أخفق طرفا المعادلة السياسية باليمن (الحزب الحاكم والمعارضة) في التوصل إلى توافق حول توزيع الحقائب الوزارية لحكومة الوفاق الوطني المزمع تشكيلها برئاسة المعارضة وفقا لآلية تنفيذ المبادرة الخليجية لحل الأزمة السياسية الراهنة بالبلاد، وقد تم حسم الخلاف بقرعة أجراها نائب رئيس الجمهورية اليمنية عبد ربه منصور هادي لإنقاذ الموقف. فعلى مدى الأيام الماضية، ومنذ تكليف نائب الرئيس مطلع الأسبوع الجاري للقيادي المعارض محمد سالم باسندوه (رئيس المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية) بتشكيل حكومة الوفاق الوطني، جرت مشاورات مكثفة بين المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم) وحلفائه وبين تحالف أحزاب اللقاء المشترك (المعارض) وشركائه، على تشكيل الحكومة إلا أنهما لم يتوصلا إلى اتفاق على توزيع حقائب الوزارات السيادية.
ورغم أن المعارضة تقدمت بقائمتين لتشكيل الحكومة وفقا لما تنص عليه المبادرة الخليجية، على أن يختار المؤتمر الشعبي العام إحداهما، ولكن لم تحظ أية واحدة منهما بموافقة الحزب الحاكم، ودارت مناقشات مكثفة حول إعادة عملية توزيع الحقائب دون التوصل إلى توافق بين الجانبين.
وإزاء هذا الموقف إضطر نائب رئيس الجمهورية بإجراء قرعة بين الجانبين لاختيار أحدهما لتقديم قائمتين آخريين لتشكيل الحكومة على أن يقبل الآخر بواحدة منهما وفقا لنصوص المبادرة الخليجية، وقد جاءت نتيجة القرعة لتحدد قيام تحالف أحزاب اللقاء المشترك (المعارضة) بإعداد قائمتين.
ونتيجة هذه القرعة قد وضعت مسألة تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني في مهب الريح ما لم يتدخل العقلاء وما لم تتقدم المعارضة بقائمتين تحظى إحداهما بقبول الحزب الحاكم، وقد تبدأ المشكلة والعقبات إذا ما أصرت المعارضة على تقديم قائمتين مماثلتين للقائمتين اللتين قدمتهما المعارضة في أول محاولة للتوافق ورفضهما الحزب الحاكم.
ورغم تجنب طرفي المعادلة السياسية باليمن (السلطة والمعارضة) كشف نتائج الحوار والمشاورات بشأن تشكيل حكومة الوفاق الوطني، وذلك بصورة رسمية، إلا أن مصادر وصفتها صحيفة (أخبار اليوم) اليمنية المعارضة بأنها قريبة من المشاورات، أكدت اليوم أن اختيار الحزب الحاكم لقائمة من بين اثنتين تتقدم بهما المعارضة لتشكيل الحكومة سيستغرق وقتا طويلا.
وأعربت المصادر عن القلق من احتمال تأزم الأوضاع السياسية قبل أن يتفق الطرفان على تسمية وزرائهم. وفي هذا السياق، قالت الصحيفة "إن قوى المعارضة اليمنية وضعت قائمتين بالوزارات السيادية وسلمتها نائب الرئيس عبدربه منصور هادي مساء أمس الأربعاء وذلك لاختيار المؤتمر الشعبي العام إحداها، طبقا لما نصت عليه الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية بشأن تشكيل حكومة الوفاق الوطني.
وأضافت أن كل قائمة تضم خمس وزارات سيادية، وأن المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم) طلب مهلة 24 ساعة لاختيار إحدى القائمتين على أن تكون القائمة الثانية من نصيب المعارضة. وطبقا لما ذكرته الصحيفة، فإن القائمة الأولى (أ) تضم وزارات النفط، والخارجية، والدفاع، والمواصلات، والأشغال العامة .. في حين تضم القائمة الثانية (ب) وزارات الداخلية، والإعلام، والمالية، والإدارة المحلية، والتجارة والصناعة.
وكان الحزب الحاكم قد عهد إلى المعارضة إعداد قائمتين في بداية الحوار بينهما، وقد أعدت المعارضة القائمتين وضمت إحداهما وزارتي الدفاع والداخلية وهو الأمر الذي أوقع الحزب الحاكم في موقف صعب، فإذا اختار القائمة التي تضم الوزارتين فإنه سيتحمل مسئولية رفع الاعتصامات والاحتجاجات كإحدى مهام وزارة الداخلية، ما يشكل مصادمات كبيرة مع الشارع اليمني، وهو ما يرفضه.
أما إذا اختار القائمة التي تخلو من الوزارتين، فإنه بذلك يكون قد تنازل عن وزارة الدفاع، وهو لا يرغب في ذلك خاصة وأن الوزارة تضم العديد من القيادات العسكرية ومنها قائد الحرس الجمهوري العميد أحمد علي عبدالله صالح نجل رئيس الجمهورية.
وقد طلب المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم باليمن) مهلة 24 ساعة لاختيار واحدة من القائمتين اللتين تقدم بهما تحالف أحزاب اللقاء المشترك بالحقائب الوزارية السيادية، على أن تكون الثانية من نصيب المعارضة وفقا لآلية تنفيذ المبادرة الخليجية، وتضم كل قائمة خمس وزارت.
وإذا ما تم الاختيار اليوم حسب ما هو متوقع، فإن إن بقية الوزارات وعددها 24 وزارة سيتم تقاسمها مناصفة بين الحزب الحاكم وقوى المعارضة بالتوافق على إعتبار أن مجموع الحقائب الوزارية 34 وزارة، 10 منها السيادية التي تضمنتها القائمتين.
وفي مرحلة لاحقة بعد التوافق المرتقب على توزيع الحقائب الوزارية السيادية وغير السيادية، سيقوم كل جانب بتسمية الأشخاص الذين سيشغلون هذه الحقائب، وهذه معضلة آخرى قد تجد اعتراضات من كل جانب على اختيارات الجانب الآخر.
ووفقا لآلية تنفيذ المبادرة الخليجية، فإنه سيتم أيضا - وبالمناصفة بين الجانبين - تقاسم المؤسسات والصناديق الإيرادية والموانىء، ويليه تشكيل وتعيين المحافظين بالمناصفة، وذلك على اعتبار أن الدستور اليمني دخل مرحلة التعطيل بشأن هذه التعيينات.