بعد قيام الثورة فى ليبيا تسابق كل من النساء والشباب بشكل خاص على تشكيل جمعيات ومؤسسات خيرية للعمل الاجتماعى، وقد تعددت اهداف هذه المؤسسات وتنوعت أنشطتها وإن تشابهت فى بعض هذه الأنشطة نظرا لظروف البلاد الراهنة، ولم تمنع المخاطر التى يتعرض لها الاهالى فى المناطق التى كانت محاصرة أو الخوف من انتقام الطابور الخامس الاخطر فى المناطق المحررة من قيام هذه الموسسات بعملها لخدمة الوطن والثورة، فهناك حماس شديد وإرادة قوية وتفاؤل أكبر من أى خشية أو خطر وكأن مارد الشعب الليبيى أطلق اخيرا من عقاله لينهض ويعمل. فقد ساهمت هذه المؤسسات فى دعم الثورة ونجاحها بشكل غير مباشر ففى حين كان المجلس الانتقالى مشغولا فى توفير الدعم السياسى للثورة فى الخارج وترتيبات القتال فى الجبهات المختلفة، كانت هذه المؤسسات تعمل وبجهد فردى وبسيط على تقديم معالجة فورية لآثار الحرب على المجتمع فقد ساهمت فى توفير حالة الرضا عن الثورة والثوار، وعملت على تفنيد مقولة الشرق والغرب والمخاوف من الحرب الأهلية وتقسيم ليبيا، فقد مدت هذه المؤسسات انشطتها بإمكانات قليلة الى كل مدن ليبيا لإظهار الدعم الوطنى والتعاضد بين ابناء الشعب الواحد كما عملت كذلك على المساهمة فى الشعور بأمل فى ليبيا الجديدة. إذ عملت هذه المؤسسات على تقديم الدعم لأسر الشهداء بشقيه المادى والمعنوى وعملت على تقديم الدعم للجرحى وذلك بإرسالهم للعلاج فى الخارج ودعم اسرهم كما عملت هذه المؤسسات كذلك على دعم الأرامل ومساعدتهن فى توفير برامج للعمل هذا من جانب، ومن جانب آخر تقديم الدعم للثوار وذلك بإرسال الأطعمة والملابس والآليات التى يمكن أن يحتاجها المحارب حتى إن بعضها كان يشترى الاسلحة ويبعث بها للثوار ليس من باب انها سلعة تجارية ولكن من باب المساعدة بأى شىء حتى شراء السلاح وتقديمه. كما عملت هذه المؤسسات على تقديم الدعم المعنوى للثورة والثوار وذلك من خلال المحاضرات والندوات وورش العمل والمعارض، التى كانت تقيمها وتشرح فيها اهداف الثورة وأسبابها ودعوتها لمحاربة السلبيات المتوارثة فى المجتمع، وشرح كيفية اقامة الديمقراطية والعدالة والدفاع عنها وقد ساهم ذلك فى دعم الثورة إعلاميا وشعبيا، وكل ذلك ساهم فى توافر شعور شعبى بأن الثورة والقائمين عليها يعملون من اجلهم فكل فئة من الفئات التى تم استهدافها فى العمل الخيرى والجماعى تولد لديها الاحساس بأن الثورة قامت لأجلهم. ولا نبالغ إن قلنا إن مجهود هذه المؤسسات مجتمعة كان يوازى مجهود دولة فإذا ما قلنا إن وظائف الدولة الاساسية هى الأمن وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، فإن هذه المؤسسات قامت مجتمعة وان غاب التنسيق بينها بإحدى وظائف الدولة الأساسية فى غيابها، فكانت بحق الجندى المجهول فى الثورة الليبية.