أدلى الناخبون الليبيون بأصواتهم أمس لاختيار أعضاء المؤتمر الوطنى العام، فى أول انتخابات برلمانية حرة منذ ستين عاما، وذلك بعد أن أنهت ثورة 17 فبراير 2011 نحو 42 عاما من حكم العقيد الليبى الراحل، معمر القذافى. ومن الثامنة صباحا وحتى الثامنة مساء، فتحت مراكز الاقتراع فى 72 دائرة أبوابها أمام من يحق لهم التصويت، وهم نحو 2.8 مليون ناخب لاختيار 200 عضو بالمؤتمر، وسيتم إعلان النتائج الأولية اعتبارا من غد أو بعد غد، وفقا لمفوضية الانتخابات.
واختار الناخبون من بين 3707 مرشحين، منفردين أو ضمن قوائم سياسية، ويخصص 120 مقعدا للمرشحين المنفردين و80 للقوائم، على أمل رسم نظام سياسى جديد بعد القذافى. وداخل مقر انتخابى فى مدرسة بوسط طرابلس، حيث اصطف عشرات الناخبين، قال محمود محمد: «أنا مواطن ليبى فى ليبيا حرة.. جئت اليوم لأدلى بصوتى بديمقراطية. اليوم أشبه بالعرس لنا».
وعلى المؤتمر العام خلال ثلاثين يوما من أولى جلساته أن يعين رئيسا جديدا للوزراء يصادق على حكومته المؤقتة، ويعين مسئولين فى الوظائف السيادية، فضلا عن المهام التشريعية التى سيرثها عن المجلس الوطنى الانتقالى، الذى يفترض أن يتم حله فى أول جلسة للمؤتمر.
وقد علقت المفوضية أمس الانتخابات كليا فى مدينة البريقة وجزئيا فى مدينة أجدابيا (شرق)، لقيام مجهولون بسرقة «مواد انتخابية». وفيما ذكرت قناة «العربية» أمس أن مجهولين أحرقوا مراكز اقتراع فى بلدة قمينس غرب مدينة بنغازى، شهدت المدينة، وهى مهد الثورة الليبية، انتشارا كثيفا لكتيبة 17 فبراير، لتأمين سير العملية الانتخابية فى المدينة التى قتل فيها موظف فى مفوضية الانتخابات فى إطلاق ورصاص، ودعا أنصار الفيدرالية فى هذه المنطقة إلى مقاطعة الانتخابات وهددوا بنسفها.
وكان غاضبون قد اقتحموا مقر المفوضية فى بنغازى، احتجاجا على استحواذ الغرب (100 مقعد) على مقاعد أكثر من الشرق (60 مقعدا) فى المؤتمر. وسعيا لتهدئة غضبهم، سحب المجلس الوطنى الحاكم من المؤتمر إحدى أهم صلاحياته، وهى بتعيين أعضاء اللجنة المكلفة بصياغة الدستور الجديد، على أن تطرح تشكيلة هذه اللجنة لانتخابات جديدة، على سترسل كل واحدة من مناطق ليبيا الثلاث (غرب، شرق، جنوب) 20 عضوا.
وحذر رئيس المجلس العسكرى لإقليم برقة (شرق) حامد الحاسى، من أن حربا أهلية قد تندلع بين الشرق والغرب، موضحا فى تصريح لوكالة رويترز أن البلاد ستكون فى حالة شلل، لأنه لا أحد فى الحكومة يستمع لهم. وتتولى القوات الواقعة تحت قيادة الحاسى مهمة تأمين الشرق، ولكنها وقعت فى خلافات مع الحكومة بشأن تمثيلها.
معلقا على هذا الغضب الشرقى، قال الناشط السياسى الليبى، محمد مخلوف، ل«الشروق» من لندن إن «المجلس الوطنى أثبت فشلا ذريعا أخيرا فى قراءة الشارع، وهو ما أعتقد أنه سيتغير مع انتخاب المؤتمر الوطنى وتشكيل الحكومة الجديدة، فالمؤتمر سيكون منتخبا من الشارع، وبالتالى سيكون قريبا من الشارع»، معربا عن اعتقاده ب«استمرار الغضب والاعتصامات فى الشرق، ولا سيما بنغازى، لشعور أهالى الشرق بالإهمال». وكما فى مصر وتنس المجاورتين، يمكن أن تحمل الانتخابات الإسلاميين إلى الحكم، رغم إعلان الليبراليين الذين يقودهم مهندسو الثورة، ثقتهم فى الفوز بالانتخابات.