أكد وزير الخارجية محمد كامل عمرو، أن أزمة منظمات المجتمع المدني الأجنبية لم تكن وليدة بعد الثورة، بل مشكلة قديمة، مشددًا على أن العلاقات المصرية الأمريكية لا يجب اختزالها في تلك القضية.
وقال إن البلدين تعلما من هذه التجربة أنه لابد من بناء علاقات على أسس جديدة وصحيحة تسمح بمساحة اختلاف، مشيرًا إلى أنه في الوقت الذي تكون فيه العلاقات غير معتمدة على المعونات ستكون علاقات سليمة، لأن المعونات تشوه العلاقات -على حد قوله.
جاء ذلك في محاضرة ألقاها وزير الخارجية مساء الأربعاء بالجامعة الأمريكية في القاهرة، أدارها السفير نبيل فهمي- عميد كلية الشئون الدولية والسياسة العامة، حول سياسة مصر الخارجية، حضرها لفيف من السفراء الأجانب المعتمدين بالقاهرة ونخبة من الأكاديميين والساسة والدبلوماسيين المصريين.
وقال محمد عمرو، إنه لابد من التفرقة بين البعد القانوني لأنه لا تزال القضية منظورة أمام القضاء وليس مناسبًا الخوض فيها وبين قضية تلك المنظمات، مشيرًا إلى أن منظمات المجتمع المدني هي جزء من المجتمع الديمقراطي وأداة للتأثير على صناع القرار، وهي أدوات لا تنشأ من فراغ بل تنشأ في مجتمع تحكمه قوانين متغيرة تتغير بتغير الظروف لكن يجب الالتزام بها.
كما أكد أن مشكلة المنظمات لم تكن وليدة اليوم أو مع الثورة بل ورثناها من قبل.. فبعض تلك المنظمات يعمل منذ أكثر من ست سنوات وإحداها تعمل منذ أكثر من ثلاثين عامًا في مصر بدون ترخيص.
واستطرد قائلاً :"بعد الثورة زاد نشاط تلك المنظمات التي تعمل خارج الشرعية القانونية، وأثيرت العديد من التساؤلات حول عملها وعمل منظمات أخرى وتم تشكيل لجنة تقصي حقائق حول مدى التزام تلك المنظمات بالقوانين المصرية التي تحكم عملها، وهو أمر قائم في كل دول العالم.. ونتيجة لتقرير اللجنة أحال مجلس الوزراء القضية للقضاء".
وتابع "من الطبيعي أن تحاول بعض الدول التي لها رعايا في تلك القضية التدخل خاصة وأن فيها دول كبيرة قوية.. تدخلت بطريقة مكثفة.. وكان موقفنا كوزارة خارجية أنه طالما أحيل الأمر للقضاء فلا سلطة للجهاز التنفيذي في تلك القضية".
وأكد أنه سيتم التغلب على الأزمة العابرة، وأن يتم بناء العلاقات على أسس سليمة وأن نتعلم مما حدث لنبني على علاقات صحيحة سليمة تسمح بمساحات من الاختلاف دون أن تهدد العلاقات في أصولها أو جذورها.
ولفت الوزير إلى أن العلاقات المصرية الأمريكية في الفترة الأخيرة قائمة على فرضية أن تدور في إطار كامب ديفيد، وأن مصر دولة ملتزمة بالسلام مع إسرائيل بل والحفاظ على السلام في المنطقة، وفي مقابل ذلك هناك علاقات قوية ومعونات أمريكية إلى مصر.
وأكد محمد عمرو، أن هذا الإطار قد تعداه الزمن ويجب أن تبنى العلاقات على أسس جديدة أهم ما فيها المعطيات ما بعد الثورة في مصر، والتي هي في طريقها لأن تصبح الدولة الديمقراطية القائمة على أسس سليمة في المنطقة، وستكون مصر المثال الذي تتبعه الدول الأخرى، ولابد أن تكون النظرة الأمريكية لمصر أن من مصلحتها كدولة عظمى أن تكون لها علاقات سليمة قوية مع دولة كبيرة في المنطقة.
ونوه بأن المعونات يجب أن ينظر لها على أنها مرحلية وأن تكون هناك خطة ممنهجة للانتهاء من هذه المعونات في وقت ما، مؤكدًا أنه في الوقت الذي تكون فيه العلاقات غير معتمدة على المعونات ستكون العلاقة سليمة وصحيحة لأن المعونات تشوه العلاقات.
وأشار إلى أن السياسة الخارجية المصرية حاليًا تنظر في كل الاتجاهات خاصة جنوبا بالنسبة للعلاقات مع دول حوض النيل، وكذلك مع الدول الآسيوية للتعلم من تجارب تلك الدول بمكاسبها وخسائرها.
وحول تأثير التيار الإسلامي في السياسة الخارجية المصرية أكد وزير الخارجية أنه على اتصال دائم مع لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشعب، وأن هناك التزامًا بثوابت السياسة الخارجية المصرية، وأن ما يثار عن التنافس بين القومية العربية والتوجه الإسلامي أمر سيحسمه الحوار المجتمعي.
وبالنسبة للعلاقات مع إيران، قال وزير الخارجية إن هناك اتصالات مستمرة، وسيتم تصعيد العلاقات عندما تكون الظروف مواتية في إطار حل نقاط الخلاف.