أحمد فتحى ومحمد عنتر ونانسى عطية وإبراهيم مصطفى تطورت الأحداث بشكل درامٍ أمام مجلس الشعب منذ ليلة أمس وحتى مثول «الشروق» للطبع، وتحول شارع مجلس الوزراء ومجلس الشعب إلى ساحة حرب بين المتظاهرين وقوات الجيش على مدار ساعات، بعد اقتحام قوات الشرطة العسكرية لاعتصام الثوار داخل شارع مجلس الوزراء.
الواحدة ليلا.. الشرارة الأولى. قالت روايات متطابقة لأطباء وشهود عيان من مواقع الاشتباكات فى شارع مجلس الوزراء والشعب أن التطور الدرامى للأحداث بدأ فى الساعة الواحد ليلا بعد قيام عناصر من الشرطة العسكرية بخطف الناشط إبراهيم العبودى ينتمى «لألتراس أهلاوى»، واقتادته عناصر من الجيش باتجاه مجمع البرلمان بين مجلس الشعب والشورى، وروى آخرون احتجاز اثنين آخرين من المعتصمين.
وقال الطبيب أحمد سعد، ل«الشروق» إنه حاول مع مجموعة معتصمين التفاوض مع عدد من قيادات الجيش التى تواجدت فى المكان الذى احتجز فيه العبودى، لكن قيادات رفضت تسليمه.
فى هذه الأثناء نادى المعتصمون على بعضهم البعض للاحتشاد، وانضمت إليهم مجموعات من الشباب فى ميدان التحرير.
وتحدث سعد عن أنهم تحفظوا منذ أيام على ضابط تحريات كان يقوم بنقل أخبار الاعتصام أولا بأول إلى قياداته، مرجحا أن يكون خطف العبودى ليتم مبادلته بهذا الضابط.
الثالثة فجرًا.. تسليم العبودى بعد مرور ساعتين على اختطاف العبودى، قامت قوات الأمن بإطلاق سراحه، لكنه كان فى حالة صحية «سيئة جدا»، بحسب روايات شهود العيان، ومصاب بنزيف مستمر من الأذن، وهو ما رجحه أحد الأطباء بأنه اشتباه فى كسر بقاع الجمجمة، ثم تم نقله على الفور إلى مستشفى المنيرة لتلقى الإسعافات اللازمة، فيما أكدت الناشطة منى سيف التى تواجدت مع عبود أثناء نقله المستشفى، أن الدكتور المستلم للحالة شخص التقرير المبدئى بوجود كدمات قوية فى الجسم والرأس وورم بمنطقة الوجه.
الرابعة والنصف فجرا.. فض الاعتصام بالحرق فى الرابعة والنصف فجرا هاجمت قوات من الشرطة العسكرية المعتصمين، فى محاولة لفض اعتصامهم المفتوح الذى وصل أمس يومه العشرين، وعمدوا إلى إحراق جميع الخيام بشارع مجلس الشعب والوزراء، ورش المياه الساخنة عليهم، فضلا عن اختفاء عدد من أجهزة كمبيوتر المحمول كان بحوزة بعض المعتصمين، مما أدى لتراجعهم باتجاه شارع قصر العينى.
كما اندلع حريق صغير بحديقة مجلس الشورى، سرعان ما تم السيطرة عليه.
السادسة صباحا.. شبح محمد محمود يخيم تمكنت الشرطة العسكرية من فرض سيطرتها على شارعى مجلس الوزراء والشيخ ريحان المجاور، وعاد المتظاهرون الذين قدرت أعدادهم بالعشرات، لتنظيم صفوفهم بشارع قصر العينى، ثم عادوا لرشق الشرطة العسكرية بالطوب، ما أدى إلى تجدد الاشتباكات، مع تراجع الأمن قليلا فى شارع مجلس الوزراء، فى هذه الأثناء اعتلت عناصر ترتدى الزى العسكرى، وأخرى بالزى المدنى مبنى شارع مجلس الشعب، وملحق آخر بالمبنى، واستمر التراشق بالحجارة بين الطرفين.
وقامت العناصر التى اعتلت المبنى برشق المتظاهرين بالطوب والرخام وألواح زجاجية، كما شوهد فى موقع الاشتباكات كراسى خشب وألواح خشبية وأحواض وقطع سيراميك، ومكاتب ودولاب من أثاث المجلس.
وإزاء هذه التطورات، أنشأ عدد من الأطباء وحدة طبية فى الشارع المواجه من مجلس الوزراء لعمل الإسعافات الأولية للمصابين. وأفاد مسعفون بهذه الوحدة الطبية للشروق بأن حصيلة المصابين منذ اندلاع الاشتباكات، تجاوز الثمانين شخصا وأغلبهم جروح قطعية فى الرأس، وأنحاء متفرقة من الجسم، حسبما قال محمد عبدالرحيم، أحد المتطوعين داخل المستشفى.
وأنهم تلقوا حالة مصابة بفقء فى العين، وحالات أخرى مصابة بطلقات خرطوش فى الأرجل وتم نقلها إلى مستشفى قصر العينى.
ومع استمرار الاشتباكات التى تزيد فى بعض الأوقات وتنخفض وتيرتها فى أوقات أخرى، قام عدد من المتظاهرين تراوحت أعمارهم بين 15 و20 عاما بمحاولة هدم السور الحديدى الذى يحيط بمبنى مجلس الشعب.
وقام المتظاهرون بتحطيم زجاج مبنى مجلس الوزراء واشعال النيران فى احدى جوانب المجلس وداخل سور الهئية العامة للطرق والكبارى المجاور للمجلس وقام قوات الجيش بالرد على المتظاهرين بالقاء ا لحجارة من فوق مبنى مجلس الشعب، كما أسفرت الاشتباكات عن احتراق سيارتين داخل مبنى هيئة الطرق.
وقال أحمد عبدالمنعم سرور المنسق العام للاتحاد المستقلين من أجل مصر وأحد المعتصمين أمام مجلس الوزراء ل«الشروق» أن سبب الاشتباكات التى وقعت بين قوات الجيش والمتظاهرين بدأت منذ الساعة الواحدة والنصف من أمس الأول وذلك بعد قيام قوات الجيش بالاعتداء على أحد المتظاهرين داخل مقر مجلس الشعب بعد محاولته بأخذ الكرة التى كان يلعب عدد من معتصمى ألتراس الأهلى أمام مجلس الوزراء.
الحادية عشرة.. هجوم كاسح باغتت مجموعات كبيرة من الشرطة العسكرية المتظاهرين فى شكل مجموعات تحمل العصى والهراوات، حيث اندفعت المجموعات من شارع مجلس الوزراء وقصر العينى وشارع جاردن سيتى الجانبى، وتمكنت من تفريق المتظاهرين فى الشوارع الجانبية، وشمل الهجوم وحدة الإسعافات الأولية مما ضاعف من حجم إصابات الأفراد الموجودين بداخلها.
وانهالت قوت الشرطة العسكرية بالهراوات على رءوس من وصلوا إليهم، فضلا عن اعتقال العشرات من المعتصمين.
الثانية عشرة.. العودة لميدان التحرير بعد حوالى الساعة، نجح المتظاهرون فى العودة من الشوارع الجانبية إلى ميدان التحرير لتأدية صلاة الجمعة، مع تفكير فى إعادة الكرة بعد تنظيم صفوفهم.
وعقب تأدية الصلاة بمسجد عمر مكرم، احتشد المئات من المتظاهرين أمام المسجد، مرددين هتافات تطالب بسقوط حكم العسكر، ومنددين بفض الاعتصام بالقوة، وطالبوا بمحاسبة المسئولين.
وأعلن مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، أن قوات الشرطة العسكرية قامت بحملة ضرب وسحل للناشطين، كما أعلن المركز أنه تم القبض على الناشطتين منى وسناء سيف شقيقتى الناشط السياسى والمدون علاء عبدالفتاح، خلال مطاردة الشرطة العسكرية للمعتصمين فى الشوارع الجانبية.
أفرجت الشرطة عن منى سيف، بينما أبقت على شقيقتها سناء، والتى كانت مصابة، حسب منى، بجرح سطحى فى الرأس وكدمات.
وخلال تبادل إلقاء الطوب والحجارة بين الجيش والثوار، أشار عدد من ضباط الجيش الذين كانوا يعتلون مبنى البرلمان للمتظاهرين بالبدء فى هدنة مؤقتة، وبعد دقائق من استجابة الثوار، بدأوهم بعلب بلاستيكية مملوءة بالفول والكشرى، وبعد دقائق أخرى عادوا لإلقاء الطوب مجددا: «تلاقى الطوب اللى عندهم خلص، وعملوا هدنة علشان يبعتوا يجيبوا مدد»، هكذا برر أحد الناشطين.
وعقب صلاة الجمعة مباشرة نظم العشرات من المتظاهرين مسيرة انطلقت من مسجد عمر مكرم إلى مقر مجلس الوزراء للتضامن مع المتظاهرين الذين أصيبوا خلال الاشتباكات مع قوات الجيش، مرددين هتافات ضد المجلس العسكرى منها «الشعب يريد إسقاط المشير، يسقط يسقط حكم العسكر، والشعب والشعب ايد واحدة، قول ما تخفش المجلس لازم يمشى».