أكد الناقد الأدبي الدكتور عبد المنعم تليمة أن طه حسين هو صاحب أول منهج في حضارتنا ونهضتنا الحديثة. وقال تليمة، في تصريح لوكالة أنباء أنباء الشرق الأوسط، إن طه حسين هو أول من فتح باب المنهج النقدي التقويمي للتراث، مضيفا: "لابد أن نعتز بتراثنا وأن نعتد به وأن نستلهم منه، لكن بعد وضعه على محك النقد والتقويم لأنه ليس كل ما وصل إلينا يصلح الآن". وأوضح أن التراث له "قيمته في زمنه، والتقوبم والنقد لكل ما وصل إلينا يظل مهما عند النظر إلى التراث". وأشار إلى تميز طه حسين في قراءته للتراث وخصوصا تراث الشعر العربي، لافتا إلى أنها قراءة مستنيرة عصرية منهجية موضوعية.
وقال إن طه حسين كتب في التاريخ الإسلامي ما لم يكتبه أحد، لافتا إلى أن أهم سيرة بعد سيرة "إبن هشام" هي "على هامش السيرة" لطه حسين، ورآها "أول سيرة عقلانية"، مشيرا إلى أن طه حسين كتب عن فجر الإسلام والفتنة الكبرى ومقتل عثمان بن عفان والشيخين أبي بكر وعمر، كتابات عميقة ما يجعله "مؤرخا للحضارة العربية الإسلامية".
وأشار تليمة إلى أن رسالة الدكتوراه الأولى لطه حسين عن "أبي العلاء المعري" كانت أول رسالة دكتوراة تقدم في أول جامعة عربية، وهى جامعة القاهرة (الجامعة المصرية في ذلك الوقت)، لافتا إلى أنها ترجمت إلى لغات عدة ويعتمد عليها الباحثون كمرجع مهم في دراساتهم الأدبية.
أما رسالة الدكتوراه الثانية التي كتبها طه حسين بالفرنسية عن "ابن خلدون وفلسفته الاجتماعية"، فترجمها للعربية محمد عبد الله عنان، لتكون بمثابة مرجع مهم في هذا الصدد للباحثين والخبراء.
وأوضح تليمة أن طه حسين أبدى اهتماما خاصا بالأدب اليوناني، فكان أول من ترجم "نظام الأثينيين" لأرسطو بعد أن ترجم أستاذه أحمد لطفي السيد كتاب "الأخلاق" لأرسطو، مشيرا إلى أن طه حسين اهتم بترجمة الأدب اليوناني، فيما لطفي السيد اهتم بترجمة الفلسفات.
وأضاف أن طه حسين هو من أسس الدراسات الكلاسيكية في مصر، وكان أول من أنشأ الأقسام العلمية المتخصصة في الدرسات اليونانية واللاتينية في الجامعات المصرية. وقال إن المتابع للنهضة المصرية سيجدها متناثرة بين الشعر والمسرح والغناء والأدب، وكل ذلك مجموع عند طه حسين وحده.
وأشار إلى أن طه حسين عندما ذهب في بعثة إلى فرنسا اختار أن يكتب رسالة دكتوراه عن ابن خلدون، لأنه يعلم أنه سيعود إلى مصر للقيام بدور اجتماعي مهم جدا، فدرس ألمع شخصيات الفكر العربي وهو ابن خلدون.
وأوضح تليمة أنه بالرغم من أن طه حسين شاعر وقاص وروائي وناقد وكاتب، إلا أنه كان ينظر لنفسه على أنه معلم وأن النهضة أساسها العلم، وهو صاحب مقولة "التعليم كالماء والهواء"، وهو كفل بذلك التعليم كحق دستوري لجميع المصريين.
وأشار إلى أن طه حسين أسس مجلة "الكاتب المصري" ليفتح نافذة على العالم، فعرفنا جميع أعمدة الفكر الحديث من أمثال: جان بول سارتر وفرانز كافكا، وأتاح فرصة لجيل الشباب ليحتكوا بهؤلاء العمالقة عن طريق الترجمة وكتابة المقالات النقدية.