يقول البعض إن الصينيين يزدادون ثراء. ولكن هل يرتفع مستوى الصحة لديهم أيضا؟ لقد ارتفع العمر الافتراضى فى الصين من أقل من 60 عاما فى الخمسينيات خلال القرن الفائت إلى 74 عاما حاليا، بما يقل أربع سنوات عن العمر الافتراضى فى الولاياتالمتحدة. ويرجع هذا التحسن السريع إلى التزام الحزب الشيوعى منذ وقت مبكر بنشر المعرفة الصحية الأساسية، واللقاحات عبر «الأطباء الحفاة» وغيرهم فى أنحاء الريف حيث تعيش أغلبية الصينيين. ومنذ ذلك الحين، تواجه الرعاية الصحية فى الصين تحديات عدة. حيث يشكل من يبلغون من العمر 65 عاما فأكثر 9 فى المائة من عدد السكان، وهى نسبة لا تزال أقل بكثير من المجتمعات المتقدمة فى السن مثل ألمانيا (21٪) واليابان (23 فى المائة). غير أن التحسن المطرد فى معدل العمر الافتراضى إلى جانب تقلص الفئات العمرية الشابة يسرع عملية التقدم فى السن. وسرعان ما تتحول سن التقاعد القانونية الحالية من 55 سنة للنساء و60 للرجال إلى فكرة بائدة. ويمثل العدد المتزايد من المتقاعدين وكثير منهم لا تحميه شبكة ضمان اجتماعى أو صناديق رعاية إشكالية. فمع ارتفاع سن الصينيين، سوف يزداد الطلب على رعاية أمراض السن الكبير مثل أمراض القلب والسكرى فيما يرجع جزئيا الى زيادة الاستهلاك بالنسبة إلى الرعاية الصحية الأساسية.
على الرغم من التعهد بالمساواة منذ عهد ماو، فالخدمات مثل التعليم والرعاية الصحية ليست مجانية، ويمكن فى الواقع أن تكون مكلفة فى الصين. فضلا عن أن سوق العمل يهمش المرضى والمسنين. ونظرا لأن الصينيين يتركون ليتدبروا أمورهم بأنفسهم، فهم يحرصون على الادخار بصورة جدية. وفى كثير من الأحيان تكون المدخرات سبيلا لعلاج المرض، أو التمويل حفل زفاف أو تعليم ابن فى الجامعة، أو دفع عربون لشراء شقة. وتمثل إمكانية الحصول على الرعاية الصحية وتحمل تكاليفها مشكلة خاصة فى الريف الصينى. ويعتبر وجود شخص مريض فى العائلة السبب الرئيسى الذى يدفع الريفيون للهجرة من أجل العمل لزيادة دخل الأسرة. لكن زيادة عدد العمال المهاجرين يعنى أيضا أنهم يتركون وراءهم المسنين الذين لا يتمتعون برعاية أبنائهم. وتحظى المدن الصينية بفرص أفضل لتلقى الرعاية الصحية. غير أن المرضى والمعاقين مازالوا ضمن أفقر شرائح المجتمع فى المناطق الحضرية.
ويمثل نقص عدد الأطباء تحديا آخر للرعاية الصحية، له جذور اشتراكية. فالأطباء الصينيون ليسوا من بين أصحاب أعلى معدلات الأجور، خلافا للعاملين بالخدمات الطبية فى المجتمعات الغربية. وتتولى الحكومة إدارة معظم المستشفيات. ومن ثم، ينبغى إعادة النظر فى كيفية إدارة شئون العلاج، كما يبدو تحفيز الجيل القادم من مقدمى الرعاية الطبية أمرا ضروريا، من أجل التصدى لتصاعد الضغوط على الرعاية الصحية وتحسين توفير الرعاية لنسبة أكبر من المواطنين فى المجتمع.