يواجه مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي الليبي مقاومة عنيفة في سرت وبني وليد، تستمد زخمها خصوصا من عامل القبلية الذي يطبع عادات سكان هاتين المدينتين. ويقول مسؤول ليبي سابق كبير رفض الكشف عن اسمه إن "أهل سرت وبني وليد من البدو وعندما تتفاوض معهم يجب أن تراعي هذه الخصوصية، وأن تحفظ لهم كرامتهم كرجال أمام قبائلهم وعوائلهم"، وتقع سرت على بعد حوالي 500 كلم شرق طرابلس، فيما تقع بني وليد على بعد 170 كلم جنوب شرق العاصمة.
ويضيف المسؤول السابق الذي انشق عن العقيد الهارب معمر القذافي أن "الاستفزاز الذي خلقه الثوار ولغة الغرور والتعالي في المفاوضات مع أهل سرت وبني وليد، أخرت سيطرة المقاتلين على المدينتين" وتسكن سرت قبيلة القذاذفة التي ينتمي إليها معمر القذافي، فيما تنحدر بعض أمهات القذاذفة من قبيلة ورفلة التي لطالما تمتعت بنفوذ كبير أثناء حكم القذافي في بني وليد خصوصا وفي ليبيا عموما.
وكانت قوات المجلس الوطني الانتقالي بدأت في 15 سبتمبر محاولتها للسيطرة على مدينة سرت التي يسكنها حوالى 80 ألف نسمة، إلا أنها لا تزال تواجه مقاومة عنيفة وخصوصا من القناصة الموالين للزعيم المخلوع وفي بني وليد التي تسكنها حوالى 120 الف نسمة، يواجه مقاتلو المجلس الانتقالي أيضا منذ انطلاق المعارك في المدينة قبل ثلاثة أسابيع مقاومة شرسة ولم يتقدموا منذ أيام في انتظار تلقي الأمر بشن هجوم جديد.
ويذكر أن سكان بني وليد قاموا في 1993 بمحاولة انقلابية ضد القذافي، رد عليها العقيد الهارب "بوحشية" بحسب ما يقول السكان الذين يروون أنه جرى هدم بيوت المشاركين في محاولة الانقلاب فوق رؤوس سكانها من الأطفال والنساء والعائلات.
وقرر مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي مهاجمة سرت وبني وليد إثر فشل مفاوضات لتسليم المدينتين جرت بين ممثلين عن الثوار ووجهاء من المنطقتين ويقول المسؤول السابق إنه "عندما طلب منهم (سكان بني وليد وسرت) نزع الأسلحة تخوفوا من أن تتم تصفيتهم أو الانتقام منهم علما أنهم قبلوا بأن يرفعوا علم الاستقلال، ولكن للأسف كان التفاوض مخزيا بالنسبة إليهم".