الرئيس السيسي يقود سفينة الوطن نحو التنمية الأضخم في تاريخها المعاصر    كتاب دوري بشأن نشر أية معلومات وبيانات عن نشاط صناديق التأمين الحكومية    المؤتمر: مبادرات الدولة المصرية بملف الإسكان تستهدف تحقيق رؤية مصر 2030    رئيس الأركان الإسرائيلي: مصممون على تدمير البنى التحتية لحزب الله قرب الحدود    فصائل عراقية: هاجمنا هدفًا في جنوب إسرائيل بطائرة ذات قدرات متطورة    أخبار الأهلي: شوبير يكشف مفاجأة في مصير علي معلول مع الأهلي    أخبار الأهلي: شوبير: لجنة الانضباط قررت إيقاف مروان حمدي 6 شهور.. واتحاد الكرة رفض    تشكيل مانشستر يونايتد الرسمي أمام بورتو في الدوري الأوروبي    بيان مهم بشأن حالة الطقس غدًا الجمعة.. والأرصاد تحذر من ظاهرة جوية تضرب البلاد (تفاصيل)    محافظ كفرالشيخ يتفقد مستشفى فوه للتأمين الصحي بقوة 193 سريرًا    بعد ضبطه بمخدرات وسلاح أبيض.. إحالة تاجر حشيش وآيس في التبين للجنايات    تحرير 84 محضرا تموينيا متنوعا في حملات على الأسواق والمخابز بالإسكندرية    افتتاح فعاليات الندوة العلمية الموازية لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    مخرج الفيلم القبرصي بمهرجان الإسكندرية: العمل يجمع بين الضحك والبكاء    إيمان العاصي تكشف عن مفاجأة في الحلقات القادمة من مسلسل برغم القانون    أمين الفتوى: الاعتداء على حريات الآخرين ومجاوزة الحدود من المحرمات    دينا الرفاعي وجهاز الفراعنة تحت 20 عاما يحضرون مباراة وادي دجلة والطيران (صور)    قافلة طبية لأهالي «القايات» في المنيا.. والكشف على 520 مواطنًا    مصر تعيش بروح أكتوبر    اقتحمناه في 4 ساعات.. اللواء محمد فكري: معركة "جبل المر" أصابت العدو بالذعر    أمين عام الناتو يزور أوكرانيا ويقول إنها أصبحت أقرب لعضوية الحلف    "القاهرة الإخبارية": الحكومة البريطانية تطالب رعاياها بالخروج الفورى من لبنان    تكريم أوائل الطلاب بالشهادات الأزهرية ومعاهد القراءات بأسوان    3 وزراء يفتتحون مركزًا لاستقبال الأطفال بمقر "العدل"    لهذا السبب.. منى جبر تتصدر تريند "جوجل"    «الثقافة» تناقش توظيف فنون الحركة في فرق الرقص الشعبي بمهرجان الإسماعيلية    في يوم الوحدة الألمانية.. السفارة الألمانية بالقاهرة تحتفل وتشيد بالشراكة المتميزة مع مصر    صندوق النقد الدولي يؤكد إجراء المراجعة الرابعة للاقتصاد المصري خلال الأشهر المقبلة    موتا: الشجاعة منحتنا الفوز على لايبزج    افتتاح المؤتمر الدولي السابع والعشرون لأمراض النساء والتوليد بجامعة عين شمس    رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد احتفال المستشفى الأمريكي بطنطا بمرور 125 عامًا على تأسيسها    حكم صلة الرحم إذا كانت أخلاقهم سيئة.. «الإفتاء» توضح    أضف إلى معلوماتك الدينية| فضل صلاة الضحى    سفير السويد: نسعى لإقامة شراكات دائمة وموسعة مع مصر في مجال الرعاية الصحية    لطفي لبيب عن نصر أكتوبر: بعد عودتي من الحرب والدتي صغرت 50 سنة    إصابة شاب بسبب خلافات الجيرة بسوهاج    مصرف «أبو ظبي الإسلامي- مصر ADIB-Egypt» يفتتح الفرع ال71 بمدينتي    تأهل علي فرج وهانيا الحمامي لنصف نهائي بطولة قطر للإسكواش    تعديلات قطارات السكك الحديدية 2024.. على خطوط الوجه البحرى    العرض العالمي الأول لفيلم المخرجة أماني جعفر "تهليلة" بمهرجان أميتي الدولي للأفلام القصيرة    باحث: الدولة تريد تحقيق التوزان الاجتماعي بتطبيق الدعم النقدي    الرئيس السيسي يستقبل رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمطار القاهرة    بيراميدز يخوض معسكر الإعداد فى تركيا    تعدد الزوجات حرام في هذه الحالة .. داعية يفجر مفاجأة    منها «الصبر».. 3 صفات تكشف طبيعة شخصية برج الثور    محافظ الغربية يبحث سبل التعاون للاستفادة من الأصول المملوكة للرى    ألفاظ نابية أمام الطالبات.. القصة الكاملة لأزمة دكتور حقوق المنوفية؟    اتفاق بين منتخب فرنسا والريال يُبعد مبابي عن معسكر الديوك في أكتوبر    الأمن يكشف لغز العثور على جثة حارس ورشة إصلاح سيارات مكبل في البحيرة    مجلس الشيوخ.. رصيد ضخم من الإنجازات ومستودع حكمة في معالجة القضايا    وزير الخارجية السعودي: لا علاقات مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة    ضبط 17 مليون جنيه حصيلة قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    الصحة: تطعيم الأطفال إجباريا ضد 10 أمراض وجميع التطعيمات آمنة    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة تطوير 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    بالفيديو.. استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل بلبنان    الحالة المرورية اليوم الخميس.. سيولة في صلاح سالم    أستون فيلا يعطل ماكينة ميونخ.. بايرن يتذوق الهزيمة الأولى في دوري الأبطال بعد 147 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة الاعتبار للثورة.. مصالحة ضرورية وآليات حقيقية

