الاحتفال بأول عيد لثورة 25 يناير لايحتاج شيئا ممن وقفوا ضدها وكانوا مناهضين لقيامها.. والابتهاج بذكرى الشهداء والثائرين لن يكون بأيدى من خانوهم وخانوا الشعب وضللوه بضع سنين وسرقوا أمواله ونهبوا ثرواته وتلاعبوا بمقدراته وكانوا خدما لنظام أفقر وطن. عيد الثورة الأول لابد أن يفرح به الشرفاء.. «والشرفاء وحدهم» ممن قاموا بها وضحوا من أجلها وقدموا أرواح ابنائهم ثمنا رخيصا لها.. ومن دافعوا ومازالوا يدافعون عنها حتى الآن.. فهؤلاء هم أحق الناس بالاحتفال بثورة الحرية والكرامة.. أما أن تخرج علينا الآن حفنة من المدعين ويريدون ركوب الموجة كعادتهم فأمرهم مكشوف والشعب منهم براء وعليهم أن يخجلوا من أنفسهم.. فهم يتصورون أن الشعب ساذج أو أنه لا يعرف حقيقتهم ومازالوا يتعاملون معه بمثل ما اعتادوا عليه قبل الثورة ويظنون أن كلامهم المعسول وأكاذيبهم قد تجدى نفعا فى زمن لا ينفع فيه إلا الصدق.. فهم حمقى والحماقة داء أعيت من يداويها.
إن الثورة ليست ملهاة لكى يكون الاحتفال بها بمباراة كرة قدم تقام وتنقضى بلا هدف منها سوى الجلوس أمام الكاميرات وإقامة المؤتمرات فهذه كانت ومازالت أساليب فلول النظام السابق الذين يحتفلون بمقاعدهم حتى الآن.. كما أن دماء الشهداء وجراح الثائرين ليست رخيصة لكى يكون ثمنها مباراة كالتى كانت تقام فى حفلات المبايعة أو الترويج للتوريث.
لقد قامت الثورة من الأساس لتطهر الوطن من كل رموز وفلول الفساد لكنها وبكل أسف لم تصل حتى الآن إلى الرياضة ولا كرة القدم على وجه الخصوص ومازالت اللعبة الشعبية الأولى تأن من فساد الفاسدين الذين يحاولون استغلالها لمصلحتهم «يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول» كى يخدعوا الناس.. وها هم الآن يخرجون علينا بادعاء الوفاء للثورة ولا أدرى ما هى علاقتهم بها.. وعن أى ثورة يتكلمون.. وكيف نسمع لهم ونطمئن إليهم وقد كانوا من قبل يستفتحون على الذين ظلموا وأفسدوا إلى أن ختم الله لهم بالوقوف فى ميدان مصطفى محمود!
إن مصر بعد عام من الثورة تريد أن تتطهر من كل هؤلاء.. تريد أن تكون مقدراتها فى أيد أمينة.. فمشاكل الوطن لن تحلها مباراة كرة قدم تقام احتفالا بالثورة.. بل ستحل المشاكل فقط عندما تصحو الضمائر وتعود الحقوق إلى أهلها.. نعم كل من أخذ شيئا ليس من حقه فى عهد النظام السابق عليه أن يعيده الآن إلى الوطن.. كل من حصل على عمولات.. أو شارك فى عمليات تهليب وتعليب لمشاريع من الباطن أو نال مكافأة الخسارة فى بطولة ما عليه أن يوقظ ضميره ويعيدها.
فالوطن يحتاج منا جميعا أن نقف صفا واحدا ندافع عن مقدراته ونرد له الجميل أو جزءا منه ونأخذ بيده كما أخذ بأيدينا من قبل وصنع منا نجوما ومشاهير.. وأعتقد أن ما أقدم عليه نجوم كرة القدم الشرفاء ورغبتهم فى أن يكون لهم دور حقيقى وملموس هو بداية الطريق الصحيح.. فنجوم كرة القدم قدوة لملايين الشباب ولابد أن يكونوا اسوة حسنة لهم فى أفكارهم وسلوكهم وتصرفاتهم وأتصور أن كل لاعب ممن منحته مصر حبها ومالها عليه الآن أن يرد جزءا من هذا الحب وقدرا من هذا المال ليكون نواة فى «صندوق رد الجميل» لمصر وأظن أن أخلاق لاعبى الكرة تسمو إلى هذا الشرف.. وإذا كانت الظروف قد حرمتهم «إلا قليلا منهم» من شرف الوقوف فى ميادين الثورة قبل عام.. فها هى الفرصة قد أتت من جديد كى يمدوا يد العون للثورة بعد عام مضى.. ووقتها سينالون شرفا ربما يستحقونه.