ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"الأمريكية أن ما تم الإعلان عنه أمس السبت في موسكو بشأن عملية تبادل المناصب بين الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف ورئيس وزرائه فلاديمير بوتين أنهى شهورا من التخمين المصحوب بالإثارة والتشويق في الشارع الروسي والذي بدا مهتما بهذا القرار وغير منزعج به في الوقت ذاته. وقالت الصحيفة -في سياق تقرير أوردته على موقعها على شبكة الإنترنت اليوم " الأحد " - إن ميدفيديف بترشيحه لبوتين لخوض منافسات الإنتخابات الرئاسية خلال اجتماع أعضاء حزبهما "روسيا الموحدة" إنما يمهد الطريق لبوتين للعودة مجددا إلى عرش الكرملين مطبقا بذلك سياسة ترادف السلطة في روسيا، خاصة وأن الهيمنة التي يتمتع بها حزب "روسيا الموحدة" في الساحة السياسية الروسية تشير إلى أن تبادل المناصب بين الزعيمين الروسيين سيتحقق بقدوم مارس من العام المقبل .
وأضافت :"من الواضح أن بوتين هو العنصر المحرك لعملية ترادف السلطة ، فقد ظل صاحب اليد العليا في إدارة شئون بلاده بالرغم من ضعف السلطة التي يمنحها إياه منصب رئيس الوزراء نسبيا مقارنة بمنصب الرئيس ، لذا فقد توقع العديد من المحللين السياسيين أن تولي ميدفيديف لمنصب الرئيس الروسي إنما يمثل جسرا يمكن لبوتين العودة من خلاله إلى منصبه السابق والذي تقلده لفترتين سابقتين متتاليتين بين عامي 2000 و2008 ، وهما الحد الأقصى من عدد الفترات الرئاسية المتتالية التي يسمح القانون الروسي لرئيس البلاد أن يتولاها".
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن قرار تبادل الأدوار بين ميدفيديف وبوتين لم يثر إنزعاج الشارع الروسي الذي بدا أغلبه مرحبا به وإن كان البعض قد أبدى تحفظه عليه. ونقلت الصحيفة عن إحدى المواطنات الروسيات قولها "ميدفيديف وبوتين يمثلان اتجاها واحدا وإن كان لكل منهما شخصيته المختلفة عن الآخر ، أنا أحترم كليهما ولا أمانع من تبادلهما السلطة جيئة وذهابا" ، فيما وصفت مواطنة أخرى عملية التبادل بأنها "عامل استقرار واستتباب للأمور في روسيا" معتبرة عودة بوتين للرئاسة "أمرا جيدا".
في المقابل.. رأت بعض الآراء المتحفظة على عملية التبادل أن الساحة السياسية في البلاد في حاجة لظهور وجوه جديدة بدماء جديدة ، لكنها أقرت في الوقت ذاته بأن عودة بوتين للرئاسة وتولي ميدفيديف لرئاسة الوزراء ستتم لا محالة وأنه لا خيار أمام الرافضين لهذا الأمر.
من ناحية أخرى .. رأت نيويورك تايمز أن عملية إصلاح الإقتصاد الروسي ستستمر تحت قيادة بوتين في فترته الرئاسية الثالثة ، مشيرة إلى ما قام به خلال الفترتين السابقتين من فرض نظام جديد للرأس مالية مازجا فيه قطاعي الأعمال الحكومي والخاص وقائما بزج أقطاب الأعمال وراء القضبان ، الأمر الذي أدى بشركات النفط الروسية إلى ضخ كميات أكبر من تلك التي تضخها المملكة العربية السعودية في الفترة الأخيرة.
وقالت الصحيفة إن خبراء الاقتصاد لا يتوقعون أن تعود روسيا لتلك السياسات السابقة خلال الفترة الثالثة لبوتين على نحو سريع وقاطع في تحول جديد بين سياستي سيطرة الدولة والخصخصة في تاريخ الإقتصاد الروسي المعاصر. وتابعت الصحيفة قائلة :"إن روسيا شرعت في تطبيق العديد من الإصلاحات الإقتصادية تحت قيادة ميدفيديف بتحولها من الإعتماد على النفط إلى تعزيز قطاع الصناعات ذات التقنية العالية ، وهو الأمر الذي تم غالبا بمباركة بوتين بصفته رئيس الوزراء الحالي".
وأوضحت أن هذا التحول لم ينتج عن تغير في تصورات بوتين الإقتصادية ، ولكنه نتج عن عدم قدرة أرباح النفط وغيره من الصادرات الروسية على تحمل متطلبات الحياة المتنامية التي ارتكزت قيادته على العمل من أجلها. وخلال العقد المقبل.. تعتزم روسيا أن تثبت إنتاجها من النفط بواقع 10 مليون برميل ، لكن تزايد الطلب على السلع الإستهلاكية في الوقت ذاته سيفوق قدرة البلاد على الإنفاق على تلك السلع مما سيؤدي إلى حدوث عجز بحلول عام 2014. وأشارت نيويورك تايمز إلى ما قام به بوتين خلال فترته الرئاسية الأولى من تثبيت ضريبة الدخل بنحو 13 % ، وعلى الرغم مما اقترحه أمس السبت بشأن زيادة قيمة الضرائب فإن تلك الزيادة على الأرجح لن تشمل ضريبة الدخل ، لكنه قد تشمل ضرائب الإستهلاك والعقارات المفروضة على طبقة الأغنياء.
وفي هذا الصدد.. نقلت الصحيفة عن وزير المالية الروسي أليكسي كودرين قوله في وقت سابق من العام الجاري "إن تحقيق نمو الإقتصاد عن طريق زيادة حجم إنتاج النفط هو أمر لن نستطيع تحقيه" ، موضحا آنذاك أن الحكومة الروسية ستلجأ لإجراءات معقدة من أجل تحقيق النو الإقتصادي في الفتر