قتل عشرة مدنيين، اليوم الخميس، برصاص أطلق على حافلة كانت تقلهم قرب مدينة سرمين (ريف إدلب) التي تتعرض اليوم الخميس لقصف القوات النظامية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأضاف المرصد في بيان، أن عشرة أشخاص، بينهم ثلاثة أطفال وسيدتان قتلوا "إثر إصابة حافلة صغيرة بإطلاق نار كانت تقلهم قرب بلدة سرمين".
وقال نشطاء في المعارضة السورية اليوم الخميس: "إن اشتباكات وقعت في أنحاء سوريا بعد يوم من دعوة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كل الأطراف إلى وقف القتال، والسعي إلى تسوية عبر التفاوض للانتفاضة المستمرة منذ عام."
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إن البيان الذي أصدره المجلس بالإجماع بعث برسالة واضحة إلى سوريا لإنهاء كل أشكال العنف، لكن هذه الدعوة لم يكن لها أثر يُذكر على الأرض؛ حيث يسعى المتمردون للإطاحة بالرئيس بشار الأسد، وقالت مصادر في المعارضة إن دبابات سورية قصفت حيا كبيرا في مدينة حماة اليوم، بعد معارك بين الجيش السوري الحر والقوات الموالية للأسد.
ودمر القصف منازل في حي الأربعين بشمال شرق حماة التي كانت من مقدمة المحافظات التي تمثل معقلا للانتفاضة، وقالت مصادر في المعارضة: "إن 20 شخصًا على الأقل لقوا حتفهم في هجمات للجيش بالمنطقة على مدى اليومين الماضيين"، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له: "إن قتالا شرسا دار في بلدة القصير التي تقع بالقرب من الحدود مع لبنان، ولقي ثلاثة من السكان حتفهم في القتالن كما قتل أربعة جنود، عندما هاجم متمردون نقطة تفتيش يحرسونها".
ونقل المرصد عن شبكة مراسليه داخل سوريا، أن القوات السورية حاولت اقتحام بلدة سرمين في شمال البلاد اليوم، ما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة العشرات، وقال رامي عبد الرحمن رئيس المرصد: "إن القوات السورية ما زالت عاجزة عن دخول سرمين؛ بسبب القتال لكنها تقصف البلدة وتستخدم المدافع الرشاشة".
وأضاف أن القتال اندلع أيضا في مدينة درعا في الجنوب، حيث قتل عدد من الجنود في كمين، في حين شنت قوات الأسد حملات أمنية في محافظة دير الزور بشرق البلاد ومحافظة اللاذقية الساحلية في محاولة لطرد مقاتلي المتمردين.
وأيد بيان مجلس الأمن الذي وافقت عليه الصين وروسيا في لحظة نادرة من وحدة الصف العالمي بشأن الأزمة السورية، مساعي السلام التي يقوم بها كوفي أنان مبعوث الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية، وحذر من اتخاذ "المزيد من الإجراءات" في حالة عدم استجابة سوريا.
وتدعو اقتراحات السلام التي قدمها أنان، من ست نقاط، إلى وقف إطلاق النار وإجراء حوار سياسي بين الحكومة والمعارضة والسماح بدخول هيئات الإغاثة بشكل كامل، كما تطالب الجيش بوقف استخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق المأهولة بالسكان وسحب القوات.
لكن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، قال إن البيان لا يشير إلى أن القوى الكبرى قد توصلت إلى موقف موحد لوضع خطة عمل، وقال للصحفيين أثناء زيارة إلى فيينا اليوم الخميس: "بالطبع هذا ليس كل شيء وهو أننا ببساطة لدينا رسالة عامة، نحن نحتاج أيضا إلى وضع خطة عمل عامة... في هذا الشأن نحن غير قادرين على رؤية موقف موحد".
