رغم تعدد فاعلياته وأنشطته، تبقى مقتنيات الشيخ سلطان القاسمى حاكم الشارقة المهداة إلى المجمع العلمى المصرى الذى احترق، هى الأبرز بمعرض الشارقة للكتاب، التى تحل عليها مصر « ضيف شرف». تلك المقتنيات المعروضة فى مدخل المعرض داخل «مجموعة زجاجية»، أشبه بمتحف مفتوح، تضم 4000 عنوان نادر. يقف بجانبها الإعلاميون؛ لإجراء حوار مع أديب هنا، أو مفكر هناك. ويلعب فى رحابها أطفال المدارس الذين يأتون باهتمام غريب لمتابعة أنشطة معرض الشارقة للكتاب الذى تأسس منذ 1982.
مقتنيات معروضة كأنها جزء أصيل من المعرض، ليست محفوظة فى مخازن بوزارة ما، أو مقفول عليها بسلاسل وحديد؛ فلا يستفيد منها أحد، ولا يخرج منها إنتاج علمى.
وتلك المقتنيات هى الأبرز؛ لأنها حديث الناس والمثقفين، والذى غلب مثلا على لقاء صابر عرب وزير الثقافة والدكتور أحمد زكريا الشلق، والروائى جمال الغيطانى، وسط اندهاش كيف جمع سلطان القاسمى من مكتبته ومكتبات أخرى كل هذه المجموعة، ولماذا ينشغل بمثل هذا الأمر، المفترض أن يهتم بها المثقفون المصريون أنفسهم، خاصة أن المجموعة المهداة نادرة؛ لأنها تضم مثلا كتاب وصف مصر الشهير بما يتضمنه من نصوص ولوحات مشهودة لعلماء وفنانى الحملة الفرنسية، أو موسوعة (ديدرو ودالموبير)، (ومصر والنوبة) لدافيد روبيرتس و(رحلة فى مصر العليا والسفلى) لفيفون دنيون، و(الفنون العربية فى القاهرة من خلال آثارها) لبريس دافين و(هندسة القاهرة المعمارية العربية) لكوست و(ذكريات القاهرة) لبريزيوسى) و(قواعد اللغة المصرية القديمة) لشامبليون، فضلا عن منشورات المجمع مثل النشرة العلمية التى يعود تاريخها إلى أكثر من قرن ونصف القرن.
يأتى كل هذا وسط احتفاء معرض الشارقة الذى افتتح أمس الأول الأربعاء، بالثقافة المصرية وتراثها، وبمشاركة روائيين مصريين منهم جمال الغيطانى ويوسف زيدان وسيد حجاب وهدرا جرجس، وعروض فنية من فرقة الأقصر، واهتمام من سلطان القاسمى المعروف عنه قربه وتعلقه بالثقافة المصرية، والذى زار عدد من أجنحة النشر، ومنها دار الشروق الناشرة لمذكراته «سرد الذات».
كان أيضا من أبرز الأنشطة الثقافية بالمعرض، حديث وزير الثقافة الدكتور محمد صابر عرب، والدكتور أحمد زكريا الشلق أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس فى ليلة الافتتاح عن الإمام محمد عبده، وتجديد الفكر الإسلامى، حيث أوضح عرب كيف كان الإمام محمد عبده فيلسوفا مستنيرا، جدد ذهنية المسلمين، رافضا مثلا فكرة الدولة الدينية، قائلا إن الإسلام لم يعرف عبر تاريخه ما يسمى بالدولة الدينية.
كما أشار عرب إلى النقطة المهمة فى فتاوى الشيخ محمد عبده، والتى تجاوزت القضايا الاجتماعية والميراث والتعليم وصولا إلى رأيه فى الصور والتماثيل، وقد سئل عن حكم الشرع فى ذلك، وقد أجاب بقول لايزال بعض الفقهاء يترددون فى حسمه، وفقا لعرب: «إن الراسم قد رسم والفائدة محققة لا شك فى ذلك وفكرة تعظيم التمثال أو الصورة هو قول قد مُحِى من الأذهان».
أما أحمد زكريا الشلق فقال إن محمد عبده كان من أنصار الحرية فى القول والكتابة حيث كان يلتمس سن القوانين للرقابة على المطبوعات، وتولى بنفسه أمر هذه الرقابة فى عهد رئاسته لتحرير الوقائع، وذلك لخشيته من انتشار الكتب الضارة بالدين، والخرافات وانتشار اللهجات الركيكة والموضوعات المؤذية للأخلاق.
ومن الفاعليات اللافتة للنظر «بوكر طريق المشاهير» التى تحدث فى أولى ندواتها الروائيون: يوسف زيدان الفائز بها عن رواية «عزازيل»، وشربل قطان من لبنان، وفادى عزام من سوريا.