«روح 25 يناير عادت إلى ميدان التحرير»، كثيرا ما تردد الجموع الحاضرة بميدان التحرير هذه الجملة، منذ السبت الماضى، واشتعال الأحداث بين السلطة والشعب. الميدان الذى شهد حضورا من جميع أطياف الشعب المصرى لم يعد مجرد ميدان ثورى بل «مدينة كاملة» بها كل مقومات الحياة، فالباعة الجائلون من كل صنف ونوع بدءا من الفريسكا وعربات الكشرى والفول والطعمية حتى الأجهزة الكهربائية والنظارات الشمسية.
«فريسكا يا أحلى تفاح بالعسل هتلاقوه عندى»، يهتف أيمن صابر، 28 عاما، الذى أتى إلى الميدان هو وأخوه السبت الماضى ليلا للتظاهر واستطاعا مقاومة قوات الأمن التى تهاجم الميدان حتى أصيب أخوه، واضطر لمغادرة الميدان.
«بعد ما انضرب فى راسه بخرطوش أنا سبت المظاهرات وجيت أبيع فريسكا فى الميدان علشان أصرف علينا»، يقول أيمن، مضيفا: «أنا جيت رغم رفض أمى للنزول، ولكن أنا مش خايف أنا مستعد أموت هنا فى الميدان».
بجوار أيمن بائع الفريسكا كان المستشفى الميدانى يتلقى المزيد من المعونات الطبية والغذائية التى أتى بها المتظاهرين والمواطنين العاديين ومنهم ثلاث فتيات: أمانى ودينا وسمر، اللاتى أكدن أنهن أتين للميدان دون علم عائلاتهن، ليس للتظاهر وإنما للتبرع ببعض المعونات الطبية والغذائية.
دينا على، 21 عاما، قالت: «جئنا للميدان بعد إعلان بعض الثوار على موقع فيس بوك، حاجتهم للعديد من المعونات الطبية وعلى الرغم أننى أسكن مدينة نصر وزميلتى سمر تسكن محافظة المنوفية فإننا قررنا التغلب على خوفنا بعد ما سمعناه عن قتل المتظاهرين وصممنا على المجىء للميدان».
«جئت الميدان أسترزق، ولكن بعد ضرب الشرطة للمتظاهرين يوم الجمعة قررت أنضم للمظاهرات»، هكذا بدأ بدر حامد أحد المصابين الذى كان يتم علاجه داخل المستشفى الميدانى.
بدر البالغ من العمر 44 عاما، والذى يعمل بائع شاى قال: «جئت يوم الجمعة لكى أبيع الشاى للمتظاهرين، وفى صباح السبت جاءت الشرطة لتفض الاعتصام بالقوة وبدأوا فى ضرب كل المتظاهرين بمن فيهم الباعة وبعد إصابتى فى قدمى تم علاجى فى المستشفى الميدانى وقررت الانضمام للمتظاهرين.
بدر أكد أنه لن يتراجع عن هذا القرار قائلا: «لو أنا خفت من ضرب الشرطة وهربت من الميدان مين اللى هيدافع عن الناس دى؟».
د. جمال عبدالعليم أحد الأطباء داخل المستشفى الميدانى فى منتصف ميدان التحرير أكد أن الميدان به ما لا يقل عن 8 مستشفيات تم إنشاؤها بالجهود الذاتية وكل مستشفى يستقبل يوميا ما لا يقل عن 85 مصابا تتراوح إصاباتهم ما بين ضرب بالخراطيش فى القدم والرأس والوجه بالإضافة إلى استقبال المصابين بالاختناقات جراء قنابل الغاز والتى وصفها بالنوع الغريب الذى لم يستطع الأطباء التعامل معه. وأضاف عبدالعليم أن معظم المستشفيات تتلقى يوميا العديد من التبرعات الغذائية والطبية بالإضافة إلى البطاطين سواء من المتظاهرين أو من خارج الميدان والتى يتم توزيعها على المتظاهرين.