قرر الأسير الفلسطيني خضر عدنان وقف إضرابه عن الطعام في الساعة السابعة من مساء أمس الثلاثاء، بعد توصل محاميه جواد بولس، لاتفاقية مع النيابة العسكرية الإسرائيلية، يتم بموجبها تقصير مدة اعتقاله.
وقال محامي الدفاع جواد بولس، إن مفاوضات مع النيابة العسكرية بدأت مساء أول أمس الاثنين توصلت لهذا الاتفاق بشأن الأسير خضر عدنان المضرب منذ 66 يومًا من أجل حريته وشعبه.
وأشار بولس إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي وافقت على احتساب مدة اعتقال عدنان بهدف التحقيق معه من 17 ديسمبر 2011 حتى 8 يناير 2012 ضمن مدة اعتقاله إداريًا لأربعة شهور، كان من المفروض أن تنتهي في الثامن من مايو المقبل، وهذا ما رفضته في السابق.
وبموجب الاتفاق تلتزم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بعدم تجديد أمر الاعتقال الإداري بحق الشيخ خضر عدنان وبإطلاقه في 17 أبريل المقبل، والذي يوافق يوم الأسير الفلسطيني.
وأكد متحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي، أن السجين الفلسطيني خضر عدنان، علق قبل فترة وجيزة إضرابه عن الطعام، بعد القرار الإسرائيلي بالإفراج عنه بأبريل المقبل، بينما أكدت زوجته، بحديث لCNN بالعربية، أنه رفض عرضاً للإفراج عنه مقابل ترحيله دولة أخرى، مرجحة أن تكون مصر أو الأردن.
وقال المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي في الأراضي الفلسطينية- داوود شهاب، إن عدنان "رفض في وقت سابق أي تسوية تتضمن ترحيله إلى خارج البلاد أو إبعاده". وبيّن شهاب، أن حركة الجهاد الإسلامي التي ينتمي عدنان لها "لم تكن طرفًا في الاتصالات المتعلقة بقضية الإفراج عنه"، وأن السلطة الوطنية الفلسطينية ومصر والأردن تولوا المشاركة في ذلك.
إلا أن شهاب أكد أن عرضًا إسرائيليًا طرح في وقت سابق على عدنان من خلال السلطة الفلسطينية، بالإفراج عنه وإبعاد إلى الخارج، إلا أنه رفض العرض جملة وتفصيلاً. ولفت إلى أن الحديث عن الإبعاد إلى الأردن أو مصر "لم يكن مؤكدًا".
كما أكد شهاب أن التفاهمات النهائية التي أبلغت فيها وزارة شؤون الأسرى ذوي عدنان والحركة تقضي بالإفراج عنه في السابع عشر من أبريل المقبل والعودة إلى بيته. لافتًا إلى أن عدنان علق إضرابه عن الطعام مساء أمس الثلاثاء، ويخضع للعلاج في مستشفى زيف في بلدة صفد.
أما عن ضمانات الإفراج عنه دون أي تغيير على التفاهمات، اعتبر شهاب أن الجهات المعنية بمتابعة قضية عدنان مسؤولة عن توفير ضمانات للإفراج عنه حسب الاتفاق.
من جهتها قالت "أم عبد الرحمن،" زوجة عدنان، إن زوجها "رفض عرضًا بالإبعاد مقابل الإفراج عنه"، مشيرة إلى أن أمامه 45 يومًا قبل الإفراج عنه. مؤكدة أنها رفضت هي الأخرى عرض الإبعاد عندما عرض عليه في وقت سابق، مرجحة أن الحديث تمحور حول الأردن أو مصر كوجهة للإبعاد.
وقالت: "نحن في أربط الرباط ولم نغادر، وما يهمنا الآن هو استعادة وضعه الصحي بعد فترة الإضراب"، وبينت "أم عبد الرحمن" المقيمة في بلدة عرابة في جنين، أن عدنان "نتقل بين نحو أربع مستشفيات منذ بدء الإضراب قبل شهرين"، داعية الجهات المسؤولة إلى الالتزام بقرار الإفراج عنه.
ومن جهته نفى وزير شؤون الأسرى والمحررين في رام الله- عيسى قراقع، البحث في صفقة إبعاد للأسير عدنان، قائلاً إن "الاتفاق تم مع النيابة الإسرائيلية بالإفراج عنه دون تمديد فترة اعتقاله البالغة أربعة أشهر".
