انخفاض أسعار الطماطم اليوم والبطاطس في الأسواق.. اعرف آخر تحديث    الإصدار الأول من «كتيب الاستفسارات» عن قانون التصالح في مخالفات البناء    طرح محال تجارية بمنطقة مطار إمبابة وسوهاج الجديدة للبيع بالمزاد العلني    "الإسكان" تناقش موقف مشروعات الشراكة مع القطاع الخاص.. مياه الشرب والصرف بينها    بالأرقام.. نتائج فحص حالات لسيارات ذوي الهمم خلال السنوات الثلاث الماضية    شرطة الاحتلال: خسائر كبيرة بالممتلكات إثر سقوط صواريخ في المستوطنات الشمالية    محذران من خطورة التصعيد على المنطقة.. وزيرا خارجية مصر والسعودية يؤكدان التضامن الكامل مع لبنان    شركة فرنسية ألمانية تزود أوكرانيا ب 12 مدفع هاوتزر    حزب الله: قصفنا برشقة صاروخية قاعدة إيلانيا العسكرية شمال إسرائيل    موعد مباراة الخليج والخلود في الدوري السعودي والقناة الناقلة    خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب 14 ملايين جنيه    «بيطري المنوفية»: حملات مكبرة على أسواق ومحلات بيع اللحوم والدواجن    ضبط 11 متهما بسرقة أموال ودراجات نارية بالجيزة والغربية    مسلسل برغم القانون الحلقة 16.. هل تعثر ليلى على مكان أولادها؟    دار نشر صينية تهدي معهد كونفوشيوس بجامعة القاهرة 350 كتابا من إصداراتها    اليوم.. عرض "لعل الله يراني" ل سهر الصايغ بمهرجان الإسكندرية السينمائي    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    جيش الاحتلال يصدر أوامر إخلاء عاجلة لسكان 20 قرية في جنوب لبنان    مصرع شخص وإصابة 6 آخرين في انقلاب سيارة بالشيخ زايد    في يوم الابتسامة العالمي.. 5 أبراج تحظى بابتسامة عريضة ومتفائلة للحياة    عادل حمودة: أحمد زكي كان يزور الطبيب النفسي بعد كل عمل يقدمه    محمد رمضان: سهر لاعبي الأهلي؟ متاح في حالتين    الصحة: فريق الحوكمة يتفقد عددا من المنشآت الصحية بسفاجا ويوجه بإجراءات عاجلة    وكيل صحة بني سويف: إجراء 7 عمليات جراحية رمد ضمن مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 4 أكتوبر في سوق العبور للجملة    أسعار طبق البيض اليوم الجمعة 4-10-2024 في قنا    هيئة الأرصاد تكشف عن موعد بدء فصل الشتاء 2024 (فيديو)    واشنطن تتهم بكين بالوقوف وراء عاصفة الملح    وزير الزراعة يبحث مع الغانم الكويتية تعزير استثماراتها في مصر    بحضور وزير الأوقاف.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيد البدوي    القناة الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك في الدوري المصري "سيدات"    اللجنة الأولمبية الجزائرية: ما يحدث مع إيمان خليف حملة ممنهجة    نجل أحمد شيبة يعلن مقاضاة بلوجر شهير    منتخب السويس يضم لاعب غزل المحلة    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    في ذكرى انتصارات أكتوبر.. منظومة التعليم العالي تشهد تقدمًا غير مسبوق بسيناء    وكيل الأوقاف بالغربية: انطلاق القافلة الدعوية المشتركة بين الأزهر والأوقاف    الكشف على 1263 مواطنا خلال قافلة طبية مجانية بالبحيرة    المركز الأفريقي للسيطرة على الأمراض: تسجيل 866 حالة وفاة ب"جدرى القرود"    مديرية أمن البحرالأحمر تنظم حملة للتبرع بالدم    حقيقة نفاد تذاكر حفلات الدورة 32 من مهرجان الموسيقى العربية.. رئيس الأوبرا ترد؟    جيش الاحتلال يطالب سكان أكثر من 20 بلدة جنوب لبنان بالإخلاء    ايه سماحة تكشف مفاجأة بخصوص نهاية مسلسل «عمر أفندي»    بسبب إمام عاشور وعمر جابر.. نجم الزمالك السابق يفتح النار على حسام حسن    هل يجوز الدعاء للزواج بشخص معين؟ أمين الفتوى يجيب    دعاء أول فجر في ربيع الثاني.. «اللهم بارك لنا في أعمارنا»    رسمياً.. فتح باب تسجيل تقليل الاغتراب جامعة الأزهر 2024 "الرابط الرسمي والخطوات"    محافظ الدقهلية يستقبل وفد اتحاد القبائل لتنفيذ مبادرة تشجير    حريق يلتهم سيارة ملاكي أعلى كوبري المحلة بالغربية    خروج عربة ترام عن القضبان في الإسكندرية.. وشهود عيان يكشفون مفاجأة (فيديو وصور)    قتلوا صديقهم وقطعوا جثته لمساومة أهله لدفع فدية بالقاهرة    حقيقة اغتيال هاشم صفي الدين    دعاء يوم الجمعة.. تضرعوا إلى الله بالدعاء والصلاة على النبي    لاتسيو يسحق نيس ويتصدر الدوري الأوروبي    مانشستر يونايتد يقتنص تعادلا مثيرا أمام بورتو في الدوري الأوروبي    تعرف على نصوص صلاة القديس فرنسيس الأسيزي في ذكراه    نائب مدير الأكاديمية العسكرية: نجحنا في إعداد مقاتل بحري على أعلى مستوى    أهالي قرية السلطان حسن بالمنيا يعانون من عدم وجود صرف صحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمير المؤمنين فى العصر الأمريكى
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 12 - 2012

