تغطية إخبارية وتحليلية واسعة حظى بها تصريح عضو «المجلس الأعلى للقوات المسلحة»، اللواء مختار الملا، بأن البرلمان المقبل لن يكون ممثلا لكل الشعب المصرى، ومن ثم لن ينفرد بصياغة الدستور الجديد. تصريح اللواء الملا رأت فيه العديد من وسائل الإعلام الغربية، ومنها وكالة رويترز، محاولة لطمأنة الولاياتالمتحدة التى تقدم مساعدات عسكرية لمصر بمليارات الدولارات، والمتوجسة من الصعود السياسى للإسلاميين منذ الإطاحة بالرئيس حسنى مبارك فى الحادى عشر من فبراير الماضى.
لكن فى المقابل، اختلفت الصحف الغربية حول التأثير المحتمل لهذه التصريحات على الساحة السياسية المصرية، إذ اعتبرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية هذا التصريح يمثل أحدث حلقة فى الصراع بين المجلس والليبراليين والإسلاميين الذى يطالبون بحق البرلمان المنتخب فى وضع الدستور.
ومتفقة معها، توقعت جارديان البريطانية أن تشهد المرحلة المقبلة مواجهة سياسية بين الإخوان والمجلس، لكون «العسكر عازمون على أن تكون لهم الكلمة الأخيرة فى صياغة الدستور؛ للحفاظ على المزايا والامتيازات التى تتمتع بها المؤسسة العسكرية فى مصر»، على حد قول الصحيفة.
ورأت الصحفية أن «الجدول الزمنى الحالى لانتقال السلطة فى مصر من المؤسسة العسكرية إلى الحكم المدنى يهدف إلى منع أى فئة سياسية فى مصر من التحكم بمستقبل البلاد خلال العقود المقبلة». إلا أن «وول ستريت جورنال» الأمريكية، وعلى عكس نيويورك تايمز وجارديان، استبعدت وقوع صدام بين المجلس وجماعة الإخوان المسلمين، مرجحة سعى الإخوان إلى «صفقة تتيح تدخلا أقل للمجلس العسكرى فى صياغة الدستور».
ورأت أن «المجلس العسكرى يسعى لتعزيز سلطاته عبر عملية صياغة الدستور الجديد، فى محاولة لتقليل صلاحيات الإسلاميين بعد فوزهم» بنصيب الأسد فى المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية.
فى هذا السياق، رأى مركز كارنيجى لدراسات الشرق الأوسط أن الطريق إلى «الدستور الجديد ملىء بالألغام»، أبرزها أن البرلمان المقبل ستكون فيه أغلبية غامضة تدخل معترك الحياة السياسية للمرة الأولى، وهى القوى الإسلامية، وسيكون للبرلمان دور تشريعى مقيد، وبلا سلطة على الحكومة.
وثانى لغم، هو تحديد المجلس العسكرى موعد الانتخابات الرئاسية بشكل عابر بدون تخطيط، فبينما أعلن المجلس عن أن المرحلة الانتقالية تبدأ بالانتخابات البرلمانية، فالرئاسية وتنتهى بصياغة الدستور، نصت التعديلات الدستورية، التى جرى الاستفتاء عليها فى مارس الماضى، على انتخاب رئيس الجمهورية قبل وضع الدستور الجديد.
صحيفة لوفيجارو الفرنسية من جهتها، وفى الافتتاحية أمس، قالت إن نجاح الإسلاميين فى الوصول إلى السلطة بتونس والمغرب ومصر يبعث برسالة مهمة إلى الغرب عن بدء مرحلة صعبة ومعقدة فيما يتعلق بالمصالح الغربية فى الشرق الأوسط، مضيفة أن السيناريو الأسوأ للغرب هو تحول مصر إلى «قطب إسلامى ثالث فى المنطقة بعد إيران والسعودية».
إلا أنه فى المقابل، دعا رئيس المركز الإسلامى فى جنيف هانى رمضان فى مقال بصحيفة «لوموند» الفرنسية الغرب إلى تخلى عن الصورة النمطية عن التيارات الإسلامية، ولاسيما الإخوان المسلمين، باعتبارهم يتطلعون إلى إقامة دول دينية، مشددا على ضرورة البدء فى حوار مع هذه التيارات لمعرفتها عن قرب.