لليوم الثاني على التوالي، واصل طيران الاحتلال الإسرائيلي غاراته على قطاع غزة، ما ردت عليه المقاومة بإطلاق صواريخ وقذائف على جنوبي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وسط تحذيرات دولية من تفجر الوضع في منطقة الشرق الأوسط. فصباح اليوم، أودت غارة إسرائيلية بحياة ثلاثة من نشطاء كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، شرقي خان يونس جنوبي قطاع غزة. كما استشهد فلسطينيان آخران شمالي غزة؛ ما يرفع عدد الشهداء منذ بدء غارات الاحتلال مساء أمس الأول، إلى 15 شهيدًا؛ بينهم قائد كتائب القسام، وما لا يقل عن مائة جريح، وفقًا لمصادر طبية فلسطينية.
وبحسب التليفزيون الإسرائيلي، فإن صاروخًا أطلق من غزة أصاب مبنى في كريات ملاخي؛ ما أودى بحياة ثلاثة إسرائيليين، وأصاب أربعة بجروح. وتبنت كتائب القسام هذا القصف، مضيفة أنها قصف أيضا مدينة تل أبيب بصاروخ "فجر 5"، فضلا عن إطلاق صواريخ أخرى على بلدات إسرائيلية.
وقد أطلقت المقاومة أربعة صواريخ جراد باتجاه منطقة بئر السبعت، واعترضت منظومة القبة الحديدية اثنين منها، ولم يعلن عن إصابات بشرية.
وبعيد تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأنه سيتم توسيع نطاق العملية العسكرية إذا اقتضت الضرورة، أعرب ضباط كبار في المنطقة الجنوبية لجيش الاحتلال عن اعتقادهم بأن شن عملية برية في غزة ليست إلا مسألة وقت.
هؤلاء الضباط أضافوا بأن العملية البرية ستكون مرحلة مكملة للغارات الجوية، مضيفين أن نطاقها سيكون أوسع بكثير من عملية "الرصاص المصبوب" عام 2008. وأودت هذه العملية بحياة ما لا يقل عن 1400 فلسطيني، مظمهم مدنيون، مقابل أقل من عشرين إسرائيليًا، معظمهم عسكريون.
وقد عطل الاحتلال الدراسة في جميع مؤسسات التعليم بالمناطق التي تبعد حتى مسافة 40 كيلو مترًا عن غزة وعن مدينتي غاديرا ويافنيه، كما توقفت الدراسة في جامعة بن جوريون، وتم إغلاق المراكز التجارية، وطلبت السلطات من سكان المناطق المحاذية للقطاع التواجد قرب الغرف المحصنة والملاجئ، وعدم التوجه إلى أماكن العمل.
وعبر منشورات ألقت بها طائرات، دعا جيش الاحتلال سكان غزة، أكثر من 1.5 مليون نسمة، إلى الابتعاد عن المناطق التي ينشط فيها أفراد المقاومة، تفاديًا للغارات الجوية. وأعلن وزير الدفاع، إيهود باراك، أن عملية "عمود الغيمة" تهدف إلى "تقوية قوة الردع الإسرائيلية، وإصابة نظام إطلاق الصواريخ والبنى التحتية للإرهاب إضافة إلى حماية سكان المناطق الجنوبية".
ووفقًا لمتحدث باسم جيش الاحتلال، تمت إصابة حوالي 100 منصة لإطلاق الصواريخ بعيدة المدى ومتوسطة المدى في غزة؛ ما ألحق ضربة شديدة جدًا بمخزون هذه الصواريخ، فضلا عن استهداف مجموعات وصفها ب"الإرهابية".
وبحسب مصادر فلسطينية، شن طيران الاحتلال نحو سبعين غارة جوية، وقصف حي الزيتون شرق مدينة غزة وموقعًا للأمن الداخلي التابع لحكومة حماس جنوبي القطاع، فضلا عن بلدة بيت لاهيا ومخيم جباليا وبلدة دير البلح.
وقد سمحت الحكومة الأمنية الإسرائيلية مساء أمس باستدعاء بعض الاحتياطيين "إذا اقتضت الحاجة، ومع موافقة وزارة الدفاع". وشدد جيش الاحتلال على أن "هذا الاستدعاء ليس تعبئة عامة". فيما ذكر راديو إسرائيل، نقلا عن مصادر أمنية، أمس أن "هناك حركة نشطة لقوات من لواء المظليين ولواء جفعاتي باتجاه غزة" المحاصرة إسرائيليًا من أكثر من خمس سنوات.