مع كل مشرق شمس يثبت شرعا أن «الإسلام السياسى»، وعنوانه الأبرز «الإخوان المسلمون» لا يملك مشروعا للدولة، بل هو يعاملها، حيث يتملكها، كغنيمة حرب، منتعشا بأنه قد ثأر منها لظلمها فى الماضى، وسوف يستخدمها الآن للانتقام ممن نصروها عليه.

بل لقد ثبت بالوجه الشرعى أن «القوى الإسلامية» عموما، وطليعتها ممثلة بالإخوان المسلمين لم تدخل «العصر» بعد، وإنها تحاول اقتحام المستقبل من باب الماضى.

لقد تساهل الاسلاميون فى الشكل: البذلة، بدلا من الجلابية، ربطة العنق، الدراسة فى الغرب، وفى الجامعات الامريكية على وجه التحديد، شرح الشريعة بلغة إنجليزية صحيحة، ولكن بالمفاهيم التى ذهبوا بها وعادوا بها.

إنهم ينطلقون من قرارهم بأنهم الناطق باسم الإرادة الإلهية، فإن تنازلوا فهم أصحاب الإسلام، لا شريك لهم فيه، فإن تنازلوا أكثر اعترفوا بالمسيحيين واليهود كأصحاب كتاب.. ولكنهم، فى الوقت ذاته، لا يعترفون بمسلمين مختلفين عنهم. إذا كانوا هم «الإسلام» فإن ادعاء الآخرين أنهم «مسلمون» تزييف ونفاق!