تعتبر ثورة 25 يناير من أهم الأحداث الفارقة والكاشفة فى تاريخ مصر الحديث، وتعد بحق عملا جليلا وعظيما فى وقائعها وأهدافها، ويعد أهم إنجاز من إنجازاتها هو ذلك الحراك السياسى غير المسبوق الذى تشهده الساحة السياسية المصرية، وبروز حقائق الاهتمام لدى كثير من قطاعات الشعب المصرى بعد محاولات تجفيف وتجريف «السياسة» والذى اعتمدهما النظام السابق كسياسات ثابتة وممنهجة حركت شبكة الفساد والاستبداد، ورسمت خطوطا للمجتمع والدولة عمدت فيها إلى زرع أرض مصر بخريطة ألغام قابلة للتفجير، ملك هذا النظام خرائطها وموه بعضها وامتلك أدوات تفجيرها عند اللزوم وعند الطلب، وجعل بعض هذه الألغام كامنا يصعب اكتشافه فضلا عن التعامل معه.

وجعل هذه الألغام على تنوع أحوالها منطقة أخطار واستنزاف لطاقات كل من يقترب من مناطق فساد أو مصالح ترسخت فى عهد النظام البائد، وحدت من قدرات كل من حاول الشروع فى عمليات إصلاح حقيقية.

عمليات الإصلاح تلك لابد أن يسبقها عمليات كبيرة لنزع الألغام وتطهير أرض مصر الوطن على امتداد دولته ومجتمعه، آن الأوان لأن يقوم بهذا جيش متكامل من سلاح مهندسين قادر على ممارسة الهندسة السياسية والمجتمعية للتمكين لهذه الثورة أهدافا ومكتسبات.

وأخطر ما فى الموضوع أن تم بعد الثورة فى أيامها الثمانية عشرة، حركة تشويه وتشويش ممنهجة على هذه الثورة وأبنائها، بل وربما شارك البعض من أبنائها من دون قصد منهم فى عمليات انتقاص من هذه الثورة فى الخطاب وفى الفعل، بشكل يؤشر على القيام بإضرار كيان هذه الثورة ومستقبل دولة مصر الثورة التى نريد ونؤسس لقيمها وأبنيتها وسياساتها وعلاقاتها.



بين هذا العبء الثقيل الموروث من تركة ألغام النظام البائد وتفخيخه لكثير من جوانب الحياة المجتمعية والسياسية، وعدم قدرة النخب السياسية خاصة التقليدية منها أن تستوعب درس الثورة ومتطلباتها، وحماية أصولها ومكتسباتها.

