يجمع القضاة على أن التحرك الذى قام به الرئيس محمد مرسى ضد النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود بإصدار قرار بإقالته من منصبه وتعيينه سفيرا، هو قرار خاطئ باعتباره يتناقض مع مواد قانون السلطة القضائية والإعلان الدستورى.. ولكن السؤال الذى يطرح نفسه هو هل النائب العام يبقى فى موقعه للأبد، أم أن هناك طريقة قانونية لإقالته كما فى الوضع الحالى، الذى كانت القوى الثورية تطالب فيه بإقالة النائب العام، فى ظل عدم وجود نص قانونى يتيح هذا لرئيس الجمهورية، إلا فى حالة استقالة النائب العام نفسه. لفهم العلاقة القانونية بين الرئيس والنائب العام ومجلس القضاء الأعلى يجب أن نرجع أولا إلى قانون السلطة القضائية الصادر عام 1972، الذى نص فى المادة 119 منه على أن «يعين النائب العام بقرار من رئيس الجمهورية من بين نواب رؤساء محاكم الاستئناف أو مستشارى محكمة النقض أو المحامين العامين الأول على الأقل وللنائب العام أن يطلب عودته إلى العمل بالقضاء وفى هذه الحالة تحدد أقدميته بين زملائه وفق ما كانت عليه عند تعيينه نائبا عاما مع احتفاظه بمرتباته وبدلاته بصفة شخصية».. وفى المادة 120 «يؤدى النائب العام اليمين أمام رئيس الجمهورية».
ومقتضى هذا النص أن النائب العام هو المنوط به شخصيا إنهاء مهمته وعودته لصفوف القضاء العادى بدرجته الأساسية مرة أخرى، أى بتقديمه الاستقالة، ولم ينظم القانون حالة رفض رئيس الجمهورية استقالة النائب العام، مما يؤكد أنها تسرى تلقائيا بمجرد تقديمها، وما يتبعها من خروج النائب العام المستقيل من تشكيل مجلس القضاء الأعلى.
وتنص المادة 67 من القانون ذاته على أن «رجال القضاء والنيابة العامة عدا معاونى النيابة غير قابلين للعزل ولا ينقل مستشارو محكمة النقض إلى محاكم الاستئناف أو النيابة العامة إلا برضائهم».
ومفاد هذا النص أن الإقالة لا تجوز، ولكن يجوز نقل مستشارى محكمة النقض برضاهم، دون صدور قرارات تعسفية ضدهم بنقلهم لجهات أدنى هى محكمة الاستئناف أو النيابة العامة.
وتنظم المواد 93 و98 و99 إجراءات تحريك الدعوى التأديبية ضد جميع القضاة وأعضاء النيابة العامة، التى قد تنتهى بإخضاع القاضى أيا كان موقعه إلى مجلس تأديب أو صلاحية، وذلك بناء على طلب من وزير العدل أو مجلس القضاء الأعلى، باعتبار أعضاء هذا المجلس رؤساء الجمعيات العامة للمحاكم المختلفة كالنقض والاستئناف.
هذه المواد جميعا تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن ثمة تنظيما قانونيا يضمن بقاء النائب العام فى موقعه حتى إحالته للتقاعد، إذا لم يستجد أمر تأديبى ضده أو يتقدم هو باستقالته من عمله القضائى ككل أو بطلب لإنهاء عمله كنائب عام، أو كذلك بترقيته إلى درجة قضائية أعلى بحكم القانون، ولهذه الحالة الرابعة مثال واحد فى تاريخ القضاء المصرى هى قيام الرئيس مبارك باختيار المستشار ماهر عبدالواحد، النائب العام السابق، ليصبح رئيسا للمحكمة الدستورية العليا، التى كان يجيز قانونها للرئيس اختيار رئيسها من خارجها.
المستشار عادل فرغلى، الرئيس السابق لمحاكم القضاء الإدارى، يقول ل«الشروق» إنه كان يجوز للرئيس محمد مرسى بموجب سلطة التشريع التى يحتفظ بها لنفسه إدخال أى تعديل على المادة 119 الخاصة بتعيين وإنهاء ندب النائب العام، بحيث ينص صراحة على سلطة رئيس الجمهورية فى نقل النائب العام لعمل قضائى آخر أو إعادته لعمله الأصلى بأقدميته الحقيقية، أو تغييره وانتخابه دوريا، مما لم يكن سيصطدم بهذا الرفض القضائى المجمع على بطلان قرار عزل النائب العام.
وأكدت مصادر قضائية بوزارة العدل أن تعديل الرئيس مرسى قانون السلطة القضائية سواء بإدخال تعديلات على المادة المذكورة سلفا أو اعتماد مشروع قانون السلطة القضائية الجديد الذى أعده الوزير أحمد مكى منذ فترة، أو بعض نصوصه، كان هذا كفيلا بإنهاء الأزمة بهدوء أو على الأقل دون أن يكون محل معارضة من جميع القضاة، نظرا لأن القرار الجمهورى بطبيعته أدنى مرتبة من التشريع القانونى.