقي الشعب .. الاعتماد على الكفاءات لا الاهل والعشيرة .. ضرورة التأكيد على أنه رئيس للمصريين .. الشفافية والمصداقية حول وضعنا الاقتصادي .. التركيز على اسبقيات الناس؛ الأمية والتعليم والصحة والعشوائيات .. رؤية سياسية خارجية واضحة ويطمئن الخليج والغرب .. الاستثمار في الانسان.. واستمرار الحديث في الشعارات.
** حول الشعارات .. مثل ماذا ؟
- الحديث عن أن مصر لن تركع؛ مصر ركعت بعد وفاة 53 طفل في حادث قطار أسيوط، و ركعت لما اعتمد ومعتمدة على التبرعات والمعونة الأمريكية، وركعت وثلث الشعب المصري أمي، وركعت لما تجد الانسان المصري مكسور ومهان
- وشعارات أن العدو على الحدود فقط، لا انا عدوي في الداخل، عدوي في الأمية والصحة والعشوائيات، وحين أقف على رجلي فأنا أكبر من أي عدو على الحدود.
** البعض أيضا يقول أن معارضتك للرئيس مرسي أكثر قوة وتحديا منها وقت نظام الرئيس السابق؟
معارضتي للنظام السابق والحالي بنفس القدر وان اختلف الأسلوب والممارسات بتغير الظروف قبل وبعد الثورة وسأستمر في المعارضة طالما رأيت افتئات على حقوق الشعب وحرياته وكرامته ، وإلى أن أرى أننا وضعنا أنفسنا على الطريق السليم وهو ما لم أراه حتى الأن.
** نقلت عنك صحيفة الفانشيال تايمز قولك بأن مصر ستفلس بعد 3 شهور ؟
- من يقول أن مصر لن تفلس ويعترف بالمشكلة هو الذي يؤدي بمصر إلى الإفلاس.. أنا أتحدث عن حالة إفلاس بمعنى عجز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها القانونية.. نحن في وضع جميع مؤشرات الاقتصاد فيه تنذر بالخطر، وما لم يحدث استقرار سياسي وامني مصر لن تستطيع الوفاء بالتزاماتها.
-هبوط الاحتياطي النقدي الأجنبي من 36 مليار إلى 15 مليار دولار؛ جزء منه وديعة وجزء كبير غير قابل للصرف وتكفي لتغطية 3 أشهر فقط من السلع الغذائية والبترولية.. وتحذيرات البنك المركزي بأن مصر وصلت لوضع حرج، جاءت بعد ساعة من خطاب مرسي في مجلس الشورى.
- التصنيف الائتماني هبط 5 مرات، العجز في الميزانية 12% ، التضخم 15% ، 40 %عجز في ميزان المدفوعات، والبطالة 25%، والاستثمار الاجنبي المباشر في 2007 كان 15 مليار والآن مليار دولار ، ورأس المال المصري يهرب، وهناك 2 مليار دولار رأس مال أجنبي هرب للخارج.
- ومن أجل المصداقية والضمير، أقول أن من لا يتكلم ويعترف ويحذر من خطر افلاس مصر سيؤدي إلى افلاس مصر، نعم الدولة لا تفلس كالأفراد أو الشركات ولكنها تفلس عندما تكون عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها المادية.
** من دون توافق سياسي هل يمكن أن نتقدم اقتصاديا؟ .. وهل رجال أعمال المرحلة الحالية قادرون على تجاوز الأزمة ؟
- بدون التوافق لن يحدث أي تقدم، ومصر بحاجة فورية وعاجلة لاقتصاديين، لا لتجار؛ الاقتصادي لديه الرؤية لفلسفة الاقتصاد طويل الأجل وقصير الأجل، الاقتصاد الكلي، وهؤلاء غير متواجدين في دائرة الحكم.
- أعظم الكفاءات المصرية معظمها مش موجودة في أجهزة الحكم لا الرئاسة، أو الحكومة، أو المحافظات.. والعديد من شركات القطاع الخاص والكبيرة حولت المثير من انشطتها ورأس مالها إلى الخارج.
- مدخل الاقتصاد ونقطة البداية هي الدستور وحين يشعر كل شخص بأنه يعيش بكرامة وعزة نفس.
- قيادي اخواني ابلغني انه لا توجد كفاءات في جماعة الإخوان المسلمين أو الخبرة العملية بسبب أن النظام السابق لم يمكنهم من العمل في مواقع عديدة.
- قلت أن مؤيدي الدستور من الإسلاميين والأميين في حديث أخير مع شبكة بي بي أس الأمريكية؟
- دعني أوضح أننا بصفة عامة أمام الطبقة الوسطى المتعلمة في جانب والإسلام السياسي في جانب آخر، ورغم أن الكثير من الأميين فهموا بالبصيرة أن الدستور يحتوي على مشاكل، لكنه في الوقت نفسه تم اقناع الغالبية منهم أن الدستور شريعة ربنا !!
- وأتكلم عن حقيقة أن الشعب لن ينهض إلا بالتعليم والصحة.
** هل صرحت بأنكم مصممون أن تكون مصر علمانية ؟
-هذا كذلك من الكذب والتشويه مادة الشريعة الإسلامية في الدستور تم التوافق عليها وعشنا بها دون مشاكل.
- والعلمانية مفهوم مختلف وهو أننا نقف على قدم المساواة من كافة الاديان .. وهو أمر ليس موجود في مصر إذ استقرت دساتيرنا على ان مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وبالتالي فإن الحديث حتى عن مدنية الدولة امر ليس دقيقا .. الخلاف هو في فهم مختلف للشريعة الاسلامية وكيفية تطبيقها.