ظهرت قطع من مجموعة ضخمة لا تقدر بثمن من العملات المعدنية القديمة والمجوهرات والتماثيل النادرة التي نهبت من قبو أحد البنوك في شرق ليبيا في غمرة الفوضى التي صاحبت الانتفاضة ضد حكم الزعيم الليبي معمر القذافي في السوق المحلية والتي يجري نقلها إلى الخارج. وسرق لصوص نحو ثمانية آلاف قطعة بعد أن أحدثوا ثقبا في قبو البنك الخرساني ببنغازي في الأيام الأولى لأعمال شغب شهدتها الثورة، بعد أن أمتدت النيران من مقر مجاور للشرطة السرية. ويقول مقيمون في الحي المطل على البحر، إن لصوصا هاجموا البنك في فبراير حين انتفضت بنغازي ضد حكم القذافي، مما أدى إلى اندلاع ثورة انتشرت إلى أرجاء البلاد.
واقتحمت حشود مباني رسمية لتحرير سجناء سياسيين، وقال بعض المقيمين إن هروبا جماعيا من سجن قريب ربما سمح لمجرمين عتاة الإجرام بالانقضاض على البنك. يتناثر الرماد والزجاج المهشم في البهو العثماني للمبنى وهو المركز الرئيسي للمصرف التجاري الليبي. لاتزال أقبيته تحت الأرض مفتوحة يلفها الظلام ويوجد في بعضها سجلات مرتبة بعناية للتعاملات مع بيوت التمويل الغربية.
وقال يوسف بن نصر المدير بمراقبة الآثار في المدينة التي بنيت على موقع يحمل اسم بنغازي العتيقة ، من مكتبه الذي حوله الى مخزن للآثار على مسافة قريبة من البنك المنهوب، إن هذه كنوز قومية لا تقدر بثمن وحقبة من تاريخ ليبيا قد فقدت. وشملت المسروقات عملات ذهبية وفضية نادرة عليها كتابة بخطوط إسلامية وآيات قرآنية.
وحكمت الأراضي التي أصبحت ليبيا امبراطوريات متوسطية متعاقبة على مدى قرون وبها بعض أجمل الآثار اليونانية والرومانية والتي لم تفسدها الحياة الحديثة الى حد كبير ولم يرتدها السائحون. ويقول خبراء إن معظم الآثار الليبية لم تتضرر خلال الانتفاضة التي استمرت تسعة اشهر بفضل توليفة من حسن الحظ والعمل الدؤوب لأشخاص مثل بن نصر الذي قضى معظم وقته منذ فبراير في تأمين تاريخ ليبيا في صناديق كتلك التي تملأ مكتبه الآن معظمها على نفقته الشخصية.
غير أن المجموعة التي كانت في مصرف بنغازي لم يحالفها نفس الحظ. وقال بول بينيت وهو عالم آثار بريطاني متخصص في الآثار الليبية "هذه اكبر سرقة نمت الى علمي، المؤشرات هي أن بعض المكتشفات وجدت طريقها الى السوق". ويقول بن نصر إنه على الرغم من حملة للشرطة تشارك فيها الشرطة الدولية (انتربول) فإن جزءا من مسروقات المصرف التجاري الليبي بدأت تغادر البلاد بالفعل.
وقال بينيت "ليس في وسعنا القيام بالكثير باستثناء أن نطلب من المؤسسات على مستوى العالم مساعدتنا في استعادة الآثار الليبية اذا ظهرت حتى يمكن إعادتها"، مشيرا إلى أن ليبيين يعيشون في مصر جمعوا أموالا لشراء تمثال اله الحب كيوبيد الذي عثر عليه في سوق بالاسكندرية.