تباينت ردود أفعال خبراء الصحة، حول القرار الذى أصدره وزير الصحة فؤاد النواوى أمس الاول بعلاج الأطفال دون السِن الدراسى، على نفقة التأمين الصحى، بدلا من وضعهم ضمن منتفعى خدمات العلاج على نفقة الدولة. ففيما دافع الدكتور عبدالحميد أباظة، مساعد وزير الصحة، عن قرار الوزير، بأنه تمت دراسته بشكل كامل، قال علاء غنام، مسئول الحق فى الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، «القرار خاطئ وانتهاك لحق الطفولة». لكن أباظة من جهته قال: «القرار جاء حسما للجدل الذى دار خلال الفترة الأخيرة، وقد سبق أن أصدرت الوزارة منشورا فى مايو الماضى يفيد بأن يعالج الأطفال تحت السادسة على نفقة الدولة، إلا أن الوزير قد صحح الوضع بإصدار القرار الوزارى.
وأضاف أباظة ل«الشروق» أن القرار سيطبق بداية من اليوم فى جميع مستشفيات الهيئة العامة للتأمين الصحى، تيسيرا على الأطفال وأسرِهم؛ لأن النظام الصحى الحالى يضع هذه الفئة ضمن منتفعى خدمات العلاج على نفقة الدولة، مشيرا إلى أن «قرارات العلاج على نفقة الدولة تحتاج للجان متخصصة فى علاج الأطفال وغالبا تستغرق هذه القرارات وقتا أطول من العلاج بموجب التأمين الصحى، كما أن مستشفيات الهيئة تضم أطباء متخصصين فى التعامل مع الأطفال».
وأوضح أباظة أن الوزارة ستدعم الهيئة العامة للتأمين الصحى بتمويل إضافى لتقديم الخدمة لهذه الفئة، لحين إصدار قانون التأمين الصحى الاجتماعى الشامل، لافتا إلى أن الوزارة سبق وأن تقدمت بمشروع قانون لضم الأطفال دون سن الدراسة والمرأة المعيلة تحت مظلة التأمين الصحى، وبالفعل وافق مجلس الشعب قبل حله، على قانون المرأة المعيلة ولم يبت فى قانون الأطفال.
ويرى الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة، أنه من الأفضل أن يتم علاج هذه الفئة فى خدمات العلاج على نفقة الدولة، وليس التأمين الصحى، لان ميزانية التأمين لا تحتمل أى أعباء جديدة، بينما ميزانية نفقة الدولة خلال العام المالى الماضى حققت فائضا.
وأوضح خليل أن هيئة التأمين الصحى ستتحمل دفع اشتراكاتهم، بينما لا يدفع ولى الأمر سوى دفع دمغة 5 جنيهات سنويا كاشتراك سنوى، مشيرا إلى أن المخصصات المالية لخدمات العلاج على نفقة الدولة تصل إلى 3,5 مليار جنيه سنويا.
وأكد خليل أن أفضل نظام للعلاج يمكن تطبيقه هو نظام التأمين الصحى الاجتماعى الشامل، لأنه يشمل كل أفراد الشعب المصرى ويعالجهم من جميع الأمراض، وأنه يقوم على أساس دفع اشتراكات من العاملين وأرباب العمل مع ضرورة إعفاء المواطنين الذين يعتبرون تحت خط الفقر، وعلى الدولة سداد الاشتراكات المطلوبة عنهم. مؤكدا أن القرار الجديد حل مؤقت حتى إصدار قانون تأمين شامل.
بينما انتقد الدكتور علاء غنام، مسئول الحق فى الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ما سماه، إصدار أى قرارات تتلاعب بمصير علاج إحدى الفئات الأولى بالرعاية، وفقا للمعايير الدولية التى تضع الأطفال والمرأة وكبار السن كفئات خاصة أولى بالرعاية، منوها بأنه تم ضم هذه الفئة بموجب القرار رقم 380 لسنة 1997.
وقال غنام: «القرار خاطئ وانتهاك لحق الطفولة، وقد لجأت إليه الهيئة دون توفير مصدر مالى ثابت يضمن استمرارية حصولهم على الرعاية الطبية، كما أن الوزارة لم تلزم بتحديد نصيب هذه الفئة فى المخصصات المالية للتأمين الصحى وتركت الأمر دون ضوابط».
وتابع: «كان من الأفضل أن يصدر قانون خاص بهذه الفئة كما صدر قانون خاص بالمرأة المعيلة لضمان تسديد اشتراكاتهم، دون اللجوء إلى حلول وقتية، خاصة أن معظم وفيات الأطفال على مستوى العالم تحدث فى السن الأقل من 5 سنوات، ووفقا لمنظمة الأممالمتحدة للطفولة، يونيسيف، ومنظمة الصحة العالمية فإن عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات والذين يموتون كل عام يقدر ب 7,6 مليون فى عام 2011.
وشدد على أن مصر ملتزمة بخفض معدل وفيات الاطفال دون الخامسة خلال السنوات الماضية، وفقا للاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها لتحقيق الاهداف الانمائية للألفية، وهو ما استطاعت تحقيقه إلى حد ما حيث انخفض معدل وفيات الأطفال دون الخامسة من 104 لكل 1000 مولود حى عام 1990 إلى 28 طفلا لكل 100 مولود حى عام 2008.
وأشار إلى أن مبادئ النظام التأمين الصحى الاجتماعى لا بد أن تتضمن معايير وهى شمول التغطية الجغرافية والعمرية لكل المجتمع، وتوزيع الموارد المتاحة بأفضل شكل لها، ورفع الجودة.
كما عارض غنام، إعفاء مشروع قانون التأمين الصحى الجديد، الموازنة العامة من دفع اشتراكات طلبة المدارس التى تقدر بمبلغ 12جنيها لكل طالب، بينما يدفع ولى الأمر 4 جنيهات فقط، وقام القانون الجديد بتحميل المبلغ كله إلى ولى أمر الطالب، وبهذا فقد أعفت الدولة نفسها من عبء آخر وهو النسبة على الطلاب وجعلتها على أولياء الأمور فى صورة المصروفات السنوية المقررة.
الجدير بالذكر أن الهيئة العامة للتأمين الصحى أنشئت بقرار جمهورى عام 1964، وصدرت عدة قوانين متوالية لتنظيم عملها مثل القوانين رقم 79 و32 لسنة 1975، والقانون 99 لسنة 1992 الخاص بتغطية طلبة المدارس، والقرار رقم 380 لسنة 1997 لتغطية الأطفال منذ الولادة حتى دخول المدارس.
ويبلغ عدد المنتفعين من النظام الحالى للتأمين الصحى 42.5 مليون مواطن، أى ما يمثل 57% من سكان مصر، ويتم تقديم الخدمات من خلال 38 مستشفى و450 عيادة على مستوى الجمهورية.