يسود جو خاص في تركيا على البيوت التركية والمساجد وحتى داخل السجون والمستشفيات وداخل الوحدات العسكرية، حيث تحيط أجواء الفرحة و السعادة والمحبة في واحدة من أهم المناسبات الدينية عند المسلمين. وتختلف عادات وتقاليد الاعياد في تركيا مترامية الاطراف، فمنهم من يستلهم عاداته من القرأن والسنة، وآخرون يرجعون إلى تقاليد وعادات أجدادهم أو المنطقة التي يعيشونها فعلى سبيل المثال، عادات وسط الاناضول تختلف عن عادات وتقاليد المنطقة الغربية أو منطقة البحر الاسود.
ويشتري الأتراك أضحية العيد على أن تتناسب مع حالته المالية فمنهم من يشتري خروفا ومنهم من يشتري بقرة ويتم الشراء بعد مساومة طويلة على الثمن، وفي أول أيام العيد تمتلئ المساجد بالمصلين وعند انتهاء صلاة العيد يذهب جميع أفراد الأسرة إلى المقابر لقراءة القرآن الكريم على أرواح موتاهم داعين لهم بالرحمة والغفران، بعدها تبدأ المعايدة في المنزل إذ يقبل الصغير يد الكبير وتقوم النساء بطبخ المأكولات والاطعمة المختلفة.
ومن أشهر الأكلات التركية في هذه المناسبة "صاج كاورما" وهو لحم مقطع يضع على صحن مدهون بالسمنة وتوقد النار تحته، وتحتل الحلويات مكانة خاصة عند الأتراك في الأعياد حيث تضع في صحن بجانبها الشوكولا والبقلاوة، ثم يأتي الشاي التركي ذي النكهة المحببة والذي يعد بطريقة خاصة لتضيف إلى جو المكان ألفة والكل يحتسي الشاي كبيرهم وصغيرهم في أكواب صغيرة، إضافة إلى عادة الاتراك الشهيرة هي كولونيا الليمون التي تعتبر هي الاخرى من العائدات التركية القديمة والمستمرة حتى يومنا هذا، وتبدأ بعد ذلك أحد تقاليد العيد وهي زيارات الأقرباء والجيران والاصدقاء.
ولوحظ في المناطق الشهيرة مثل منطقة "كزل اي" ومعناها الهلال الاحمر بقلب العاصمة أنقرة ازدحاما وحركة دائبة من المواطنين منتهزين فرصة تحسن الطقس في تلك الليلة، كما شهدت الاسواق الشهيرة مثل "أولوس" بوسط المدينة إقبالا من الاتراك على شراء احتياجات العيد، وعرض التجار كل ما تلذ الاعين من السلع الغذائية وأنواع الخبز التركي الشهي بأشكال جذابة والحلوى والمكسرات إلى جانب الفاكهة والخضروات في عرض منظم تشتهر به الاسواق التركية.
ويتم زيادة عدد وسائل المواصلات وتوفيرها مجانا للمواطنين بهذه المناسبة في المدن التركية، وفي اسطنبول تحديدا يتم تسيير الحافلات العامة والعبارات بين طرفي المدينة الاسيوي والاوروبي مجانا في فترة الأعياد.
وتفرض الجهات الرسمية المختصة غرامات كبيرة على المواطنين الذين يذبحون ذبيحتهم في الشوارع والميادين العامة وجاء فرض الغرامات على اثر التعليمات الواردة من الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى أن الحكومة قررت الابتعاد عن هذه المناظر التي تشوه البيئة وتضر بالصحة و"تخوف الاطفال" حسبما يرى البعض هنا، وبالتالي قامت بزيادة فتح المذابح التابعة للبلديات والأوقاف والأعمال الخاصة حيث يتم ذبح 150 ألف أضحية إضافة الى قيام المواطنين بذبح الاضحية داخل حديقة منازلهم.
وسيشهد هذا العام توزيع أضحية العيد إلى الصومال وأفريقيا ولمنكوبي زلزال مدينة فان، ومما يلفت الانظار، ازدادت الحركة السياحية في المدن التركية في مقدمتها اسطنبول قبل فترة العيد؛ حيث يزورها سياح عرب من مختلف الدول العربية بأعداد كبيرة في مقدمتهم مواطني الدول الخليجية رغم زيادة التخوفات من قبل العديد من الأشخاص بعد وقوع زلزال "فان" مؤخرا؛ إضافة إلى أن حركة سياحة الأتراك تزداد هي الاخرى في العيد سواء زيادة انتقالهم من مدينة لأخرى أو السفر للخارج؛ حيث يتوقع أن يصل أعداد أولئك إلى 350 ألف مواطن تركي.
وتشهد المدن الساحلية عموما إقبالا من المواطنين الاتراك وقت المناسبات الدينية على زيارتها مثل مدن "بورصة" والتي تكثر بها العيون المائية الصحية وسياحة التزلج على الجليد، كما يعشق الأتراك أنطاليا على البحر المتوسط حيث درجة الحرارة الآن 25 درجة مئوية ومدينة أزمير على بحر إيجه.
أما اسطنبول، درة المدن التركية وبوتقة الزائرين من كل حدب وصوب ، فتسهر حتى الصباح في هذه المناسبة حيث يرتاد زوارها المطاعم والمقاهي.
وللعرب في أنقرة تقليد خاص في الاعياد ، كما يقول ظافر عصفور رئيس الجالية الفلسطينية في تركيا ، وهو أن السفارات العربية تستضيف مواطنيها في أول أو ثاني يوم العيد ولمدة ساعتين أو ثلاث ساعات ، ويتم التعارف بين المواطنين الجدد والقدامى وهم إما عائلات أو طلبة يدرسون في تركيا ثم يتبادلوا الزيارات العائلية بينهم فيما بعد، أما العربي المتزوج من تركية أو العكس فيقوم بزيارة أهل الزوج التركي لأنه يصبح واحدا منهم.
وأنقرة عموما، لا تسهر سوى للساعة التاسعة مساء، وتقتصر الحركة بعد ذلك على رواد المطاعم والمقاهي حتى بعد العاشرة أو الحادية عشرة على أقصى تقدير.