لا أحد يمكنه أن يتجاهل حالة الفزع التى انتابت العالم عام 2009 فى مواجهة هجوم أنفلونزا الخنازير (H1N1) وحمى تحضير اللقاح الواقى منها. تحمل تلك الدراسة العلمية الصادرة عن أكاديمية العلوم القومية فى الولاياتالمتحدةالأمريكية Proceeding Of The National Academy Of Sciences (PNAS)
والتى قام بأعمال البحث فيها فرقة بحثية من جامعة إمرى، شيكاغو، والمعهد القومى للحساسية والمعهد القومى للعدوى.
قارنت الدراسة الأجسام المضادة (الناتجة عن تناول اللقاح عام 2009) المتكونة فى أجسام 24 شخصا تم تطعيمهم بلقاح أنفلونزا الخنازير. ثبت أن التطعيم قد تسبب فى إنتاج تلك الأجسام المضادة التى تعادل الفيروس H1N1 وعدد آخر من سلالاته. من تلك السلالات H3N2، H5N1 من سلالات أنفلونزا الطيور المعروفة بمقاومتها للعلاجات الدوائية وقدرتها على الانتشار السريع.
التعرف على تلك السلالات يرجع إلى ما يسمى بذاكرة الخلايا (B) أو خلايا المناعة التى تحتفظ بصور دقيقة لتلك الفيروسات على اختلاف أنواعها إذا ما هاجمت الإنسان وانقضت بلا أعراض تذكر.
رغم أن تلك النتائج تعد نتائج أولية لتلك الدراسة الهامة والموسعة التى تتشارك فيها مجموعة من مراكز البحث المرموقة إلا أنها تعد نتائج هامة. ترجع أهميتها إلى أنها خطوة واسعة نحو إنتاج تطعيم يقى من الإصابة بعدد من الفيروسات فى آن واحد بدلا من إنتاج تطعيمات مختلفة لمواجهة خطر الأنفلونزا الموسمية كل عام. قدرة الفيروسات المذهلة على التحور توقع العلم أحيانا كثيرة فى الارتباك ومتابعة ملاحقتها بغرض إنتاج تطعيمات تتغير باستمرار مع تغير السلالات.
كانت المحاولة الأولى لإنتاج لقاح واقٍ من الفيروسات قد تمت فى الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1944 حينما لاحظ أحد العلماء أن الفيروس يفقد قدراته الهجومية إذا ما نشأ فى مزرعة من بيض الدجاج فكان أول لقاح يتم إنتاجه للوقاية من جامعة متشيجن الأمريكية بمعاونة من باحثى الجيش الذين اكتسبوا خبرات قيمة أثناء الحرب العالمية إذ قضى الفيروس على آلاف من الجنود الذين ذهبوا للحرب فماتوا بالأنفلونزا!