قال الفنان محمد صبحي إن جولته في أوروبا وأمريكا ليست فقط من أجل جمع التبرعات لمشروع العشوائيات المعروف ب "حملة المليار" من الجاليات المصرية فى أمريكا وأوروبا ومن داخل مصر أيضا، ولكن من أجل التواصل مع العقول المصرية التي رفعت هامة مصر دون تكالب على سلطة أو على كرسى، ممن أثبتوا أنفسهم في الخارج في منظومات مختلفة عن مجتمعهم بتفكير متوائم مع حركة العالم التي نحتاج إلى الاقتراب منها. وشدد صبحي على أن عودة التعامل مع الجاليات المصرية في جميع أنحاء العالم بأفكارها واقتراحاتها ورؤيتها هو ما نحتاج إليه اليوم في مصر.. وقال "إن الثورة أخرجت خلال 18 يوما أجمل ما فى الشعب المصرى.. وبعد سقوط النظام هدأ الثوار الحقيقيون لأنهم أنجزوا مهمتهم وهى إسقاط النظام.. أما من له غرض فنزل إلى الشارع بعد ذلك وقال "ماذا سآخذ أنا"، وبدأت الفرقة وبدأت الائتلافات التى لا حصر لها، وظهر لأول مرة في مصر ما يعرف بالطوائف..
وأضاف كما تبدى لأول مرة ما يعرف بالتوافق الوطني الذي يقسم مصر إلى شيعة، وبهائيين، وسلفيين معتدلين، وسلفيين متشددين، وإخوان وسط، وأخوان معتدلين، وإخوان متشددين، ومسيحيين معتدلين، ومسيحيين متشددين، وشيوعيين وليبراليين.. وكلها مسميات غريبة على مصر وليست على أجندتها الوطنية.. فمصر على مدى تاريخها نسيج واحد لا يعرف كل هذا الانقسام والتشتت الذي لا يدعو إلا لنشوب حرب إسلامية-إسلامية وإسلامية-مسيحية في جو غريب عن مصر.. ولا يمكن أن يصدق أحد أنه يحدث خلال شهور قليلة في مصر.
وأكد الفنان صبحى أن هناك فرق بين إسقاط النظام وإسقاط الدولة، مشيرا إلى أن المصريين مع الثورة بمفهوم الثورة، وهو إسقاط النظام الفاسد كرمز وتحقيق التغيير.. والتغيير لا يحدث بين يوم وليلة.. كما أن مفهوم الثورة لا يعني إسقاط الدولة.. ونوه بأن التغيير هو أن يبدأ المواطن بنفسه كي يضع مصر في المكانة التي تستحقها.
وقال الفنان محمد صبحي إنه كان يعقد 52 ندوة على مستوى مصر سنويا من أسوان إلى القاهرة مع شباب الجامعات الذين كانوا يطلبون منه ذلك، وكان الشباب يسألونه لماذا نعمل لمصر طالما أن ما نعمله يحسب للحكومة ولا ينسب لنا؟.. لماذا نعمل كل ما هو جميل لمصر وهي ليست لنا؟.. مشيرا إلى أنه كان يتقبل ذلك ويتفهمه وقتها.. أما الآن فقد تغير ذلك وأصبحت مصر لنا ويجب أن نعمل من أجلها.
وأضاف أن الحل ليس فى الحكومة القادمة ولا الحكومة التي ستأتي بعدها.. ولكنه في الدستور، ووصفه بأنه الدستور الذي نحترمه وتحترمه شعوب العالم.. وثانيا المجتمع المدني سواء من الجاليات المصرية خارج مصر.. أو المصريين من داخل مصر.. فهو الوحيد الذي يصنع استثمارا صحيحا.. ويخدم لحل مشكلة في مصر .. بحيث يضرب المثل للحكومات بما يجعلها تشعر بالغيرة للحاق بمسيرة المجتمع المدني الذي يخدم مصر ولا يعمل ضدها.
وأعرب صبحي عن ثقته فى أن مصر بها عقول مفكرة.. كما أن من عمل خارج مصر يحمل نفس العبقرية والعقل الفذ ولكنه دخل في منظومة ونظام احترمه.. واحترم ذاته فيه.. وبدأ يبدع على مستوى آخر.. وأنه ترس فى آلة كبيرة عالمية لها سرعتها وطبيعتها التي لابد أن نتفهمها.
