"غير ودودة وغير ناجزة"، هكذا وصفت مصادر مصرية وعربية أخر اللقاءات التي أجراها في الإمارات وفد مصري، برئاسة عصام الحداد- مستشار رئيس الجمهورية لشؤون العلاقات الخارجية قبل نهاية الأسبوع الجاري حول مصير عدد من المصريين المقبوض عليهم بالإمارات، حيث يعملون ويعيشون بتهم أمنية يتم اختزالها مجازاً في اعتبارها "تشكيل كيان إخواني داخل الإمارات".
وتعددت أسباب غياب الود عن الاجتماعات، التي لم تشمل كافة الشخصيات الإماراتية، التي طلب الوفد المصري لقائها، بحسب مصادر "الشروق" التي تحدثت مشترطة عدم تحديد هويتها، منها عدم ارتياح إماراتي تقليدي للإخوان المسلمين ومنها أن الإخوان-بحسب قول دبلوماسي خليجي في القاهرة- لم تقبل رجاء متكرراً للإمارات العربية، وعلي أعلى مستوي بأن يتم التوصل لترتيب سياسي اقتصادي ما يمكن من خروج الرئيس السابق- حسني مبارك، من محبسه الحالي، حيث يقضي عقوبة السجن المؤبد، بتهمة غض النظر عن قتل متظاهري ثورة الخامس والعشرين من يناير، مقابل مساعدات اقتصادية سخية، ليس فقط من الإمارات وإنما ايضاً من السعودية وبلدان خارجية أخرى.
السبب الأخر -بحسب ذات المصادر- أن الشرطة والأجهزة القضائية الإماراتية لديها أدلة –تصفها بعض المصادر بالدامغة– على تورط الشخصيات الموقوفة بالسعي لضم مواطنين من الإمارات لكيان إخواني سعت هذه الشخصيات لإقامته في الإمارات.
وبحسب أحد هذه المصادر، فإن بعض من هذه الأدلة أُتيحت لاطلاع عواصم خليجية فاعلة، بما فيها "الرياض" التي يتجه إليها وزير الخارجية- محمد كامل عمرو، في زيارة تهدف ضمن أمور أخري لطلب الوساطة السعودية مع الإمارات؛ لحل أزمة الموقفين المصريين.
وتتضمن قائمة أدلة الإثبات -بحسب المصادر- تسجيلات لمحادثات بين بعض المقبوض عليهم ومواطنين إماراتيين، تتعلق بممارسة أعمال غير مشروعة على أرض الإمارات إلى جانب اعترافات وشهادات من جانب مواطنين إماراتيين، كانوا على صلة بهذه الأعمال والمحادثات.
ويقول مصدر إماراتي رسمي قريب من الأسرة الحاكمة، إن بلاده كانت دوماً ومنذ عهد الشيخ زايد، تضع مصر في مكانة خاصة، ولا تتردد علي الاطلاق في مد يد العون لها في كل شيء، ولكن ما يقوم به نظام الحكم في مصر الآن، تجاوز بالفعل أعراف هذه العلاقات الوثيقة، وخرقها مرات ومرات، فلم يبق علي مسار للود.
كما رفض المصدر ذاته، القول بأن الإمارات تتخذ موقفاً معادياً لمصر منذ سقوط مبارك، وقال "كنا نتمنى أن يتم التعامل مع الرئيس مبارك بصورة تأخذ في الاعتبار الأشياء الجيدة، التي قدمها لوطنه وللأمة العربية، هذا حقيقي ولكننا لم نتدخل في الشأن الداخلي المصري".
وأضاف المصدر أن تصريحات رئيس شرطة دبي- ضاحي خلفان، التي أثارت استياء في القاهرة؛ بسبب احتوائها على نقد مباشر للرئيس المصري جاءت مع بدء رصد تحركات "الخلية الاخوانية" في الإمارات، وهي التصريحات التي تم الاعتذار عنها في كل الاحوال من قبل السفير الإماراتي في مصر، "ولكننا في حينه اوضحنا أسباب انزعاجنا للخارجية، ولم يحدث شيء فيما ذكرنا".
وقالت مصادر الخارجية المصرية، أن الخارجية لا تتولي ملف التعامل مع الموقوفين المصريين في الإمارات، وأن الأمر يتم بالكامل من خلال جماعة الإخوان المسلمين وشخصيات مصرية مستقلة عملت لسنوات طويلة في الامارات، وأبدت استعدادها لتقديم الخدمات لحل هذه المشكلة، لكن الأمر لا يبدو سهلاً.
"الموضوع كله مع الإخوان وكل اللي بنقوله بلاش نخسر ناس أكتر من كده، لأن البعض يريد أن يُصعد في انتقاد الامارات وهو الأمر الذي سيعقد الدنيا ولن يحل شيء،" بحسب أحد هذه المصادر الدبلوماسية.
وأضاف المصدر ذاته، أن إثارة مسألة استضافة الامارات لأحمد شفيق- المرشح الرئاسي السابق، وأخر رؤساء وزراء حكم مبارك، المطلوب قضائياً في مصر، بعد تولي غريمه في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية محمد مرسي، لا يفيد ويتسبب في المزيد من الحساسية.
"النصيحة التي وجهتها الخارجية للإخوان أن يتم التركيز علي التعامل مع الاتهامات الموجهة للمصريين، وأن يتم التعامل مع الأمر بصياغة قانونية بالأساس، إضافة لتقديم تطمينات سياسية، ولكننا لم نتلق نتائج زيارة الوفد".
في الوقت نفسه، لفتت المصادر الدبلوماسية المصرية لتراجع كبير في علاقات مصر مع كل الدول الخليجية عدا قطر، وقال أحد المصادر بالعامية "العلاقات مع الدول دي بقت زفت، واحنا عندنا أزمة اقتصادية طاحنة وما حدش بيمدنا بأي مساعدة".
من ناحية أخري، علمت "الشروق" أن أحد أعضاء الوفد المصري في الامارات التقي ممثلين عن أسر الموقوفين ونقل إليهم ما يمكن أن يرقى لمستوي التطمينات، بأن الباب ليس مغلقاً تماماً أمام إيجاد حل سياسي لهذه المشكلة، مشيراً إلي أن خروج الموقوفين من محبسهم ممكن، ولكن حفاظهم علي أعمالهم في الامارات غير ممكن.