حصلت «الشروق» على نص حيثيات حكم محكمة القضاء الإدارى الصادر مساء أمس الأول بتأييد قرار مجلس الشورى بوضع الضوابط والمعايير اللازمة لاختيار رؤساء الصحف القومية، وفتح باب الترشيح لهذا المنصب، ورفض الدعاوى المقامة ضد القرار. واستندت المحكمة إلى عدة أسباب لإصدار حكمها، على رأسها أن مجلس الشورى هو المختص، وفقا للدستور والقانون بتعيين رؤساء تحرير الصحف القومية، وما يتبعه ذلك من وضع معايير مجردة ومنضبطة لحسن اختيار شاغلى هذه المناصب، وأن مجلس الشورى لا يزال يباشر اختصاصه وفقا للدستور والقانون السارى، مادام لم يقضِ بعدم دستوريته، وأن الجمعيات العمومية للمؤسسات الصحفية لا اختصاص لها فى اختيار من يشغلون مناصب رؤساء التحرير بأى حال من الأحوال، وفقا لصريح نص المادة 63 من قانون الصحافة، وأن ما يُثار عن عدم إرضاء الجماعة الصحفية عن منح مجلس الشورى الاختصاص بتعيين رؤساء التحرير، لا سبيل إلى إجابته إلا بتعديل التشريعات السارية، أما وأنها لا تزال قائمة فهى واجبة الاحترام، إعمالا لمبدأ المشروعية وسيادة القانون.
وأوضحت المحكمة أن مجلس الشورى له الأحقية المطلقة فى اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية، بناء على المادة 65 من قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996 والتى نصت على أن «يشكل فى كل صحيفة من الصحف القومية مجلس التحرير من خمسة أعضاء على الأقل، ويرأسه رئيس التحرير الذى يختاره مجلس الشورى»، وبالتالى فإن مجلس الشورى يتولى نيابة عن الدولة ممارسة حقوق الملكية على المؤسسات الصحفية القومية ومن اختصاصاته تعيين رؤساء التحرير بحسبانه ينوب عن الدولة، وأنه لا صحة لما ذكره المدعون من خلو الإعلان الدستورى القائم من نص صريح يمنح مجلس الشورى أى سلطات على المؤسسات الصحفية القومية ومن بينها رؤساء تعيين الصحف القومية، فمردود ذلك أن الاختصاصات تتحدد دائما إما بنص فى الدستور أو بنصوص فى القوانين السارية، ويتضمن قانون تنظيم الصحافة الاختصاصات المشار إليها لمجلس الشورى ووفقا للمادة 62 من الإعلان الدستورى فإن كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدوره يبقى صحيحا ونافذا.
وأكدت الحيثيات أن مجلس الشورى باشر اختصاصاته وسلطته فى شأن المؤسسات الصحفية القومية فى ضوء الحالة المتردية لتلك المؤسسات من سوء الإدارة ووضع المعايير والضوابط اللازمة لاختيار رؤساء تحرير تلك المؤسسات بما يتوافق مع صحيح القانون ولا يخل بمبادئ المساواة وتكافؤ الفرص، وتهدف إلى حسن اختيار أفضل العناصر المؤهلة لإدارة الصحف القومية، والنهوض بها على وجه يكفل تحقيق رسالتها السامية فى التعبير عن أمال جماهير الشعب المصرى وتبنى قضاياه بحرية واستقلال، وحتى لا تصير بوقا للحاكم وإنما صوتا للشعب ولسان حاله وحسه النابض، حيث إن هذه المؤسسات كانت تدار فى العهد السابق عن طريق الرئيس الفرد سواء كان رئيس مجلس الإدارة أو رئيس التحرير، أو كلاهما، وكان المعيار الأساسى لاختيار رؤساء هذه المؤسسات هو الثقة والولاء على حساب الكفاءة والخبرة والمهنية.
وردت المحكمة على الدفع بأن مجلس الشورى لم يستكمل بنيانه القانونى ولا يجوز له الانعقاد بقولها إن الإعلان الدستورى قد حدد تشكيل المجلس بأن يكون ثلثاه بالانتخاب، وأن يعين رئيس الجمهورية الثلث الباقى، وقد تمت دعوته للانعقاد قبل انتخاب رئيس الجمهورية بموجب قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ومادام انعقد على هذا الوجه، وباشر اختصاصاته المنصوص عليها فى الإعلان الدستورى والقوانين السارية ذات الصلة فإن ما يصدر عنه من قرارات وما يباشره من أعمال يكون موافقا لصحيح القانون.
ورفضت المحكمة القول بأن مجلس الشورى مطعون فى شرعيته أسوة بمجلس الشعب، ولا يجوز له إصدار أية قرارات «إذ أنه لا يصح فى القضاء التخمين بما سوف تنتهى إليه المحكمة الدستورية العليا عند نظر الطعن على نصوص قانون انتخاباته أو القياس على ما انتهت إليه بخصوص قانون مجلس الشعب وبطلان بعض مواده، إذ أن الأحكام القضائية تقوم على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين، كما أنه تظل النصوص القانونية المطعون على دستوريتها قائمة وواجبة التطبيق حتى تفصل المحكمة الدستورية فى أمر دستوريتها من عدمه، كما أنه من المستقر عليه أنه فيما لو قضى ببطلان تشكيل مجلس الشورى فإن هذا البطلان لا يؤدى البتة إلى إسقاط ما أقره المجلس من قوانين أو قرارات أو إجراءات خلال الفترة السابقة.
كما قالت المحكمة إن قانون تنظيم الصحافة خلا تماما من أى اختصاصات للجمعيات العمومية للمؤسسات الصحفية القومية فيما يتعلق بتعيين رؤساء التحرير، كما رفضت ما ذكره جمال فهمى عضو مجلس نقابة الصحفيين من أن الاتجاه السائد فى مجلس الشورى يقود إلى «أخونة المؤسسات الصحفية القومية» بمعنى قصر شغل مناصب رؤساء التحرير على من ينتمون إلى تيار الإخوان المسلمين، حيث ردت المحكمة بأن هذا القول «مرسل وأجدبت الأوراق من دليل عليه، فضلا على أن المعايير والضوابط جاءت عامة ومجردة ولا تقتصر على من ينتمى لتيار سياسى بعينه دون الآخرين، وهو ما يطمئن إليه يقين المحكمة».