تجلس نجوى فهمى فى دكان الخياطة الضيق فى منطقة ناهيا بجوار زوجها، الذى مازال يتعافى من عملية قلب مفتوح، لتساعده فى توفير الاحتياجات الأساسية، للأسرة المكونة من ثلاثة أبناء. لا تهتم نجوى كثيرا مما يدور فى مجلس الشعب من مشاريع قوانين، عن الخلع، أو حضانة الأطفال، أو الزواج المبكر، كما لا تعرف حتى الآن أى مرشح ستختار فى الانتخابات الرئاسية القادمة، ولا تهتم بأى شىء فى برامج المرشحين إلا بما يوفر لأسرتها حياة كريمة.
مطالب نجوى، التى عبرت عنها ل«الشروق» بفطرتها، بسيطة ومتواضعة، أهمها، ايجاد حل للازمات اليومية التى تعصف بالاسرة المصرية، من غلاء المعيشة، وتوفير، مساكن، وفرص عمل للشباب، عايزين الرئيس الجديد يحل الحاجات دى كلها، والشباب المظلومة، تعيش مرتاحة».
حديث نجوى، استثار فضول، ميرفت إحدى زبائنها فى محل الخياطة، التى رمت بأمنياتها الكثيرة منها، ارتفاع أسعار السلع بشكل جنونى، وقالت: «احنا مش عارفين نعيش، إحنا أكتر ناس بنعانى من الغلا عشان أنا ست بنزل السوق أجيب طلبات لبيتى، وميزانيتى محدوة، زوجى يسرق يعنى».
ميرفت تطرقت، إلى المسألة الامنية، وتمنت عودة الامور إلى ما كانت عليه، من ضبط وربط، «زمان كنت أروح فى أى مكان مش خايفة من حاجة، دلوقتى أخاف أروح مكان أبعد من المنطقة أو أنزل متأخرة شوية، وأخاف لو بنتى اتأخرت شوية فى الدروس». لتلاحقها نجوى برواية عن ابنها الذى تعرض له بلطجية أثناء توجهه للمدرسة لسرقة هاتفه المحمول، وتتساءل «طيب أنا هروح مع البنت ولا أروح مع الواد».
نجوى تبحث أيضا عن مسكن ملائم لأسرتها، للخروج من الغرفة الضيقة التى تلم شتاتهم كل ليلة، وتحلم فى قانون جديد للسكن، يحميهم من الطرد فى الشارع، إذا رغب المالك.
وتستكمل نجوى بحسرة: «أنا واخده المحل إيجار مؤقت لما تخلص المدة هاروح فين، اضطر ألم فلوس تانى وأحاول أدور على مكان جديد، وأنا باعتمد عليه فى تربية أولادى، معايا واحد فى ثانوى، والثانى فى جامعة والأخير فى الابتدائى».
هذه المطالب، التى تعد أساسيات الحياة وأبسط الحقوق لأى مواطن، كانت كل ما تفكر فيه نجوى وميرفت وغيرهما من النساء اللاتى التقت بهن «الشروق»، فى سعيها لمعرفة ماذا تريد المرأة من الرئيس القادم، وجدنا فى الطريق منى، ربة المنزل وأم لثلاثة أبناء، لخصت مطالبها فى أن يكون الرئيس الجديد «عادل»، وكذلك نهلة، التى كان ردها «عايزين نعرف نعيش زى بقية الناس اللى عايشه.. عايزه التعليم يكون حلو ويهتموا بالأولاد شوية».
كانت هذه المطالب الأساسية للسيدات فى المناطق الشعبية، والتى تمثل أغلبية الشعب المصرى، إلا أنه مع الخروج إلى الأماكن الأعلى، مثل المهندسين، بدأت المطالب فى التغير لكنها لم تبتعد كثيرا عن توفير الحياة الكريمة للإنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص.
فتقول سارة عاصم، أم لطفلة 3 سنوات، وتقيم فى منطقة المهندسين، «لابد من توفير معاش استثنائى للسيدات المطلقات أو الأرامل، ودعم مشاريع السيدات، وتسهيل القروض الصغيرة، ويكون قرض حسن بدون فوائد».
كما تطالب سارة بتفعيل دور المجلس القومى المرأة «لا يكون مجرد مكان يحصل على تمويل من الخارج ويتوزع بين العاملين فيه»، واقترحت أن تكون هناك إدارة وبرامج متخصصة فى المجلس للسيدات المعيلات، والفقراء الذين لا يجدون دخلا، ويضطررون للتسول فى الشوارع، بالإضافة إلى تفعيل الأبحاث التى تتناول العنف ضد السيدات سواء الجنسى أو النفسى أو البدنى، من تحرش وضرب وختان، قائلة: «كل هذا العنف ضدها، لابد من الاهتمام بهذا الموضوع بشكل جذرى».
وعلى مستوى أعلى، طالبت سارة بالاهتمام بالسيدات فى كل شىء، والتراجع عن قرار منع المحجبات منهن من الظهور فى الإعلام، وزيادة تمثيلهن فى المجالس المحلية، والبرلمان، مؤكدة «أنا مع فكرة كوتا للمرأة لضمان تمثيلها، لابد من تمثيل السيدات فى كل حاجة من أول المجلس المحلى لحد البرلمان».
وفى قراءة عامة لبرامج مرشحى الرئاسة وما تناولته من مكون خاص بشئون وقضايا المرأة، رصد المجلس القومى للمرأة عدم وجود تناول منهجى واضح لقضايا المرأة من بين المبادئ العامة أو المحاور الرئيسية أو الرؤية التى تضمنتها بعض هذه البرامج الانتخابية، فى حين تناولتها بعض البرامج الأخرى باختصار أو بتجاهل تام، الأمر الذى لا يعكس عمق تناول قضايا وشئون المرأة. حيث غلب عليها الأسلوب الخطابى والعبارات الرنانة فضلا عن خلوها من الآليات التنفيذية والمؤسسية أو المخصصات المالية أو الخبرات الفنية أو حتى التشريعات الداعمة.
كما لاحظ المجلس وجود عبارات فضفاضة، وصياغات تضع شئون المرأة وقضاياها فى مرتبة أدنى من باقى قضايا المجتمع وهو ما يعكس سيطرة المفاهيم الذهنية والمورثات الثقافية والاجتماعية السلبية تجاه دور المرأة فى المجتمع بوجه عام، فضلا عن غياب البعد التنموى لدور المرأة من اقتراحات وحلول المشكلات والقضايا الخاصة بها.
فلم يتم إبراز قيمة المرأة كثروة بشرية قادرة على المساهمة فى النهوض بمجتمعها واختصرت بعض البرامج هذا الدور كمتلقية للخدمات أو الدعم، وأغفلت هذه البرامج الاحتياجات الواقعية للمرأة عند وضعها للسياسات الاقتصادية القائمة على أساس العدالة الاجتماعية.
وأشار المجلس القومى للمرأة أيضا، إلى أن بعض برامج المرشحين افترضت أن النصوص التشريعية القائمة حاليا بشأن الأحوال الشخصية لم تراعى أحكام الشريعة الإسلامية، كما تغافلت عن حقيقة خضوع هذه التشريعات للرقابة من الأزهر الشريف ووزارة العدل والبرلمان قبل صدورها.