وأشار إلى أن الأمريكيين يعتبرون أوباما صالحا إذا عمل لصالح أمريكا.. وإذا عمل ضد مصالحها فإنهم يعتبرونه خائنا.. ولذلك علينا أن نطبق هذا المفهوم.. مشيرا إلى أنه عندما يسرق إنسان أكثر من مرة من نفس السارق.. فإن العيب يكون حتما فيه هو لأنه غبي.. والشعب المصري ليس غبيا.
وأوضح صبحي أنه كان دائما يقول للشباب إن المشكلة ليست أن يكون لي عدو أقوى مني، ولكن المشكلة هى أن أجبره على احترامي.
وفيما يتعلق بمطالبة الأحزاب والتيارات الجديدة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتأجيل الانتخابات البرلمانية لاكتساب القاعدة الشعبية وبناء قدراتها، قال الفنان محمد صبحي إن استجابة المجلس جاءت لإتاحة الفرصة للجميع، مشيرا إلى أن هذه الخطوة لن تضعف الأحزاب القوية ولن تقوى الأحزاب الضعيفة.
وقال صبحي إن التشتت والتحزب الواسع النطاق لا يعبر عن نضوج سياسي، وربما يعتبر "عارا" على الثورة، مشيرا إلى أن تشكيل 158 ائتلافا خلال هذه الفترة القصيرة هو مؤشر على إضعاف الديمقراطية وليس دعمها، والخوف من تيار آخر وهو التيار الإسلامي الذي يضم عقولا عبقرية وعظيمة نحترمها، مشيرا إلى أن المرفوض هو المتاجرة باسم الدين، ومن يريد أن يكون خليفة الله على الأرض وأن يكون هو الوسيط بين الإنسان وخالفه.
وحول توجه البعض إلى التوقف عن العمل والإضراب والمطالبة بمطالب فئوية داخل مصر، قال الفنان محمد صبحي إنه يتحدث منذ قيام الثورة ويحذر من سرقتها، مشيرا إلى أن شباب الثورة الحقيقيين الذين قاموا بالثورة عادوا إلى بيوتهم.. والوجوه الآنية ما هي إلا لأناس قفزوا على الموقف لأنهم مدربون، وللأسف فإن مصر الآن "تغتصب" ربما من أناس أسوأ ممن قبلهم، وهذا هو مكمن الخطر.
ونوه محمد صبحى بأن من يشوه صورة مصر الآن ليس من مؤيدى الثورة، بعد أن وصلنا إلى اللحظة الفريدة فى التاريخ الحديث التى نشعر فيها بأن مصر أصبحت ملكنا، ولا يعقل أن نتقبل أن من وفر الحماية للثورة يعاقب بمطالبته بتحقيق كل هذه المطالب في ليلة وضحاها.. مشيرا إلى أن المصريين صمتوا وصبروا لأكثر من 30 عاما، وعليهم أن يؤكدوا الآن أنهم واعون ولن يسمحوا بسرقة مصر مرة أخرى.
ونوه بأن هذا ثابت من خلال إحصاء قام به للنكات المصرية على مدار الثلاثين عاما الماضية والتي تدل على أن الشعب يدرك أنه تمت سرقته ونهبه خلال تلك الفترة، ولكنه ثار واستعاد حقوقه بوعي،مؤكدا أن مصر هي الباقية.. وشدد على ضرورة العودة لهتاف "بالروح.. بالدم.. نفديك يا مصر" وليس أي شخص بعينه كما كان يتم من قبل.
ولفت إلى أن منصب رئيس الدولة لم يعد مغنما أو مطمعا.. ولن يكون فيه جانب من المتعة بعد الآن.. وأن من يرشح نفسه لمجلس الشعب أو لرئاسة الجمهورية يستحق أن نتوسل إليه نحن كي يقبل لأنه سيحمل أمانة ثقيلة ستدعمها الشفافية والمحاسبة، وليس أن يقاتل هو كي يحكم.. لأن هذا تكليف وليس تشريف لمن يعي المهمة حقا.