للأسف امتهنت هذه الثورة، وبدا بعض الشباب يعود أدراجه إلى محاضن بعض الإحباط وبوابات اليأس، وغاية هذه الثورة أنها فتحت أبوابا لصناعات الأمل والعمل والمستقبل كصناعات ثقيلة حركت كل مكامن «ثورة التوقعات» بدلا من أن تكون دافعا لتحقيق أهدافها، صارت مجهدة لحركتها، مبددة لبعض مكتسباتها، محركة لتنظيم الثورة المضادة أصحاب التحالفات الاجتماعية والسياسية والمصلحية القديمة، ومعتمدة على أدوات الدولة العميقة أو الغميقة أو الغويطة، وفى كل الأحوال الدولة القبيحة، أطل علينا أصحاب الثورة المضادة يفجرون الملفات تارة عن بعد وأخرى عن قرب، خرجوا من جحورهم ليجدوا للأسف مناخا من الترحيب بدلا من أن تضيق عليهم أرض مصر بما رحبت، ليؤشر ذلك على أن بعض من لهم مصلحة فى هذه الثورة والتمكين لها، سمحوا بزراعة حقول ألغام جديدة وصاروا جزءا من المشكلة وقد كان عليهم أن يصيروا جزءا من الحل لقضايا مصر الكبرى بعد ثورة مباركة رشحت للعطاء الفياض والفعال لنبنى مصر الجديدة نهضة ونموا، مكانة ومكنة، انطلاقا وتمكينا.

إن عملا رصينا من أبناء وأصحاب هذه الثورة هو الكفيل بأن تعود الثورة المضادة إلى جحورها مذعورة، لتبدأ هذه القوى معركة إعادة تشكيل علاقة سوية بين الدولة ومؤسساتها وبين المجتمع وكياناته وقواه الفاعلة، وإن الممارسات العشوائية من جانب القوى الأساسية وأصحاب المصلحة فى استمرارية هذه الثورة إنما تكون بالخصم من مسيرة إنجاز هذه الثورة، وإضافة على الجانب الآخر لقوى الثورة المضادة وترسيخ شأن الدولة العميقة القبيحة.الدولة العميقة لن تعيش أو تتمدد إلا فى قابليات اصطنعتها النخبة العقيمة التى لم تكافئ يوما الحالة الثورية فى خطابها وأفعالها.



ومن هنا فإننا مطالبون جميعا فيمن لهم مصلحة حقيقية فى إنجاح هذه الثورة ومسيرتها، والحفاظ على حمايتها ومكتسباتها، والعمل على تحقيق غاياتها وأهدافها بحالة من الممارسات الرصينة والخطابات المسئولة الأمينة حول «مصالحة وطنية ضرورية» صارت واجب وقت، وآليات حقيقية جدية تضمن فعاليتها تمكن لهذه الثورة مع مرور الوقت، المصالحة بشروطها، والآليات بإمكانات تفعيلها، هذا وحده سيكون أبلغ اعتذار لثورة مصر، ورد اعتبار لثورة وطن وشعب.

آن الأوان ألا نطلق المصالحة الوطنية كشعار ولكن لابد أن نمكن له بآليات حقيقية على الأرض تضمن جدية الفعل والتفعيل والفاعلية، إن ثورة مصر لم تعد فى حاجة إلى شعارات جميلة ولكنها أحوج ما تكون لأفعال كبيرة تتحرك صوب الفعل الرصين وحقائق التمكين.

فى عمر الأوطان لحظات فارقة تدعو إلى الاتفاق أكثر من الاختلاف وتغلب المصلحة الوطنية فوق مصلحة الافراد أيا كانت الانتماءات السياسية أو الحزبية‏.‏ وطوال ال14 شهرا هى عمر المرحلة الانتقالية الأولى فى مصر جرت بعد الثورة أمور كثيرة فانشعب النهر إلى مجارٍ وسبل بعيدا عن المصب الحقيقى الذى كان ينتظره الشعب.



عشنا خلافات حول تقسيم السلطة ومن هو الفصيل الأحق بالقيادة؟ وتوقفنا طويلا حول شرعية القرار للبرلمان أم للميدان؟ وأطلقنا المليونيات من أجل هذا وذاك.. وتعاركنا حول تشكيل لجنة الدستور مرتين حتى فشلنا فى تشكيلها بالمشاركة بدلا من المغالبة!، تعالوا إلى كلمة سواء اسمها مصر فى إطار دعوة للمصالحة يلتف حولها الجميع، وهو ما يعنى حزم من آليات حقيقية، سيأتى الوقت للتفصيل فيها:

حزمة تشريعية وقانونية لحماية هذه الثورة ومكتسباتها، تبنى رؤية استراتيجية لحماية الثورة وتمكينها.

حزمة حوارات مجتمعية وسياسية مستدامة، (حورات بناء الثقة أولا)، وهو ما يعنى ضرورة لفتح حوار مستدام.

حزمة إدارة الاختلافات والتعدد والتنوع بما يحقق مفهوما جديدا للسياسة والمعارضة وبناء مفهوم جديد للسلطة الفاعلة لا المتغولة.

حزمة وخطة العدالة الانتقالية بالمعنى المحدد، لا بالمعنى الشائع المختزل.

إن المصالحة الوطنية فريضة الوقت على قوى المجتمع المصرى كافة، فى ظل اتجاهنا إلى دولة مؤسسات حقيقية، «مصر للمصريين جميعا»، دون تحيز، ولا تمييز، ولا إقصاء لأحد، وهو ما يقتضى انخراط قوى الشعب جميعا فيها، وأن يكون هناك برنامج تصالحى، يقوم على صناعة رصيد الثقة الذى بدأ يتآكل.

ونقصد بالمصالحة الوطنية تلك الرغبة الإرادية من أعضاء الجماعة الوطنية المصرية وخاصة الأطراف الفاعلة فيها مدعومة بالسعى الجاد نحو التوافق والتعاون وتوسيع مساحة العوامل المشتركة ومحاولة تقليص جوانب الخلاف بما يعلى المصالح العليا للأمة وينحى جانبا المصالح الفئوية والأغراض الحزبية، والحرص على بناء ثقة متبادلة تؤسس على اتجاهات ايجابية وتصحيح الادراكات المنقوصة القائمة على نظرات التشكك والتخوين.

فالمصالحة يجب ألا ينظر إليها على أنها محاولة لإنهاء الانقسام أو أنها مبارزة جديدة عليها فى الكشف عن عيوب الخصم وفى فضحه والتشهير بمواقفه.

فالفهم الصحيح للمصالحة لا يقوم على مناقشات فصائلية تفصيلية حول الحصص والموارد وتوزيعها بل على البحث الجدى والمعمق عن أفضل السبل لإدارة الشأن العام لصالح إدارة دفة المركب الذى يغرق كل يوم ولا يرى ميناء يرسو عليه.



إن لدينا رئيس مدنى منتخب بما له من دلالة رمزية، «أن الثورة لم تمت ولكنها أيضا لم تنتصر».. ولكى تنتصر الثورة فهى تحتاج إلى بناء وشراكة وطنية واسعة النطاق لأن حجم المشاكل والأعباء المتراكمة منذ أكثر من أربعة عقود تفرض تعاون الجميع فى حمل هذه التركة الثقيلة التى يستحيل على أى طرف أن يحملها منفردا، حتى لو سولت له نفسه الاستئثار أو الاستكفاء أو الاستغناء أو الاستعلاء أو الاستقواء لأنه بحركتنا الرشيدة قادرون على وضع الأمور فى نصابها ومقامها المناسب. وإذا حاول احد أن يفعل ذلك فسوف يسقط بسبب ثقل هذه التركة ولا بديل عن العمل المشترك بين كل القوى الوطنية لمعالجة المشاكل المتراكمة وتهيئة الاجواء لإعادة البناء، وهو مايعنى ضرورة وضع البنية الأساسية لمصر الجديدة التى ينبغى أن تكون الأولوية للتعاون والعمل المشترك من خلال مصالحة وطنية حقيقية تبدأ بحوار وطنى تشارك فيه جميع الاطراف بهدف التوصل إلى رؤية مشتركة وبرنامج عمل يتضمن ضمن ما يتضمنه حل الخلافات القائمة حول المسار السياسى.

تعالوا نجرب كل طاقات الجماعة الوطنية وتيارها الأساسى فى «معمل الثورة»، و«معمل الدستور»، و«معمل المصالحة»، فى إطار يمكن لمواجهة الاستبداد، ويؤسس لشراكة حقيقية تنتج عقدا مجتمعيا وسياسيا جديدا، ونبنى معا دولة الثورة وثورة الوطن، بهذا وبهذا فقط نرد الاعتبار للثورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.