تكمن أهمية الترجمة عن اللغات الأخرى للتواصل والتفاعل مع منجزات الآخر؛ فالمتفق عليه أن ترجمة العلوم لا مناص منها، أما الآداب فالاختلاف حول ترجمتها أمر قائم وبدرجات متفاوتة، يصل إلى أشده حول ترجمة الشعر.
يثار جدال واسع النطاق بين المترجمين والنقاد والشعراء عمومًا حول جدوى هذه الترجمة؛ فبعضهم يرفض هدف الترجمة ويراها خيانة للنص الأصلي؛ لأن لكل لغة واقعها الخاص ومن ثم لا يجوز ترجمة الشعر بأي حال من الأحوال.
تنقسم الترجمة إلى نوعين في رأي الناقد الدكتور جابر عصفور، من حيث كيفيتها ونوعية المترجم؛ فالمترجم المحاكي مثلاً في تعداد المترجمين المتأخرين من حيث المكانة، أو بمعنى أدق لا يتمتع بأية مكانة أصلاً، فهو يحاكي النص الأصلي، ولا يستطيع احتواء خصوصيات النص واللغة على السواء، أما النوع الآخر فهو "الترجمة التأويلية" وهي الترجمة الحقيقية والتي تعتبر بمثابة الخيانة الخلاقة للنص المترجم.
يقول حامد أبو أحمد: "أرفض إطلاق لفظ تأويل على الترجمة، وأرجح أن تُسمى فنًا أو عزفًا، مع ضرورة الحفاظ على ثوابت النص وعدم تأويله، وكذلك يجب مراعاة أبعاد القصيدة."
تتعدد وتختلف إشكاليات الترجمة في رأى د. مكارم الغمري، أستاذ الأدب الروسي المقارن بجامعة عين شمس حسب إشكاليات القصيدة نفسها، وتطرح أسلوبين في الترجمة أولهما الترجمة التأويلية أو تأويل النص، وثانيهما هو إعادة صياغة وتشكيل النص بما يتفق والتقاءات اللغتين (لغة النص واللغة المترجم إليها).
من وجهة نظر الناقد المترجم الدكتور محمد عناني، أن أهم إشكاليات ترجمة الشعر، الاختلاف النوعي بين اللغات وخصوصًا بين اللغة العربية والإنجليزية، والتي تمثل أكثر اللغات التي يتم الترجمة عنها، إن عملية الترجمة من الإنجليزية إلى العربية أصعب بكثير من ترجمة الشعر العربي إلى الإنجليزية.
يرى المترجم والناقد المغربي، الدكتور فريد الزاهي، أن ترجمة القصيدة العربية إلى لغات أخرى ليست في صالح القصيدة؛ لأن الشاعر الذي اعتملت نفسه بمضامينها، والذي أبدع مفرداتها، وكناياتها، وتشبيهاتها، وصورها البديعية، لا شك أنه شكِّل لوحة شعرية لا يستطيع غيره أن يأتي بمثلها.