واعتبر قراقع أن اتصالات مكثفة أجريت من الجانب المصري والأردني لحل القضية، تخللها تسليم رسالة عبر السفير الأردني في رام الله، وصولاً للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني للتدخل في القضية. وحول الحديث عن إرسال عدنان إلى الأردن للعلاج، أكد قراقع أن ذلك كان مقترحًا في وقت سابق كحل مبدئي ولفترة قصيرة للعلاج، إلا أنه لم يتم.
وقال وكيل وزارة الأسرى الفلسطينية- زياد أبو عين، إن الجهود كانت مستمرة باتجاه تحرير الأسير خضر عدنان، حيث قررت المحكمة العليا عقد جلسة لمناقشة ملفه الخميس المقبل، وتم الاتفاق على تقديم الموعد إلى أمس الثلاثاء. موضحًا أن النيابة العامة الإسرائيلية طلبت قبيل انعقاد جلسة المحكمة العليا عقد اجتماع مع الفريق القانوني، وعرضت عدم تمديد اعتقاله الإداري الذي ينتهي أواسط أبريل المقبل، وإطلاق سراحه في حينه، مقابل سحب الملف من المحكمة العليا، وإنهاء الأسير عدنان الإضراب عن الطعام.
وأضاف أنه تم الاتصال بالأسير المضرب وعائلته حتى تم التوصل إلى هذه الصفقة، التي وصفها بالأفضل لأن "المضي في التوجه إلى المحكمة العليا يحتمل موافقة المحكمة على الحكم الصادر بحقه".
وأوضح أبو عين، أن إنهاء الإضراب يتطلب إشراف طاقم طبي متخصص، بحيث تُجرى للأسير فحوصات طبية لتقييم وضعه الصحي، ثم يتم إعطاؤه السوائل تدريجيًا قبل أن يعاود حياته الطبيعية ويتناول الطعام.
وقال المحامي جواد بولس، إنه تحدث مع موكله خضر عدنان ووافق على الاتفاق، مبينًا أن الاتصال به تم هاتفيًا عدة مرات وبواسطة النائبين في الكنيست محمد بركة وعفو إغبارية، اللذين تواجدا عنده طيلة اليوم في مستشفى صفد.
وحول سبب تراجع سلطات الاحتلال عن موقفها بشأن خضر عدنان، قال بولس إن تدهور صحته أدخلت إسرائيل في حالة حرج وضغط لا سيما بعدما تبنى مستشفى صفد تحذيرات منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان من موته المحتوم بعد اليوم السبعين من الإضراب عن الطعام.
وتابع "استنادًا لفحوصات مخبريه جديدة، توصل أطباء صفد إلى أن خضر عدنان يواجه خطر الموت المؤكد، وخشيت إسرائيل من تبعات موته في البلاد وفي البلدان العربية التي تشهد ثورات وحالة غليان".
وأشار محامي الأسير الفلسطيني إلى أن اعتقال خضر غير قانوني، لأنه لم يشكّل خطرًا على سلامة وأمن الجمهور بخلاف مزاعم الاحتلال، مشددًا على أن الاتفاق ليس مكرمة أو منّة من أحد، وأن النيابة العسكرية عجزت عن تقديم أدلة جديدة تبرر استمرار اعتقاله أو تمديده.
ولفت إلى أن توقف الشيخ خضر عن إضرابه عن الطعام سوف يحتاج عملية تأهيل صعبة لا تقل خطورة عن الإمساك المطول جدًا عن الطعام، وأن الأسير يحتاج لرعاية طبية دقيقة.
من جانبها، عبرت زوجة الأسير الفلسطيني رندة أم عبد الرحمن، عن فرحها بالتوصل للاتفاق وأكدت أنه انتصار فلسطيني على الاحتلال يجسّد قيمة وجدوى المقاومة حتى لو كانت إمساكًا عن الطعام.
وقالت للجزيرة نت إن زوجها أوصاها خلال زيارتها له أمس الأول الاثنين بالاهتمام بتعليم ابنتيه "معالي وبيسان"، وبالحرص الشديد على الاعتناء بوالديه. كما أشارت إلى أنه أطلعها على بعض ما تعرض له خلال التحقيق معه من محاولة المس بمشاعره وكرامته بشتم زوجته والطعن بها وبطفلتيه. وتابعت "أبدى الاحتلال تعاملاً وحشيًا منذ الاعتقال، إذ داهموا منزلنا ليلاً وأخرجوه وهو داخل الحمام عنوة".
وقال والده "عدنان موسى" قبيل التوصل للاتفاق "إن الاحتلال يشوه الحقائق"، لافتًا إلى أن اعتقال نجله جاء انتقامًا منه لمساعيه في رأب الصدع الفلسطيني الداخلي، ومنعًا للمصالحة.