فى 17 مارس المقبل يفترض أن يكون لدينا مجلس شعب منتخب يعقد أول جلساته وفى 24 من نفس الشهر سيعقد مجلس الشورى أولى جلساته، بعد ذلك بستة أشهر يفترض أيضا أن يكون لدينا الجمعية التأسيسية المنتخبة التى ستضع الدستور وعرضه على الاستفتاء العام، وإذا صحت التوقعات فإن انتخاب رئيس للجمهورية سيتم قبل نهاية العام المقبل. إذا وبعد إعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة أمس الأول عن الإعلان الدستورى والمراسيم الخمسة الخاصة بقانون مجلسى الشعب والشورى، فقد صار لدينا ما يشبه خريطة طريق زمنية لانتقال السلطة من الجيش إلى الشعب.
هذا الأمر شديد الأهمية ليس فقط لكونه صار مطلبا ملحا لقوى وأحزاب سياسية كثيرة، لكن وهذا هو الأهم لأن البعض بدأ يساوره القلق من إمكانية تعلق قلوب بعض العسكريين بالسلطة، خصوصا بعد الظهور المفاجئ للمشير حسين طنطاوى فى منطقة وسط البلد ليلة الاثنين الماضى.
الآن حصص الحق، ويفترض أن الأحزاب والقوى السياسية ليس أمامها وقت طويل كى تهدره فى ملاسنات ومشاحنات ومعارك جانبية لن تقدم شيئا، لكن المؤكد أنها ستؤخر الجميع.
كثيرون تمنوا وأنا أحدهم أن يكون الدستور أولا والانتخابات كلها بالقوائم وليس الثلثين فقط وليتنا نتمكن من التعديل بسرعة، لكن وبما أن السهم قد نفذ والقانون قد صدر والدعوة للانتخابات تمت فينبغى علينا أن ننظر للأمام. الذين يتخوفون من طمع أو طموح العسكريين فى السلطة عليهم أن يقاتلوا من أجل الإسراع بإجراء الانتخابات وليس المطالبة بتأجيلها تحت أى مسمى.
القوى السياسية الجادة ينبغى عليها الآن أن تنسى كل شىء وتنشغل فقط بالانتخابات، عليها أن تنزل الشوارع والحوارى والقرى والكفور والنجوع والعزب لتعريف نفسها للناخبين.
عليها أن تنشغل أكثر بعمل قوائم حربية موحدة لكل القوى والأحزاب التى أسقطت حسنى مبارك كى يتم يتم قطع الطريق على فلول وبقايا النظام.
هناك خلافات كثيرة وكبيرة بين التيار الإسلامى بكل أطيافه وبين التيار الليبرالى أو المدنى، بل أن هناك خلافات وتباينات داخل كل تيار على حدة، لكن المصلحة الوطنية بل ومصلحة هذه التيارات الذاتية تقتضى من الجميع التوحد والتآلف ونسيان الخلافات والتناقضات مؤقتا حتى يتم انتخاب مجلسى الشعب والشورى.
لا أعرف هل تدرك هذه القوى أن البرلمان المقبل سيكون مصيريا لأسباب متعددة أهمها أنه الذى سيضع الدستور، أم لا؟.
هناك قوى هامشية داخل كل تيار وحزب من قوى الثورة تدفع بحسن أو سوء نية لا فرق فى اتجاه أحداث مزيد من التناقضات، أو تعميق الخلافات مع المجلس العسكرى، وللأسف لا تدرك هذه القوى أنها تعمل لمصلحة حسنى مبارك ونظامه الذى لم ينهار بالكامل حتى الآن.
المعركة الآن ليست وينبغى ألا تكون بين الإسلام والليبرالية أو العلمانية، المعركة بين الحرية والكرامة وحقوق الإنسان من جهة والاستبداد والطغيان والفساد من جهة أخرى.
المعركة أيضا ليست بين قوى الثورة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة مهما كان حجم الخلافات والنفخ المشبوه فيها الذى يتم بواسطة قليل من الخبثاء وكثير من السذج المعركة الحقيقية هى أن تتوحد القوى والأحزاب السياسية الرئيسية لانتخاب برلمان نزيه يفضل أن يعبر عن كل القوى الحية والديمقراطية، ثم نضع دستورا عصريا، وننتخب رئيسا للجمهورية ثم نبدأ الانطلاق إلى المستقبل.
«الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور متاشبهات أو مشبهات».. فاتقوا المشبهات يا أولى الألباب يرحمكم الله.