السلطة أقوى من الدين. الدين وسيلة الى السلطة لا غير. ولصاحب السلطة أن يختار من مبادئ الشريعة وتفسيراتها ما يمكن من إلغاء الآخرين. يلغيهم بالتكفير، بالطعن فى صحة إسلامهم.. أما غير المسلمين فليس من حقهم المشاركة. هم رعية من أهل الذمة تحت حماية الحكم ذى الشعار الإسلامى. لا المسلمون المختلفون فى الرأى أو فى الموقف السياسى مواطنون متساوون معهم، ولا المسيحيون (أو اليهود) مواطنون. والانتخابات بيعة.. ولذلك لا يهم كم جمع المنافسون من أصوات، حتى لو كانت بمجموعها أضعاف ما نال مرشح الإسلاميين. هل نسينا انه بعد الخلفاء الراشدين لم يحكم أى خليفة بالانتخاب. الأرجح أن الأكثرية الساحقة من الخلفاء قد حكموا بالسيف والسيف أفصح من صندوق الاقتراع. لا تحفظ ذاكرة المسلمين من أسماء الخلفاء الذين حكموا بالعدل إلا نفر قليل لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.

البلاد فسطاطان: فسطاط المسلمين المؤمنين وفسطاط المارقين والخوارج وأهل (الردة): للمؤمنين بالخليفة (الرئيس) السلطة وللمرتدين السيف.. باسم الشرعية.

قرأ الإسلاميون سيرة الحكم باسم الإسلام أكثر مما قرأوا روح الدين الحنيف. قرأوا الخلافة وتاريخ الخلفاء. قرأوا مؤامرات الخروج على الخليفة بوصفها خروجا على الدين. ليس للخليفة «معارضة». المعارضة خروج على الإرادة الإلهية، أليس باسم هذه الإرادة معززة بالواجب الشرعى، يتوج الخليفة ظلا لله على الأرض. من يخرج من دائرة الظل هلك ولو كان من أهل البيت، وفى المدينة المنورة او حتى فى مكة المكرمة.

لم يعرف حكم الأمويين والعباسيين والفاطميين وحتى المماليك والعثمانيين معارضين وموالاة. الحكم للسيف والسيف هو من يقرر الإيمان. المعارض كافر لأنه يعترض على حكم الله الذى صادره واختزله الحاكم الخليفة أمير المؤمنين بشخصه ومن معه.

لم يعرف الحكم الإسلامى فى أى عصر الانتخابات أو الدستور: البيعة أو القتل، والقرآن بمفسره لا بمضمونه وروح النص فيه.

من يستطيع الزعم أن من حكم بعد الخلفاء الراشدين قد وصل الى الخلافة بأصوات الأكثرية؟! لقد وصل عموما بالسيف. ومعروف ان العديد من الخلفاء لم يكن لهم من الحكم إلا الاسم، وان الحاكم الفعلى كان قائد العسكر وليس الخليفة. الم يُنصب بعض الأطفال خلفاء؟ ألم يكن معظم من حكم باسم الخلافة العباسية والفاطمية من بعد، من غير العرب الذين اسلموا بالسيف؟ الم تنتهِ الخلافة إلى غير العرب، ثم ارتأى صاحبها العثمانى أن يكون سلطانا لا خليفة يمكن الطعن بنسبه. المهم أن تبقى له القدرة على أن يحيى ويميت بأمره وبشرعه تاركا للمفتين من موظفيه أن يتخذوا من كلامه بديلا من شرع الله؟

كيف يمكن محاسبة الإخوان المسلمين بالدستور الذى يكتبه البشر وهم يرون فى أنفسهم أنهم يستندون الى الدستور الإلهى، وحدهم بغير شريك؟.

ربما لهذا وافق الحاكم فى مصر أن يستبدل الصيغة الدستورية بأخرى معدلة، ولعله مستعد لاستبدال الجديدة بثالثة.. فكل ذلك سطور بحبر على ورق، أما القرار فله منفردا، بقوة استفتاء قد لا يشارك فيه إلا المؤمنون بعودة الخلافة!

عند السياسة يجب ان يرتاح الدين. الخليفة مفوض مطلق وله الشرعية المطلقة، وله على الناس حق الطاعة، وليس للناس حق المحاسبة.

