كتبت ميساء فهمى ومحمد نابليون وإبراهيم جودة: وسط حالة من الغضب، والفوضى، وغياب سلطة الدولة، أقدم عدة آلاف من المواطنين على قطع طريق مصر إسكندرية الزراعى، على خلفية مقتل عاطل، متهم بحيازة مخدرات داخل قسم شرطة شبرا الخيمة، وسط تضارب الروايات، وشهادة أسرته حول طريقة قتله، فى واقعة تعيد للأذهان حادثة مقتل شهيد الطوارئ، بالإسكندرية، خالد سعيد.
بدأت فصول القصة تتكسف منذ الساعات الأولى، من صباح أمس، عندما تلقى اللواء أحمد سالم جاد مدير أمن القليوبية إخطارا بقيام أهالى قرية الشرقاوية بقطع السريع والسكة الحديد، على خلفية مقتل أحد شباب القرية فى قسم للشرطة.
وتوصلت التحريات أن أجهزة الأمن كانت قد قامت بضبط المدعو سامح محروس درويش 32 سنة عاطل وبحوزته 20 قطعة حشيش ومطواة وأثناء اصطحاب المتهم الى قسم أول شبرا الخيمة للتحقيق معه وبصحبته ثلاثة محامين انتابته حالة اعياء وقىء شديدين داخل القسم، وتوفى اثناء نقله للمستشفى، فقام على خلفية الحادث أهالى القرية وتجمهروا وقطعوا الطريق واشعلوا النيران فى اطارات الكاوتشوك مما ادى الى توقف حركة القطارات والسيارات.
وروى إبراهيم محروس شقيق المجنى عليه، رواية مغايرة لما أكدت عليه الأجهزة الأمنية، وبعض شهود العيان، وقال إن شقيقه كان جالسا على أحد المقاهى الموجودة بالمنطقة مساء الأربعاء، وحينما تم إبلاغه بأن هناك حملة أمنية فى المنطقة انصرف من المقهى متجها إلى منزله، وأثناء سيره فى الطريق قابله أمناء الشرطة وقاموا بتفتيشه والتعدى عليه وضربه وقرروا التحفظ عليه وترحيله إلى ديوان عام القسم، إلا أنه رفض الذهاب معهم إلى القسم، وأنه لا يحمل أى شىء يدينه ويذهب بسببه إلى القسم، فما كان منهم إلا أن انهالوا عليه ضربا وأخذوه بالقوة إلى سيارة الشرطة وجلسوا على جسده وانصرفوا من المنطقة باتجاه القسم وعندما وصلوا إلى القسم قاموا بسحله على السلم المؤدى إلى القسم مما جعله يفقد وعيه وبعدها توفى فى الحال».
واتهم محروس المقدم أحمد واصف الذى كان على رأس الحملة الأمنية، بقتل أخيه على اعتبار أنه كان قائد القوة الأمنية ومسئولا عن أفعال الأمناء الذين اعتدوا عليه، مشيرا إلى أنه كان بإمكانهم إقناع المجنى عليه وترحيله إلى القسم واتباع السبل القانونية المتاحة بعيدا عن التعدى والضرب، الذى أدى إلى وفاته.
وأكد الشيخ صابر سيد، شاهد عيان على الواقعة أنه أثناء ذهابه إلى المسجد قبل صلاة الفجر شاهد أمناء الشرطة وهم يعتدون على المجنى عليه وحاول إقناعهم بالتوقف عن ضربه إلا أنهم رفضوا ومن ثم قرر ملازمتهم إلى القسم بعد أن تشكك فى وفاة المجنى عليه، وشاهد بعينه أمناء الشرطة وهم يسحلون المجنى عليه أمام القسم.
وبعد مرور عدة ساعات طلب الشيخ صابر من ضباط القسم الاطمئنان على الشاب فأبلغوه بأنه مغشى عليه وأنهم بصدد إحضار الإسعاف له لنقله إلى المستشفى، وأن عليه تسلمه، إلا أنه رفض عندما تأكد أنه فارق الحياة. من ناحية اخرى نفى مصدر أمنى بمديرية أمن القليوبية ما ردده أهالى قرية الشرقاية بشبرا الخيمة بشأن تعدى رجال الأمن على المتهم المتوفى وأشار المصدر إلى أن المتهم أصيب بحالة إعياء شديد وغيبوبة مفاجئة وتم نقله على الفور لمستشفى معهد ناصر بالقاهرة حيث توفى بها وورد التقرير الطبى يفيد أن المتوفى لا يوجد به أى إصابات ظاهريه وأن الوفاة بسبب توقف عضلة القلب ولا يوجد أى تعد عليه.
هذه الرواية يدعمها شهادة متهم ثان فى الواقعة، كان بصحبة المجنى عليه، واثنان من المحامين شهدوا الواقعة دخل القسم ونفوا جميعا قيام أحد بالتعدى عليه، مؤكدين أنه أصيب بحالة إعياء شديدة أثناء التحقيق معه.
حالة التباين الشديدة حول واقعة موت المتهم، أشعلت الأجواء فى منطقة شبرا الخيمة، وجميع مداخل ميدان المؤسسة، وخصوصا فى قريتى الشرقاوية وميت نما، أمس، حيت قام غاضبون بقطع جميع الطرق الواقعة بين مدينتى قليوب وشبرا الخيمة سواء الخاصة بالسيارات أو قطارات السكك الحديدية احتجاجا على مصرعه ثم إعلان وفاته وسط غموض وتعدد روايات وفاته بين التعذيب داخل القسم أو إعياء شديد وغيبوبة مفاجئة، مهددين بإحراق القسم أو قتل الضابط.
كما قاموا بإشعال إطارات السيارات، ووضع أشجار محترقة، على الطريق، وحاول بعض أفراد الشرطة إقناع الأهالى بفتح الطريق حتى لا يتعرضوا للقبض عليهم بتهمة قطع الطريق لما يترتب عليه من تعطيل لمصالح الناس.
كما قام بعض رجال الشرطة بإطلاق الرصاص فى الهواء لإجبار المواطنين على فض الاشتباكات التى نشبت بسبب تجمهر المواطنين فى محاولة لإقناع المحتجين بفتح الطريق والذهاب إلى أعمالهم.
وتمكنت أجهزة الأمن بالقليوبية من احباط محاولة قيام عدد من أهالى المتهم المتوفى من اقتحام قسم أول شبرا الخيمة وإدارة فرع البحث الجنائى المجاورة له بعد أن قام أهالى المتهم حاملين الأسلحة النارية بمحاولة اقتحام القسم وإتلاف ما يقرب من 20 سيارة للمواطنين كانت موجودة بالمصادفة فى الشوارع المؤدية للقسم إلا أن القوات تمكنت من التصدى لهم والسيطرة على الموقف وفرض طوق أمنى حول القسم وتولت النيابة التحقيق.