الدار البطريركية هى المقر الرئيسى للمؤسسة الكنيسة، حيث مقر البطريرك، وتعرف أحيانا ب«القلاية» أو «القلاية البطريركية»، وكان مقرها فى بداية الأمر فى مدينة الإسكندرية حيث بشر القديس مرقس الرسول بالمسيحية؛ وهو أول البطاركة (56-68م)، ومن هنا أخذ البابا لقب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية. ثم انتقلت الدار البطريركية بعد ذلك من الإسكندرية إلى كنيسة السيدة العذراء «المعلقة» بمنطقة مصر القديمة بعد الفتح العربى الإسلامى لمصر سنة (20ه/640م). ويرجع هذا الانتقال إلى تحول عاصمة البلاد إلى الفسطاط ثم ضواحيها العسكر والقطائع وحاجة البابا إلى إن يكون قريبا من ولاة الأمور ليرعى شعبه. ثم انتقلت الدار البطريركية بعد ذلك إلى كنيسة مرقوريوس أو أبوسيفبن بمصر القديمة بالقرب من الفسطاط.
وبعد أن أمر المعز لدين الله الفاطمى (341-365ه/952-975م) قائد جيوشه جوهر الصقلى (358-362ه/968-972م) بإنشاء القاهرة تحولت الدار البطريركية إليها؛ واستقرت فى حارة زويلة بحى بين السورين منذ عام (703ه/1303م).
وفى العصر العثمانى انتقلت الدار البطريركية إلى حارة الروم السفلى بمنطقة الغورية بالقاهرة، وظلت بها ما بين عام 1071ه/1660-1214ه/1799م.
ومع بداية القرن التاسع عشر انتقلت الدار البطريركية إلى حى الأزبكية بشارع كلوت بك الذى كان يعتبر من أكبر الأحياء القبطية آنذاك؛ وهى حاليا تعرف بالكنيسة المرقسية القديمة، ولا تزال تمارس بها الشعائر الدينية إلى الآن.
ويرجع الفضل إلى قداسة البابا بطرس السابع البطريرك رقم (109) (1809-1852م) إلى اتخاذه الكنيسة المرقسية مقرا بابويا؛ وهى الكنيسة التى كان المعلم إبراهيم الجوهرى الذى تنيح سنة (1796م) قد حصل على فرمان عثمانى ببنائها من إحدى أميرات البيت السلطانى، وقد استمرت هذه الكنيسة مقرّا بابويا حتى ختام حياة البابا «كيرلس السادس البطريرك رقم (116) (1959-1971م).
وفى الثلث الأخير من القرن العشرين انتقلت الدار البطريركية إلى مقرها الحالى بالعباسية بدير الأنبا رويس بالقاهرة، بعد أن نجح قداسة البابا كيرلس السادس البطريرك (116) من الحصول على موافقة من الرئيس جمال عبدالناصر (1954-1970م)، الذى حضر بنفسه مشاركا البابا كيرلس السادس فى وضع حجر أساسها فى 24 يوليو 1965م، كما أن رئيس الدولة أعلن مشاركة الدولة ماديا فى بنائها للمرة الأولى فى تاريخ مصر. بينما يرجع الفضل لقداسة البابا شنودة الثالث المتنيح فى 17 نوفمبر 2012م، البطريرك رقم (117) منذ(1971م)، فى الانتقال لدار البطريركية الجديد بالأنبا رويس واستكمال بناء وتشطيبات الكاتدرائية المرقسية، ولا تزال الأعمال والتجديدات والترميمات مستمرة بها حتى كتابة هذه السطور.