فى الوقت الذى اتفقت معظم برامج المرشحين للرئاسة على وعدين أساسيين وهما ورفع ميزانية الصحة، تطبيق نظام التأمين الصحى الشامل، اعتبر د. علاء غنام مسئول الحق فى الصحة فى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن تضمن برامج المرشحين لبند رفع ميزانية الصحة إلى 15% من ميزانية الدولة، لا يمثل إدراك المشكلة، مضيفا «أغلب المرشحين لم يقرأوا ملف الصحة ويحددوا مشاكله ويضعوا أولويات لحلها، ولجأوا إلى الإعلان عن مخصصات الصحة لأنها القضية الأكثر بروزا فقط. وطالب غنام المرشحين بالإعلان عن مصادر تمويل نظام التأمين الصحى الشامل الذى تضمنته أغلب برامجهم، حتى لا يكون دعاية انتخابية غير قابلة للتنفيذ، منتقدا إيضا استخدام تعبير «العلاج المجانى» فى البرامج الانتخابية.
وأوضح غنام «لا يوجد فى دول العالم كلمة العلاج المجانى، لأن العلاج المقدم فى المستشفيات المفترض ألا يمول إلا من موردين رئيسيين وهما خزينة الدولة، واشتراك المنتفعين من التأمين الصحى، بينما يقتصر العلاج المجانى على التطعيمات فقط».
وأضاف «مصر تطبق أسوأ نظم الرعاية الصحية، وهى الدفع المباشر من جيب المريض الذى يتحمل تكلفة علاجه، فالإنفاق على الصحة لم يزد فى أحسن أحواله على 4% من إجمالى النفقات بالموازنة العامة، وتقدر الميزانية الأخيرة للصحة ب23 مليار جنيه، ويتحمل المواطنون خاصة الفقراء منهم ثلثى أعباء وتكاليف الخدمة الصحية والعلاج بنسبة 72% من الإنفاق الكلى».
لم يقرأوا الخريطة المرضية للمصريين «لا يكفى الإعلان عن زيادة الميزانية المخصصة للصحة فقط، وإنما لا بد من توجيه هذا الإنفاق إلى مجالات محددة، فلم يدرك معظم المرشحين أهمية قراءة الخريطة المرضية للمصريين، والأمراض الأكثر انتشارا وخطورة فى مصر، لدينا 10 ملايين مريض كبد فى مصر، وأكثر من 10 ملايين مريض آخر بمرض السكر، ومرضى الكلى الذين تزداد أعدادهم سنويا بالآلاف»، هذا ما أكده الدكتور أسامة أحمد مسلم، خبير الإدارة الطبية الجامعة الأمريكية بالقاهرة والمعهد القومى للتدريب.
وانتقد مسلم، تجاهل البرامج الانتخابية للمرشحين الحديث حول مستقبل العلاج على نفقة الدولة، وهل سيتم الابقاء عليه أم وقفه، مطالبا بإلغائه بشكل فورى، والبدء فى تطبيق نظام تأمين صحى شامل يضم كافة المواطنين، ومنع علاج أى مسئول فى الدولة من العلاج بالخارج على نفقة الدولة، واصفا ملف العلاج على نفقة الدولة بأكثر الملفات فسادا.
وأوضح أن الرعاية الصحية ليس معناها توفير الدواء أو علاج المرضى فقط، كما تحدث عنه المرشحون، لكنها تشمل أيضا إجراءات وقائية عديدة لابد أن تقوم بها عدة جهات، ونشر ثقافة حقوق المريض.
وقال «انتخاب الرئيس مرهونا بالتزامه بتخصيص هذه الميزانية للصحة وليس مجرد الإعلان عن زيادتها فقط، فميزانية الصحة فى مصر لم تتعد 4.6% من إجمالى ميزانية الدولة، وهو ما لم يحدث فى أى دولة أخرى»، منتقدا إعلان صباحى وأبوالفتوح عن رفع ميزانية الصحة إلى 15% من الموازنة، سيتم خلال 4 سنوات، رغم أنه يمكن تطبيقه بدءا من السنة المالية الجديدة بعيدا عن قيمة الموازنة أو الناتج الإجمالى.
وقال مسلم: «الولاياتالمتحدةالأمريكية رغم أنها أكبر دول العالم رأسمالية، لكنها ترصد للرعاية الصحية 17% من ميزانيتها العامة، وأكثر مما ترصده للأمن القومى، ولذلك فنحن نطالب برقم معقول ويمكن تطبيقه».
حمدين وأبوالفتوح الأقرب للأطباء
وأكد د. أحمد حسين عضو مجلس النقابة العامة للاطباء، أن برامج حمدين صباحى وأبوالفتوح، هما الأقرب للأطباء وأعضاء الفريق الصحى، بينما كان الأطباء خارج دائرة اهتمامات باقى المرشحين، موضحا أن البرنامج الأوقع فى مجال الرعاية الصحية ومشاكل الأطباء هو أبوالفتوح لأنه طبيب مدرك مشاكل الصحة والعاملين بها.
وقال حسين: «خالد على لديه رؤية عامة وليست تفصيلية، ولم يدرس مشاكل الصحة بشكل على»، منتقدا اعتماد برنامج صباحى، على وزير الصحة السابق عمرو حلمى، الذى لم يقدم أى حلول لمشاكل الاطباء، بل اعادهم خطوات إلى الوراء.
وتساءل حسين، عن الجهة التى ستقوم بتدريب الأطباء فى برنامجه الخاص بالتنمية المهنية المستدامة، والتى من المفترض ان تمنح شهادات مهنية لجميع فئات العاملين ذات مستوى رفيع معترف به من المجلس الأعلى للجامعات ووزارة الصحة والجمعيات المهنية.
من جانبه، أنتقد د. فيكتور المطيعى الباحث فى الشئون الصحية والدوائية والمدير الإقليمى السابق لإحدى شركات الدواء متعددة الجنسيات، غياب السياسات الدوائية الواضحة وتشجيع الصناعة عن أغلب برامج مرشحى الرئاسة، وكونها خارج أولويات برامجهم الانتخابية فى مجال الرعاية الصحية. وقال المطيعى: إن عمرو موسى اكتفى بالحديث عن توفير الدواء بأسعار معقولة، وزيادة الميزانية المخصصة لشراء الدواء، دون ان يحدد طريق تنفيذ ذلك أو حجم الميزانية المقترحة، أو يتحدث عن كيفية تطوير صناعة الدواء فى مصر.
بينما اقترح حمدين صباحى انشاء إدارة سلسلة الإمداد بالدواء بجميع المحافظات من خلال هيئة متخصصة للإمداد مركزيا وعلى مستوى كل محافظة واستخدام نظم المعلومات والتقنية الحديثة والحاسب الآلى فى تسجيل وتخزين ونقل وتوزيع الأمصال والأدوية، وهو ما اعتبره المطيعى «كلاما يدل على عدم معرفة بالواقع».
ووفقا للتقارير الرسمية الصادرة من غرفة صناعة الدواء، فإنه رغم ارتفاع حجم الاستثمارات فى مجال صناعة الدواء فى مصر، والتى وصلت إلى 20 مليار جنيه، إلا أن نسبة الصادرات من العقار المصرى منخفضة، ولا تتعدى 240 مليون دولار سنويا.