انطلقت الخميس الماضي، احتفالية المنامة عاصمة الثقافة العربية لعام 2012 ، وسط مقاطعة بعض المثقفين بسبب ما يصفونه سيطرة الثقافة السوداء منذ بدء الاحتجاجات، في حين يرى آخرون ضرورة استثمار هذا الحدث لإعادة اللحمة بين المثقفين بعد الاختلافات التي أفرزتها الأزمة السياسية. في الأثناء، دعا ناشطون معارضون إلى تكثيف المظاهرات في العاصمة المنامة على خلفية حركة الاحتجاجات المطالبة بإصلاحات سياسية ودستورية والتي تقترب من الذكرى الأولى لانطلاقتها في الرابع عشر من فبراير وأبرزها مسيرة نظمت مساء الخميس الماضي وسط العاصمة.
لا مخاوف
وقالت وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، إنه لا وجود لأي مخاوف أو تحديات أمام إقامة فعاليات احتفالية المنامة عاصمة الثقافة العربية، وأكدت أن الاستعداد لبعض الفعاليات السنوية التي ستتزامن مع هذه الفعاليات فاق عن الأعوام السابقة. واعتبرت الوزيرة في تصريح للجزيرة نت أن ما ستقدمه فعاليات المنامة عاصمة الثقافة العربية هو ناتج عن تراكمية ودور لعبته البلاد على مدى سنوات. وحول ما إذا رفض بعد المدعوين الدعوات التي وجهت لهم بسبب مواقفهم لما يجري بالبحرين من أحداث، أكدت الوزيرة أنه لم توجه الدعوة لأي مثقف ورفضها.
الانقسام السياسي
من جانبه أقر رئيس أسرة الأدباء والكتاب البحرينيين أن الأحداث التي شهدتها البلاد أثرت بشكل كبير على المشهد الثقافي مما انعكس على علاقات المثقفين فيما بينهم بفعل الاختلاف في المواقف السياسية. وأضاف الشاعر إبراهيم بوهندي أن البحرين لديها تراث تاريخي وثقافي يجمع مكونات المجتمع البحريني، وعلى نحو ما كان ينبغي أن ينعكس معه الانقسام السياسي على نظيره الثقافي. وفي الوقت الذي أعرب فيه عن تحفظه لعدم مبادرة وزارة الثقافة بدعوة المؤسسات الثقافية للمشاركة في فعاليات الاحتفالية، كشف الشاعر أن الوزارة أبدت استعدادها لدعم بعض الفعاليات التي تقدمت بها أسرة الأدباء بحيث تتزامن مع فعاليات عاصمة الثقافة العربية. وشدد على ضرورة أن تسهم احتفالية المنامة لتعيد الاعتبار لما تزخر به البلاد من حراك ثقافي يجمع من جديد أبناء البحرين، داعيا المثقفين لعدم تضييع هذه الفرصة "لنخرج على العالم بالوجه الذي يعكس حقيقة البحرين وأهلها".
ثقافة الاستبداد
غير أن نائب رئيس أسرة الأدباء والكتاب السابق يرى أن البحرين تعيش الوقت الحالي ثقافة وصفها بالسوداء والتي ظهرت بالإعلام الرسمي من خلال تكريس الطائفية وثقافة الاستبداد "ومن يقوم بهذه الثقافة لا يمكن له أن ينظم احتفالية لعاصمة الثقافة العربية". كما انتقد الشاعر أحمد العجمي ما تعرض له نخبة من المثقفين والفنانين البحرينيين خلال الأزمة من سجن وفصل من أعمالهم والتشهير بهم في الإعلام الرسمي على خلفية تعبيرهم عن الرأي، وأشار إلى أن عددا منهم كان يعمل بوزارة الثقافة التي تنظم احتفالية المنامة.
واعتبر أن المنامة مازالت تحت ما سماها ثقافة القمع "وهي بذلك غير مهيأة لتنظيم أي احتفالية ثقافية" وأن الأولوية تتمثل بترسيخ ثقافة الديمقراطية، مشددا على ضرورة تجاوز حاجز الخوف وحالة الانكسار والخروج للثقافة الجديدة التي تقاوم هذه المؤسسة المعنية بالثقافة. وحول ما إذا كان يهمه -كأديب بحريني- أن تكون المنامة عاصمة الثقافة العربية، أكد العجمي أن فكرة عاصمة الثقافة العربية هي شكليات ثقافية رسمية تتناوب عليها الدول العربية ولا تعكس واقع الثقافة بالبلد "والدليل هو تهميش المثقف البحريني والفعاليات البحرينية" في احتفالية المنامة عاصمة الثقافة العربية.