يقف الرئيس المصرى محمد مرسى أمام أحد أصعب التحديات السياسية التى واجهته خلال فترة حكمه القصيرة. فلم تنجح مصر من خلال استدعاء سفيرها فى إسرائيل ل«التشاور» فى التخفيف من حدة الضغوط التى تمارس عليها من جانب قيادة «الإخوان المسلمين». ويمكن القول إن إرسال رئيس الحكومة المصرية هاشم قنديل إلى غزة يهدف، من بين أمور أخرى، إلى التوضيح للشعب المصرى أن الحكومة المصرية تقف إلى جانب «حماس» والشعب الفلسطينى فى غزة. يبذل الرئيس مرسى جهوداً عربية ودولية من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ذلك بأن استمرار المعارك فى غزة من شأنه أن يتسبب باندلاع تظاهرات فى مصر، التى بدأت تشهد اعتصامات وتظاهرات بأعداد قليلة. وبالاستناد إلى مصدر صحفى مصرى، فقد تحدث مرسى بالأمس مع ملك الأردن وطلب منه أن ينقل إلى نتنياهو تخوف مصر من استمرار الاشتباكات، واستعدادها للتوصل إلى اتفاقات ملزمة مع «حماس» شرط وقف إطلاق النار. كذلك تحاول مصر، التى تتخوف من معركة برية طويلة الأمد، تجنيد السعودية من أجل ممارسة الضغط على واشنطن للجم إسرائيل ومنعها من توسيع رقعة عملياتها العسكرية.
إن زيارة رئيس الحكومة المصرية لغزة لا تهدف إلى التعبير عن التضامن، بقدر ما تهدف إلى تقديم مجموعة من المقترحات ل«حماس» من بينها وقف إطلاق النار، واستعداد مصر لإعادة فتح معبر رفح أمام البضائع. كما ستبدى مصر استعدادها للبحث فى الخطة الاقتصادية لترميم غزة، والتى تعهدت قطر بتمويلها عبر تقديمها مساعدة بقيمة نصف مليار دولار لغزة. فى مقابل ذلك
ستطلب مصر من «حماس» وضع خطة لمحاربة التنظيمات الراديكالية التى تنشط فى سيناء وفى غزة، وإعلان تهدئة طويلة الأمد، والموافقة على البدء بعملية المصالحة مع السلطة الفلسطينية.
ولقد أُرسلت الخطوط العامة للمبادرة المصرية إلى خالد مشعل وموسى أبومرزوق وزعامة «حماس» فى غزة، وتأمل مصر بأن يتمكن رئيس الحكومة المصرية من التوصل يوم الجمعة إلى اتفاق مبدئى مع «حماس» بحيث لا يعود إلى مصر خالى الوفاض، وبالتالى يتسنى لمصر الاستمرار فى مساعيها الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية. وفى حال الفشل فى تحقيق ذلك
يمكنها حينئذ الادعاء أن إسرائيل هى التى ترفض الاقتراح الذى تقدمت به لوقف إطلاق النار.
فى حال أصرت إسرائيل على مواصلة هجومها على «حماس» من دون الأخذ فى الحسبان المساعى المصرية، فإن ذلك سيؤدى إلى القضاء على فرص الوساطة المصرية التى يقوم بها نظام محمد مرسى، والتى سيكون هناك حاجة إليها أيضاً فى المستقبل. إن مرسى لا يسعى لمساعدة «حماس» فحسب،