ولكن ماذا عن اختلاف الزمان؟ نرجع الى «المرشد» فيفتى لنا ويقرر عنا:

فى السياسة لا حرج فى العلاقة مع الإدارة الامريكية. لا حرج فى اتخاذها مرجعا، ليس الإيمان بالدين الحنيف شرطا للعلاقة السياسية. كثير من الخلفاء حالفوا خصومهم من الكفار ضد إخوتهم من المؤمنين، بل أحيانا ضد أشقائهم وأهل بيتهم. من قال أن العلاقة مع البنك الدولى أو صندوق النقد الدولى حرام أو كفر، بغض النظر عن شروط القروض؟

من قال إن العلاقة مع العدو الإسرائيلى كفر أو حرام؟

ألم يهادن الرسول، خلال حروبه؟ ألم يعقد الاتفاقات مع من كانوا فى حكم الأعداء؟.. هادن حتى تمكن. وها نحن نهادن حتى نتمكن. خلال هذه الفترة لا بأس من طمأنة العدو. وماذا إذا كتب الرئيس لنده الإسرائيلى مجاملا ومطمئنا، حتى لو بدت المجاملة اقرب إلى النفاق ولا تليق بمقام «صاحب مصر»؟ أليست الحرب خديعة؟! لماذا لا نخادع الخارج طالما اننا نخادع الداخل، حلفاء وخصوما؟

على ان مخادعة الداخل تبدأ وتنتهى لتكرس احتكار السلطة: فالأمر لصاحب الأمر طالما انه «صاحب مصر» فكيف يناقش فى حقه فى محاسبة الخارجين على طاعته؟! لقد تكرم عليهم بدستور لحكمه، وهذا فضل يذكر له، فكيف يرفضونه؟ ثم يرفضون التعديل الذى تكرم فأجراه على النص الأول، ومن أين لهم بحق الرفض؟ إنها ردة إذن، وليس لأهل الردة إلا السيف!.

لقد وصل الإخوان المسلمون الى الحكم فى مصر، وفى جهات أخرى، بمصادفة قدرية. كانوا وحدهم المنظمين وأصحاب الخبرة والقدرة على التنظيم والحشد واستخدام الشعار الإسلامى فى بيئة متدنية ومستعدة لقدر من التعاطف مع «مظلوميتهم التاريخية» نتيجة تصادمهم مع أهل السلطان فى ماضى الصراع على السلطة..

وصلوا بأكثرية الصوت الواحد. هذا غير مهم. لقد أدت الديمقراطية دورها وعليها أن تنسحب من المسرح. صاح كبيرهم: «ها قد استعدنا زمن الخلافة.. وأنا الخليفة والأمر لى بعد الآن فانتشروا!» وانتشر الإخوان فى المؤسسات والإدارات ومواقع السلطة. حيدوا الجيش، لكن القضاء كان عقبة. تحايلوا عليه فلما عصا الأمر تجاوزوا الدستور الذى شاركوا فى صنعه وكتبوا دستورا جديدا.. وحين اعترض القضاء قفزوا من فوقه واعتبروه من مخلفات عهد الطغيان. سيكون لهم قضاء منهم، أليس الرئيس الخليفة القاضى الأول والمرجع الأخير؟.

تبقى القوى السياسية. حسنا، سيكون لها الخيار: إما الدينار وإما السيف. إما الصمت وإما السجن (أو القبر إذا لزم الأمر).

ثم.. من هذه القوى؟! إنهم أفراد أو جماعات محدودة تطالب بحق المشاركة، تدعى أن جمهورها أعرض وأقوى.. فليكن الشارع هو المرجع: لنا شارعنا ومعنا السلطة ولهم شارعهم فى مواجهة السلطة. ليحكم السيف!

..وأول الغيث رزمة من الضرائب التى تظهر جبروت الخليفة وقدرته على الايذاء: تقبلون نقصا فى الديمقراطية باسم الدستور، او نقصا فى أسباب الحياة يأخذكم الى مهنة العوز وذل الجوع؟! اتريدون الديمقراطية مع الشبع ايها الكفرة؟!

لقد خيرتكم فاختاروا وقد أعذر من أنذر!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.