وفي حين أن بيان الأممالمتحدة يفتقر إلى القوة القانونية للقرار، فإنه يتحدث عن الحاجة للتحول السياسي في سوريا، ولا يطالب الأسد بالتنحي وهو ما دعا إليه كل من مقاتلي المعارضة والجامعة العربية، وقال بان جي مون في كلمة ألقاها في العاصمة الماليزية كوالالمبور: "دعا مجلس الأمن بتعبيرات واضحة لا لبس فيها إلى إنهاء فوري لكل أعمال العنف وانتهاكات حقوق الانسان".
وقللت الوكالة العربية السورية للأنباء فيما يبدو من شأن بيان مجلس الأمن، وقالت إنه لا يتضمن إنذارات أو إشارات، وتظهر أرقام الأممالمتحدة أن ثمانية آلاف على الأقل لقوا حتفهم خلال الانتفاضة، وحذر دبلوماسيون من أنه دون حل سريع من الممكن أن يمتد الصراع ويزيد من التوترات الطائفية في المنطقة.
ومما يبرز المخاطر التي تمثلها الأزمة السورية، سقطت عدة قذائف سورية على قرية القاع على الحدود اللبنانية والحقول المجاورة أمس الأربعاء، وقال سكان: "إن القصف أسفر عن إصابة شخص"، وقال مزارع في القاع: "سقط أكثر من خمس قذائف في الحقول وفي القرية"، وقال مواطن آخر إن قذيفة انفجرت قرب المدرسة الرئيسية.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووش اليوم: "إن قوات الأمن السورية ترتكب انتهاكات خطيرة في القصير، الواقعة في محافظة حمص قرب الحدود اللبنانية"، وقالت سارة لي ويتسون، مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "بعد الحصار الدموي لحمص تلجأ قوات الأسد لنفس الطرق الوحشية في القصير".
وأضافت: "بعد رؤية الدمار الذي لحق بحمص على الحكومة الروسية أن توقف مبيعات السلاح للحكومة السورية وإلا فإنها تخاطر بالزج باسمها أكثر في انتهاكات لحقوق الإنسان"، وتدافع روسيا عن علاقاتها العسكرية القديمة مع سوريا، وتقول إنها لم تر سببا يدعو لتعديلها.
وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، اتهمت هيومن رايتس ووتش قوات المعارضة، بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان ضد جنود الحكومة والشبيحة بما في ذلك التعذيب والإعدام، وقال جهاد مقدسي المتحدث باسم الخارجية السورية لإذاعة هولندا، يوم الاثنين، إن ثلاثة آلاف من قوات الأمن لقوا حتفهم خلال الانتفاضة، وتتهم دمشق مجموعات إرهابية مسلحة بمسؤوليتها عن مقتلهم.
وفي محاولة لتكثيف الضغوط على سوريا يعتزم الاتحاد الأوروبي، غدًا الجمعة، فرض عقوبات على الدائرة المحيطة بالأسد، منهم زوجته أسماء التي وصفت نفسها بأنها الدكتاتور الحقيقي، في رسالة بريد إلكتروني، نشرتها صحيفة الجارديان البريطانية في الأسبوع الماضي.
وقال وزير الخارجية الألماني جيدو فسترفيله: "غدًا سنتخذ قرارًا بشأن العقوبات الجديدة.. ليس فقط على نظام الأسد بل أيضًا على المحيطين به"، وأضاف أن بيان الأممالمتحدة مساهمة مهمة في حل الأزمة في سوريا، ومضى يقولك "لا يمكن للأسد أن يعتمد على اليد الروسية الحامية في العنف المرتكب ضد شعبه، ويمكن أن يؤدي هذا إلى تسارع عملية تآكل النظام".
ويقول محللون: "إن هذا التغيير في الموقف مؤشر على أن روسيا تتحوط في رهانها على مصير الأسد، وتعدل وضعها استعدادًا لسقوطه المحتمل، وقال ديمتري ترينين، مدير مركز أبحاث كارنيجي في موسكو: "لن يكون تركيز روسيا على إبقاء الأسد في السلطة لمجرد بقائه في السلطة".