أنتجت مجموعة من شباب التيار السلفي فيلمهم الثاني بعد الثورة بعنوان "أين محلي"، وهو فيلم كوميدي يحمل دعوة القوى والتيارات السياسية والدينية للتوحد أمام تحديات المرحلة الانتقالية، وتم تصوير الفيلم بكاميرا هواة، وشارك في كتابته وتمثيله أقباط ومسلمون من توجهات مختلفة. وأنتج الفيلم (حركة "سلفيو كوستا") التي نشأت بعد الثورة لإعادة تعريف المصريين بالتيار السلفي، وقام بكتابته عمرو أمين طلبة، وهو مؤلف الفيلم الأول "أين ودني"، كما شارك بالتمثيل في الفيلمين، وتصل مدة الفيلم إلى نحو 13 دقيقة، وحقق نسبة مشاهدة مرتفعة على الإنترنت وصلت إلى نحو 110 آلاف مشاهدة خلال 24 ساعة.
والفيلم الذي تم تصويره بمنطقة عزبة الهجانة الشعبية بالقاهرة يوجه رسالة بضرورة توحد المصريين كافة -على اختلاف أفكارهم الدينية والسياسية- لبناء مصر التي استردوها من الرئيس السابق ونجله بعد 30 عاما من المعاناة. ويحكي الفيلم قصة 6 أشخاص قضوا سنوات في المحاكم لاستعادة محلهم (مصر) من رجل ظالم وابنه، وبعدما حصلوا على الحكم تفاجئوا ببعضهم عند استلام المحل، وتنازعوا على أحقية كل منهم في المحل.
وكان واضحا التصنيف السياسي أو الديني للشخصيات الستة دون تسمية، فأحدهم قبطي والآخر ليبرالي، وثلاثة إسلاميون، لكنهم مختلفون في توجهاتهم، أما الأخير فيمثل طبقة رجال الأعمال. ونجح الفيلم عبر نص كوميدي سلس في عرض مخاوف كل طرف من الثاني وحججهم في عدم التعاون في رمزية للتناحر السياسي والديني بين التيارات السياسية في مصر حاليا، قبل أن ينتهوا إلى ضرورة أن يتعاونوا ليحولوا المحل الذي تركه الرجل الظالم وابنه "خرابه" إلى شيء ونافع لهم جميعا.
من جانبه، قال محمد أمين طلبة، مؤسس (حركة "سلفيو كوستا")، خلال برنامج صفحة الرأي الذي يقدمه الشاعر عبد الرحمن يوسف على قناة "سي بي سي"،إن الفيلم أراد توصيل نصيحة واضحة بأننا شركاء في هذا الوطن مسلمين وأقباطا،إسلاميين وعلمانيين، يساريين ورأسماليين، وليس أمامنا سوى أن نتعايش. وحذر من أن استمرار القوى السياسية في تناحرها سيبقي مصر على حالها، مؤكدا أن المطلوب لنهضة مصر لا يختلف عليه تيارين، لكن الخلافات دائما في الشكليات والغرق في المصطلحات.
وعن غياب الموسيقى والنساء عن ثاني أفلامهم، قال طلبة -وهو شقيق مؤلف الفيلم- "هذا مثال على تجاوز الخلافات وعدم منحها حجما أكبر من الواقع، لدينا كسلفيين تحفظ على الموسيقى، لكن لا نلزم أحد بفكرنا، ورأينا أن نبتعد عن ما نختلف حوله، ونستغني عن الموسيقى في الفيلم، والحمد لله الناس تقبلت الفيلم بشكل رائع، وبعضهم لم يلحظ غياب الموسيقى عنه".
وأكد طلبة، الذي يعمل في مجال برمجة الاتصالات، أن الأفلام من أهم الوسائل وأسرعها في توصيل الرسائل الفكرية، وأن فكرتهم التي بدأت بجروب على الفيس وزادت نشاطها العام حتى تحولت إلى حركة تحتاج إلى أفكار مختلفة للدعاية لها وإيصال أفكارها. من جانبه قال هاني أنطونيوس، عضو حركة "سلفيو كوستا"، والذي جسد شخصية الشاب القبطي في فيلم "أين ودني": إن انضمامه للحركة جاء لاقتناعه بأهدافها، ولأنه رأى في خطابها وجها متسامحا ومتفاهما للآخر، سواء كان الآخر مسلما مغايرا في التوجه أو حتى قبطيا مغايرا في الدين، معربا عن سعادته بمشاركته في الفيلم.
وأضاف أن جروب "سلفيو كوستا" نجح في اجتذاب كل الأطياف من الشباب وغيرهم على اختلاف انتماءاتهم، لأنه لم يضع قيودا على المشاركة، ولم يفرض وجهة نظره على الأعضاء، ولا يمنع أي مشاركات إلا إذا تعارضت مع الآداب العامة أو استهدفت النيل الشخصي من شخصيات أو رموز لها احترامها.