«وتبقى الثورة مستمرة».. شعار آمن به كثيرون من أهل الفن.. حاولوا بينهم وبين أنفسهم أن يمتد مفعول وقيمة وهدف الثورة التى انطلقت يوم 25 يناير 2011 لتلهم أعمالهم وتنتفض رؤاهم وتحدد مسارا جديدا لخطواتهم القادمة. وحتى إن كانت الأجواء الحالية لا تسمح بمرور تجارب فنية غزيرة الإنتاج، وهو ما يجعل البعض أيضا يلتزم الهدوء حتى تتضح الصورة.. لكنها حالة مؤقتة والكل يراهن على ألا يفتر أصحاب الثورة من أجل نهضة فنية لها مذاق مختلف.
فشأن جميع المصريين، فوجئ الفنانون باندلاع الثورة، وشأنهم كذلك لا يعرفون موعد نهايتها، فمنذ اندلاع الشرارة الأولى، ومازالت الثورة مستمرة.. تهدأ حينا وتشتعل أحيانا، وكذلك الحال بالنسبة للمشهد على الساحة الفنية، حيث تحول مشهد الثورة إلى «أيقونة» المؤلفين والمخرجين الذين يستعدون لأعمال جديدة.. وإذا كانت بعض أعمال 2011 قد حاولت جاهدة التشبث بالثورة بمشهد هنا أو كلمة هناك، فمن المتوقع أن يكون مشهد الثورة أساسيا فى كل أعمال 2012، ولكن بدرجات متفاوتة.
فيما استغل كثير من المذيعين الحرية التى اكتسبها الإعلام بعد ثورة 25 يناير فى تقديم موضوعات كان مسكوتا عنها، اتجه فريق آخر إلى استغلالها فى التعبير عن وجهات نظر شخصية دون الالتزام بأى قواعد أو معايير مهنية.
كيف يحافظ الإعلام على هامش الحرية الذى يتمتع به بعد الثورة دون أن يتحول إلى فوضوية؟ هذا ما يجيب عليه الإعلاميون أنفسهم فى هذا التحقيق.
الإعلامية ريم ماجد تقول إن المذيعين هم من انتزعوا الحرية للإعلام ولم تمنح لهم، فهناك ضغوط قوية لازالت تمارس قد تكون بطرق غير مباشرة لكن هذا لا ينفى أنها موجودة ومؤثرة.
وأوضحت أن هناك نوعين من الإعلام الأول يقول فيه المذيع ما يحلوا له دون تدقيق وهذا يجب أن يقنن ويقضى عليه، والثانى يقول فيه المذيع الحقيقة بحرية موثقة بالمستندات والمعلومات وهذا ما يجب أن نحافظ عليه.
وتضيف: «لأن الفرق بين النوعين كبير يجب أن يضع الإعلاميين الموثوق بمهنيتهم ميثاق شرف، يشمل القوانين التى تنظم العمل الإعلامى، وتحمى المذيع من البطش به إذا ما كشف حقيقة، وفى الوقت نفسه تحاسبه إذا ما ارتكب جريمة، فالإعلامى ليس معصوما من الخطأ، لكنه أيضا يجب أن يحصل على الحرية التى تمكنه من أداء عملة دون رقابة أو وصاية من السلطة».
وترى ريم ماجد أن هذا لن يحدث إلا من خلال إنشاء كيان مستقل قد يكون مجلسا وطنيا ينظم العمل الإعلامى أو نقابة، تضع معايير محددة لممارسة المهنة دون تقييد لحرية الرأى والتعبير، من يتخطى هذه المعايير يحاسب، ومن يقدم عملة بمهنيه توفر له الحماية الكاملة. الإعلامى شريف عامر بدأ حديثة معرفا الحرية، فقال: «هى قول الحقيقة موثقة وليس أن تقول للناس ما تريد». وشبه الإعلام بعد الثورة بالشاب المراهق الذى يشعر بقوته وعنفوانه، ويصل به الأمر إلى حد الغرور، والإعلام يشعر أنه فجأة أصبح قويا ومؤثرا، كلمته مسموعة وتصل للمشاهد والمسئول، لكن للأسف أن هذا النمو غير منظم، بمعنى أن هناك من يستغل الحرية فى تقديم موضوعات شديدة المهنية، وهناك من يسىء استغلالها متعمدا أو جهلا فيشطح ويخرج عن السياق.
وعلق عامر: وضع معايير تنظم العمل الإعلامى، بوضع قانون موازٍ يسمح بحرية تداول وتدفق المعلومات، حينها لن تحمل لأحد أعذارا إذا نشر أخبارا مفبركة أو نسبها لمصادر مُجهلة. إما الإعلامية أميرة عبدالعظيم مقدمة برنامج «استوديو 27» قالت أنه لا خلاف على أن هناك حرية اكتسبها التليفزيون المصرى بعد الثورة، لكنها لاتزال منقوصة، مؤكدة أن الحرية التى تتمتع بها فى التليفزيون حاليا غير مسبوقة، فكل مذيع مسموح له أن يقول ما يريد دون المساس بأمن واستقرار البلد، وهذا دائما يضع الإعلامى فى مأزق.. هل يخفى الحقيقة أم يقولها حتى إذا كان فى ذلك هدم البلد؟، هذا هو حال مذيعى التليفزيون الذين يعيشون حالة لخبطة رهيبة بين مواكبة الفضائيات الخاصة وبين ما فيه أمن واستقرار البلد، لذلك يلجأ الجميع إلى إمساك العصا من المنتصف، وهذا ما يؤخذ على التليفزيون المصرى دائما، فالمذيعون لا يريدون أن يكونوا ضد التيار، لكنهم فى الوقت نفسه لا يريدون أن يشاركوا فى هدم البلد. وأيدت أميرة وضع وثيقة مبادئ تنظم العمل الإعلامى وتفرض على التليفزيون الرسمى والفضائيات الخاصة، لأنه ليس لائقا أن تكون الفضائيات فى اتجاه والتليفزيون المصرى فى اتجاه آخر.