طالبت المعارضة السورية مساء الاثنين مجلس الأمن الدولي ب"تبني" تطبيق المبادرة العربية في شأن سوريا بهدف إنهاء "المأساة" في هذا البلد، وذلك على وقع استمرار الهجوم العسكري الكبير على مدينة حمص. وأكدت المعارضة وصول عدد من المراقبين العرب إلى حمص مشددة مع ذلك على أنهم لا يستطيعون القيام بمهماتهم، فيما أفاد ناشطون حقوقيون أن حصيلة الضحايا المدنيين ارتفعت الاثنين إلى 44 قتيلا برصاص الأمن والجيش.
ووصلت بعثة أولى تضم خمسين مراقبا عربيا مساء الاثنين إلى سوريا لمراقبة الوضع على الأرض، وفق ما أفادت قناة الدنيا السورية الخاصة القريبة من النظام.
وذكرت القناة أن "وفدا من خمسين مراقبا وصل مساء الاثنين إلى دمشق"، موضحة أن عشرة من هؤلاء مصريون، وكان الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي قد أعلن أن المراقبين العرب سيبدأون مهمتهم الثلاثاء.
وقال رئيس المجلس الوطني السوي المعارض برهان غليون في مؤتمر صحفي في باريس "من الافضل أن يتولى مجلس الأمن الدولي أمر هذه الخطة (العربية) ويتبناها ويؤمن سبل تطبيقها"، معتبرا أن "هذا الأمر سيمنح المبادرة مزيدا من القوة".
وأضاف غليون أن "الخطة العربية اليوم هي خطة جيدة لاحتواء الأزمة، ولكني أعتقد أن الجامعة العربية لا تملك الوسائل الفعلية لتطبيق هذه الخطة".
وحض الجامعة العربية والأممالمتحدة على "وضع حد للمأساة" في سوريا فيما تواصل قوات الجيش شن هجوم كبير على العديد من أحياء مدينة حمص التي تشكل معقل المعارضة المناهضة لنظام بشار الأسد.
وأكد غليون أن مراقبين عربا وصلوا إلى حمص لكنهم لا يستطيعون القيام بمهمتهم، وقال إن "بعض المراقبين وصلوا إلى حمص"، مضيفا أن "هؤلاء أعلنوا أنهم لا يستطيعون الوصول إلى أمكنة لا تريد السلطات السورية أن يصلوا إليها".
وإذ تحدث عن وقوع "مجازر" في حمص وخصوصا في حي بابا عمرو، طالب غليون الجامعة العربية ب"التدخل للتنديد بهذا السلوك" من جانب السلطات السورية، كما طالب "الأممالمتحدة وأمينها العام والقادة الأوروبيين بالتدخل للقول ينبغي وضع حد لهذه المأساة".
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الاثنين أن عدد القتلى برصاص قوات الأمن والجيش السوري ارتفع إلى 44 وهم موثقون بالأسماء وظروف استشهادهم لدى المرصد.
وقال "في محافظة حمص استشهد 34 مواطنا قتلوا خلال قصف حي بابا عمرو وإطلاق رصاص في أحياء أخرى من المدينة وفي تلبيسة الرستن".
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد نقل عن أحد الناشطين قوله إن "في محافظة حماة استشهد 4 مواطنين ثلاثة في بلدة خطاب بريف حماة وشهيد بمدينة حماة"، موضحا أنه "في محافظة أدلب استشهد مواطنان اثنان أحدهما بإطلاق رصاص حاجز أمني بمدينة أدلب والآخر بإطلاق نار قرب مدينة سراقب".
وأوضح "في محافظة ريف دمشق استشهد ثلاثة مواطنين في مدينة دوما كما استشهد طفل في بلدة تسيل بمحافظة درعا"، مشيرا إلى ورود أنباء للمرصد عن "وجود 15 جثة لمواطنين مجهولي الهوية في حيي بابا عمرو والسلطانية بحمص.
كما بلغ عدد الجنود المنشقين الذين قتلوا الاثنين في محافظتي أدلب وريف دمشق 12 منشقا بحسب المرصد الذي أشار أيضا إلى مقتل 15 عنصرا على الأقل من الجيش والأمن النظامي بينهم ضابط برتبة ملازم أول في عدة محافظات.
وكان المرصد قد أفاد عن اشتباكات عنيفة في ريف دمشق "دارت بين الجيش النظامي السوري ومجموعات منشقة في قرية الشيفونية المجاورة لمدينة دوما" مشيرا إلى أنها "أسفرت عن سقوط العشرات من الجانبين بينهم سبعة على الأقل فارقوا الحياة".
من جهة أخرى، قال المرصد إن السلطات السورية "تغير في بعض مناطق جبل الزاوية أسماء لافتات القرى ليضللوا لجان المراقبين العرب"، داعيا لجان المراقبين إلى "الاتصال بنشطاء حقوق الإنسان والثوار".
كما دعا المرصد الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي إلى "التدخل الفوري لمنع اقتحام مشفى الحكمة (القريب من حي بابا عمرو) واعتقال الجرحى من داخله".
وقال إنه يخشى أن يلقى هؤلاء الجرحى "مصير العشرات من الذين قتلوا في 20 ديسمبر في كفر عويد عندما وجهنا مناشدة بالتدخل ولم يتدخل وحصلت المجزرة".
ودعا المرصد مجددا المراقبين العرب إلى "التوجه الفوري إلى حي بابا عمرو ليتوقف القتل المستمر بحق أبناء الشعب السوري وخصوصا في هذا الحي المنكوب ولكي يكونوا شهودا على جرائم النظام السوري بحق الإنسانية".
وطلبت فرنسا من السلطات السورية الاثنين السماح اعتبارا من بعد الظهر لمراقبي الجامعة العربية بالتوجه إلى مدينة حمص.
وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو "بينما يشتد القمع في سوريا في الأسابيع الأخيرة على السلطات السورية وبموجب خطة الجامعة العربية، إن تسمح بوصول المراقبين اعتبارا من بعد ظهر اليوم إلى مدينة حمص التي تشهد أعمال عنف دموية".
ومن جهتها، جددت كندا مطالبتها النظام السوري بوضع حد للقمع كما دعت الرئيس بشار الأسد إلى الاستقالة معتبرة أنه لا يفعل إلا "تأخير ما لا مفر منه" لأنه "سوف يطرد قريبا من السلطة".
وقال وزير الخارجية الكندي جون بيرد في بيان "نحث النظام على وضع حد لأعمال العنف فورا وإلى تأمين ممر آمن للمراقبين الدوليين كي تدخل الاصلاحات التي يطالب بها السوريون حيز التطبيق".
واضاف أن "الأسد وأنصاره لا يفعلون إلا تأخير ما لا مفر منه، خسر الرئيس كل صدقية وسوف يطرد قريبا من السلطة، يجب أن ينسحب وأن يفسح في المجال لإحقاق الحق".
وتقدر الأممالمتحدة عدد القتلى في سوريا منذ بدء الاحتجاجات منتصف مارس بنحو خمسة آلاف شخص، ويقول المحتجون إن القتلى يسقطون برصاص قوات الأمن والجيش بينما تتحدث السلطات السورية عن "مجموعات مسلحة" لا عن متظاهرين سلميين كما تؤكد الدول الغربية ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان.