يبعث أول انتاج سنيمائي يغطي الاحتجاجات في مصر وتونس هذا العام من جديد نشوة الثورات التي كان كثيرون يعتقدون أنها لن تحدث أبدا، لكنه يكشف أيضا عن مؤشرات على الصراعات المرتقبة بشأن الجماعات الإسلامية. فالمرحلة الأخيرة من الثورة التي أسقطت زين العابدين بن علي في تونس ثم الأسابيع الثلاثة للثورة التي أدت إلى سقوط حسني مبارك في مصر جرت أمام أعين العالم في ظل مراقبة الاعلام ووسائل التوثيق الأخرى على الأرض للأحداث يوما بعد يوم على العكس من انتفاضات مثل التي شهدتها إيران عام 1979 والسودان عام 1985.
وفي فيلمه "ميدان التحرير" يستخدم مخرج الافلام الوثائقية الايطالي ستيفانو سافونا، لقطات مذهلة وسط الحشود التي امضت ثلاثة ثلاثة اسابيع في وسط القاهرة في يناير وفبراير في تسلسل أشبه بالحلم يسجل الهتافات والايقاعات المؤثرة للمحتجين المصريين.
ويسهر قارعو الطبول ومن يقودون الهتافات الذين يخرجون بمجموعة من القوافي المبتكرة حتى وقت متأخر من الليل في مجموعة من الفعاليات التي تؤكد على أمل المحتجين الذين لم تهتز معنوياتهم أبدا ولا تنتهي وسائلهم لتسلية أنفسهم. كما أدار شبان نقاشات بشأن المستقبل والذي بدأت تتضح معالمه بالنظر الى التقدم الذي حققته الجماعات الاسلامية بقيادة الاخوان المسلمين في أول انتخابات حرة في مصر.
وتقول شابة تدعى نهى "لا أعرف بماذا أفكر فيهم (الاخوان المسلمين) لان كل ما سمعناه عنهم كان من الدولة. لا يهم ما اذا كانت الدولة المستقبلية دينية أم لا ، المهم أن تخلصنا من النظام".
وبعد إعلان نبأ تنحي مبارك تركز الكاميرا على شاب مصري اخر يدعى احمد الذي يعلن بالانجليزية "سيكون لدينا الان دولة مدنية (علمانية) ، لن تكون لدينا دولة دينية".
وتعرض الافلام الوثائقية في مهرجان دبي السينمائي الدولي. وفي فيلم وثائقي مصري اخر هو "مولود في 25 يناير" وهو اليوم الذي بدأت فيه الاحتجاجات تسلط الكاميرا على لافتة يرفعها أحد المحتجين. وقال رشوان وهو مخرج سينمائي ينتمي الى المجتمع الفني الذي يشعر بالقلق بشأن صعود الاسلاميين في المستقبل ان المخاوف مبالغ فيها.
وأضاف "أعتقد أن الثورة مستمرة. عندما يصاب الناس بخيبة الامل كل ما عليهم فعله هو التوجه الى يوتيوب ومشاهدة كل اللقطات السابقة".
ويوثق فيلم "لا خوف بعد اليوم" للمخرج التونسي مراد بن شيخ ردود فعل مدونة ومحامية حقوقية وصحفي خلال المراحل الأخيرة من الثورة التونسية بعدما فقدت قوات الأمن السيطرة على الشوارع.
ويذكر أنه على الرغم من اشتهار مصر بشعارات الشوارع فإن تونس هي أصل هتاف الربيع العربي "الشعب يريد اسقاط النظام" وشعار "ارحل". ولم تكن تونس تتسامح مع معارضة بنفس الحجم الذي كانت تسمح به حكومة مبارك نظرا لأنها تصغرها مساحة وكان من السهل على بن علي السيطرة عليها، حيث كان المجتمع المدني مخنوقا بشكل شبه كامل.
وتناقش المحامية راضية نصراوي الاحداث الدائرة اثناء تناولها الطعام مع أصدقائها في مطعم. وتقول "لم يكن ممكنا حتى أن نلتقي على هذا النحو من قبل فقد كانت ستصلهم معلومات مسبقة عن المكان الذي سنتناول فيه الغداء". وتتذكر نصراوي زملاءها الذين دمرت حياتهم بسبب مراقبة ومضايقات الشرطة.
وقالت "قمنا بثورة عام 1984 وكانت بسبب الخبز لكن هذه الثورة مختلفة فهي من أجل الحرية والحقوق والواجبات.