"أنا ممكن أتحرش ببنت آه.. بس تحرش محترم" .. هذا ما يطلق عليه "التحرش المحترم" الأكثر تداولاً بين شباب الجامعات، فما دمت تكتفي بمجرد "النظرة" أو "الكلمة" التي لا تقدم ولا تؤخر، فما الضرر منها!! أن تعترف بأنكَ متحرش، أو أنكِ "مُتحرش بها" تخط لنطاق الشجاعة أو عدم الحياء.. إلى الاستسلام بكونه حقيقة مُسلم بها، ولكن مواجهة الكاميرا لتقول "نعم أنا متحرش" و"متحرش غير محترم" شجاعة لم يقو عليها الكثيرون.
رامي محمد طالب بكلية التجارة، لم يتردد لحظة في أن يعبر عن "انبساطه" وهو يتحرش بأي فتاة، "أنا بتبسط أول ما بلمس البنت، لكن بندم بعد كده والانبساط بيروح، بس بيتكرر تاني".
ورداً على الفائدة التي تعود عليه من هذا التحرش "غير المحترم"، يقول رامي "كل واحد داخله غريزة أو شهوة، وأنا أقتل الشهوة اللي جوايا بالتحرش"، مؤكدا أن التحرش اللفظي هو – "معاكسة محترمة"، قائلاً: "لما أعاكس بنت وأقول لها كلمات الغزل مش هكون بسيء ليها"، وبتناقض شديد قال: "لو أختي حد عاكسها هيضرب طبعا" !!
يقول الدكتور مدحت عبد الهادي، استشاري العلاقات الاجتماعية والنفسية: إن المجتمع الشرقي يغفل تماما نسبة "الشهوة والغريزة" الموجودة داخل كل شاب أو فتاة، والتي تعتبر جزءًا أساسيا من التكوين النفسي للإنسان، متساويا مع العقل والعاطفة، ولكن الدور التثقيفي التربوي المنعدم في المجتمع هو الذي يزيد من حالات التحرش عند الفرد سواء كان رجلا أو شابا أو طفلا.
وأضاف "عبد الهادي"، أنه من الممكن أن يمتنع الفرد عن التحرش بالفتيات، ولكن سيسبب له آثارا نفسية سيئة على المدى البعيد، ولو كان متزوجا، مشيرا إلى أن الغريزة داخل كل إنسان يمكن أن تخمدها "القيم" والتثقيف دون كبت داخلي.
وتعليقا على إحساس "الانبساط" يقول عبد الهادي: إن هذه "النشوة" لا تستمر سوى أقل من دقائق لحظة التحرش باللمس، فهو يخمد الهياج الداخلي بهذه الطريقة.
وتقول مريم عبد العال طالبة بالخدمة الاجتماعية: إنها تتعرض للتحرش في أي وقت وليس في الزحام والمواصلات فقط، نافية قدرتها على اتخاذ أي ردة فعل تجاه من يتحرش بها، قائلةً: "مابقدرش أرد أنا بقيت أخاف من كل الناس في الشارع.. حتى إخواتى في البيت".
وتساءلت مريم ما الاستفادة من التحرش؟! .. المشكلة ليست بطالة أو صعوبة زواج "أنا أتعرضت للتحرش من الرجال الكبار وليس الشباب فقط".
وأكدت "ميادة إبراهيم"، أن عدم الرد على المتحرش غير مُجد، قائلة: "لازم ياخد اللي فيه النصيب".
نهال عماد، كلية تجارة، قالت: إنها تعرضت للتحرش بمختلف أنواعه، مؤكدةً "لم يعد هناك أمان في الشارع"، ورغم موافقتها على أن الرد على المتحرش يؤخذ بشكل خاطئ على البنت "إلا أن إحساس الخنقة بيجبرك إنك تاخدي حقك".
وفي هذا السياق، علق الدكتور عبد الهادي، أن المجتمع لا يراعي "الحالة النفسية" للبنت، قائلاً: "من المفاهيم الخاطئة في المجتمع أننا نقول إن البنت التي ترد على المتحرش أقل احتراما من التي تصمت"، مؤكدا أن إحساس "القهر والدونية" يظل مرتبطا في نفس الفتاة إذا لم ترد عليه، وتفضح أمره.
في النهاية، قد نتفق أو نختلف على أن الغريزة هي الجزء "الحيواني" داخل الإنسان ذكرا وأنثى، ولكن لا اختلاف على أن الانسياق وراء هذه الغريزة والشهوة ما هو إلا "تصرف حيواني" يفقدك قيمة أن تكون "إنسانًا".