صرحت الوكالة العربية السورية للأنباء، أمس السبت، أن القوات السورية استعادت السيطرة على بلدة الرستن الواقعة بوسط سوريا، بعد أطول اشتباكات بين الجيش ومنشقين خلال انتفاضة مستمرة منذ ستة أشهر ضد حكم الرئيس السوري بشار الأسد. وأضافت الوكالة، "عاد الأمن والهدوء إلى مدينة الرستن في محافظة حمص، وبدأت المدينة باستعادة عافيتها ودورة حياتها الطبيعية بعد دخول وحدات من قوات حفظ النظام مدعومة بوحدات من الجيش إلى المدينة، وتصديها للمجموعات الإرهابية المسلحة التي روعت الأهالي."
وكانت البلدة التي شهدت احتجاجات ضخمة تطالب بتنحي الأسد تحت سيطرة منشقين عن الجيش ومتمردين آخرين خلال الأسابيع القليلة الماضية، وكانت القوات الحكومية المدعومة بدبابات وطائرات هليكوبتر قد تحركت إلى المدينة التي يقطنها 40 ألف نسمة، وتقع على بعد 180 كيلو مترا شمالي دمشق على الطريق الرئيسي إلى حلب يوم الثلاثاء.
وقال نشطاء محليون، إن أفراد كتيبة خالد بن الوليد وهي الوحدة الرئيسية للمنشقين التي تدافع عن الرستن انسحبوا من البلدة بعد تعرضها لقصف بالدبابات والمدافع الآلية الثقيلة، وشكلت هذه الكتيبة الشهر الماضي مع بدأ المنشقين في تنظيم أنفسهم وشن هجمات ضد قوات الامن والميليشيات المؤيدة للأسد والمعروفة باسم الشبيحة.
وينتمي الأسد إلى الأقلية العلوية التي أصبحت تهيمن منذ عهد أبيه الرئيس السابق حافظ الأسد على الجيش والأجهزة الأمنية ومؤسسات السلطة في سوريا ذات الغالبية السنية، وألقى الأسد باللائمة في أعمال العنف على جماعات مسلحة تدعمها قوى أجنبية، ويقول مسؤولوه، إن 700 من عناصر الشرطة والجيش قتلوا.
ويقول نشطاء ومدافعون عن حقوق الإنسان، إن القوات الموالية تقتل ما بين 10 و20 مدنيا في المتوسط يوميا، وقال أحد النشطاء لرويترز: إن الرستن ما زالت مغلقة، في حين "تطرح وسائل الإعلام الرسمية روايتها للأحداث"، ولكن تقارير أفادت بأن 130 شخصا على الأقل من المنشقين والمدنيين قتلوا في الهجوم منذ يوم الثلاثاء.
وأضاف، أن "كتيبة خالد بن الوليد اتخذت قرارا بالانسحاب من الرستن كي تجنب البلدة مزيدا من عمليات القتل، وقال: إن ستة من الجنود الموالين قتلوا في هجمات شنها منشقون في الحولة، اليوم السبت، وأن قوات الجيش أغلقت فيما بعد قلب المنطقة الزراعية واعتقلت 30 قرويا.
وقال ناشط آخر: إن قوات الجيش والميليشيات المؤيدة للأسد احتلت المستشفيات والعيادات في الرستن، وحولت المدارس إلى مراكز اعتقال تضم الآن مئات القرويين تمشيا مع أساليب استخدمت في هجمات على عدة مدن وبلدات في شتى أنحاء سوريا.
وقالت بيان رسمي يوم الجمعة، إن سبعة من رجال الشرطة والجيش قتلوا في عملية عسكرية ضد "إرهابيين" في الرستن، وأضاف البيان، أن الجيش ألحق خسائر فادحة في صفوف "الجماعات الإرهابية المسلحة".
وقال رامي عبد الرحمن، رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له: إن قوة مؤلفة من 250 دبابة أرسلت إلى الرست، وتقول الأممالمتحدة، إن 2700 شخص قتلوا في الحملة التي تشنها قوات الأسد ضد الاحتجاجات التي اندلعت في مارس، والتي تستلهم روح الثورات العربية التي أطاحت بثلاثة من رؤساء دول الشمال الإفريقي.
وأدانت الولاياتالمتحدة وأوروبا العنف في سوريا وفرضت عقوبات على صادرات النفط السورية فيما انتقدت قوى إقليمية أعمال القمع ودفع الحظر النفطي إلى جانب توقف عائدات السياحة وانخفاض الاستثمارات الأجنبية والتجارة دمشق إلى اتخاد إجراءات قاسية لحماية احتياطيات النقد الأجنبي لديها.
وحظرت السلطات السورية، الأسبوع الماضي، معظم الواردات باستثناء السلع الأساسية والمواد الخام، كما حاولت دون جدوى مقايضة النفط الخام بالوقود الذي تحتاجه بشدة، وأدانت الولاياتالمتحدة قمع المحتجين، وسعت لاستصدار قرار من الأممالمتحدة بفرض المزيد من العقوبات على سوريا.
وتدهورت العلاقات الأمريكية السورية يوم الخميس، عندما قام أنصار للأسد بإلقاء الحجارة والبندورة (الطماطم) على موكب السفير الأمريكي روبرت فورد، أثناء زيارته لشخصية معارضة بارزة في دمشق، وصرح مسؤولون أمريكيون بأن فورد ومرافقوه لم يصبهم أذى، لكن عددا من سيارات السفارة اتلف واضطر فورد إلى البقاء في مكتب في انتظار مساعدة قوات الأمن السورية.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية: إن جيفري فيلتمان، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، استدعى السفير السوري عماد مصطفى إلى مبنى الوزارة، ووجه إليه "توبيخا شديدا فيما يتعلق بهذا الحادث، واتهمت سوريا التي أغضبتها اجتماعات فورد مع شخصيات معارضة واشنطن بالتحريض على العنف والتدخل في شؤونها، وطالبت واشنطن سوريا باتخاذ خطوات لحماية الدبلوماسيين الأمريكيين.