تبادلت الخرطوم وجوبا اتهامات بشن هجمات متكررة باتجاه الدولتين، في الوقت الذي لم يبد فيه أي من الطرفين علامة على الرضوخ للضغوط العالمية للعودة لطاولة المفاوضات. وقال جنوب السودان إن القوات السودانية هاجمت قرى على عمق عشرة كيلومترات على جانبه من الحدود وشنت غارات جوية على سلسلة من المناطق من بينها ولاية الوحدة المنتجة للنفط بجنوب السودان، الأمر الذي أكده ماك بول نائب مدير المخابرات العسكريّة في جنوب السودان أثناء حديثه للصحفيين في بلدة بنتيو الحدودية بجنوب السودان: "إن جنوب السودان يعزز قواته لأنه يرى أن الجيش السوداني يعزز قواته أيضًا.
في المقابل نفى السودان هذه الاتهامات وقال أنه صد هجومًا "ضخما" شنه مقاتلو الحركة الشعبية لتحرير السودان-قطاع الشمال في ولاية جنوب كردفان على الجانب السوداني من الحدود، ويقول السودان بشكل روتيني ان المتمردين يسيطر عليهم جنوب السودان، وتزايد التوتر بين السودان وجنوب السودان منذ إعلان جنوب السودان الاستقلال عن السودان بموجب تسوية سلمية أنهت عقودًا من الحرب الأهلية بين الطرفين.
وفي أعنف قتال منذ الانفصال استولى جنوب السودان في وقت سابق من الشهر الجاري على منطقة هجليج المنتجة للنفط والمتنازع عليها مما أثار مخاوف من العودة إلى الحرب الشاملة، وأعلن جنوب السودان بعد ذلك أنه بدأ الانسحاب يوم الجمعة في أعقاب انتقاد حاد من بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، وحث الرئيس الأمريكي باراك أوباما الزعماء يوم السبت على استئناف المفاوضات المتوقفة بشأن سلسلة من الخلافات على الأراضي والمتعلقة بالنفط قائلا إنه ما زالت توجد فرصة لتفادي الحرب.
ولكن لم يحدث تراجع في اللهجة العدوانية خلال مطلع الأسبوع، ووصف بول الهجمات السودانية بأنها غزو خطير لاراضي جنوب السودان، وقال إسحق آدم جامع وزير الدولة السوداني للنفط لرويترز أن فرص توصل الجانبين إلى تسوية قريبا بعيدة جدا الآن وقال إن الخرطوم ربما تطلب تعويضا عن الاضرار التي لحقت بهجليج قبل العودة إلى المحادثات.
وأضاف أن السودان فقد نحو 40 ألف برميل يوميا من الانتاج النفطي بسبب القتال ولكنه أضاف أن السودان لديه احتياطيات تكفي لما يصل الى ستة اشهر قبل أن يشعر بالتأثير على مصافيه، وأي عودة إلى القتال على نطاق واسع سيكون له تأثير مدمر على البلدين اللذين يعتمدان على النفط وسيدفع اللاجئين والمقاتلين إلى النزوح إلى المنطقة المجاورة.
وأدى القتال بالفعل الى وقف معظم إنتاج النفط الذي يدعم الاقتصاد المتعثر لكل من السودان وجنوب السودان، قال شهود إن مئات المسلمين اقتحموا كنيسة يستخدمها الجنوبيون في الخرطوم يوم السبت مما أثار المخاوف من أن الاشتباكات التي دارت في الآونة الأخيرة بين السودان وجنوب السودان تذكي التوترات العرقية في المدينة.
وعرض مسئولون بجنوب السودان على الصحفيين أمس الأحد حقلا نفطيا قالوا إنه تعرّض لقصف القوات الجوية السودانية الأسبوع الماضي، فيما شوهدت ثلاث حفر خلفتها القنابل في حقل نفطي تديره شركة النيل الأعظم للبترول لكن دون اضرار بالمنشآت النفطية نفسها، وحصل جنوب السودان على استقلاله بعد استفتاء نصت عليه اتفاقية السلام التي وقعت بين طرفي الحرب الأهلية السودانية عام 2005 التي أنهت عقودًا من الحرب التي أسفرت عن مقتل نحو مليوني شخص.