شباب يهتفون «أهلا.. أهلا بالثوار.. بنسميهم الأحرار»، وشاب آخر يدعى «أحمد» يعمل مراسلا لإحدى القنوات الفضائية يستقيل من عمله وينضم للمعتصمين على سلم نقابة الصحفيين رافعا لافتة «انت فين يا بن على مبارك بيدور عليك».. تلك المواقف جاءت فى مسرحية «حكاوى التحرير» التى سردها 26 شابا محاولين استرجاع أيام ثورة 25 يناير من خلال مجموعة من القصص والتجارب التى عرضوها على شكل منولوجات. حملت المسرحية التى عرضت بمكتبة الشروق بالزمالك العديد من المواقف الانسانية الأخرى بينها موقف أحمد أبوشادى الذى شارك فى مظاهرات جمعة الغضب 28 يناير منطلقا من مسجد مصطفى محمود وحتى شارع الجلاء حيث واجه عصى الأمن المركزى والقنابل المسيلة للدموع وهو يشعر أن اليوم عيد «النزول النهارده فرض على كل مصرى حر».
وفى الناحية الأخرى من كوبرى قصر النيل رجل فى ربيعه الثمانين يستشهد برصاصة فى رقبته فيموت فى أحضان الشباب الذين اصطفوا ليصلوا الظهر فى مواجهة رشاشات المياه الباردة.. هاهم المصريون يتكاثرون شيئا فشيئا وكأن غضب السنين قد انفجر والإحساس بالدفء قد انهمر ليحتمى كل بمن إلى جواره ويصبح ميدان التحرير أكثر أمانا من البيت والحارة والمسجد والكنيسة.
وفى مشهد أليم يلتف جنود الأمن المركزى حول ذلك الشاب «المصرى» ضربا بالعصى بعد أربع ساعات من الكر والفر فى حرب شوارع الميدان الجانبية ثم يدوس الشرطى على وجهه بالحذاء «كنت أشاهد هذا التصرف من الجنود الإسرائيليين مع أطفال الحجارة الفلسطينيين وهاهو الآن يحدث معى بحذاء ابن بلدى ولكنى لأول مرة أشعر بالعزة والكرامة لأول مرة أشاهد جرحى وقتلى بجانبى وأرانى وزملائى مصممين على أن نكمل المشوار.
الآن يعلو صوت زئير المصريين عقب الخطاب «الخايب»..«هاعيش هنا وأموت هنا».. شبكوا أيديهم وتعالت أصوات خطواتهم متجهين نحو كوبرى الفنجرى حيث قصر الرئاسة وما إن اقتربوا من القصر حتى تعالت الزغاريد والصيحات «تنحى.. تنحى.. والله العظيم تنحى بجد».
سطور مضيئة كتبت فى تاريخ مصر بأيد غير مرتعشة «عيش حرية كرامة وطنية»، الآن سجد المصريون شكرا ورغرغت عيونهم أملا «ارفع راسك فوق.. إنت مصرى» وغلبت عليهم خفة ظلهم «دلعو يا دلعو.. مبارك شعبه خلعو».
«حكاوى التحرير».. يروى من خلالها 26 شابا تفاصيل ثورة يناير كما حدثت معهم فى الواقع محاولين تأريخها من خلال تجارب إنسانية إيمانا منهم بأهمية استمرار روح الثورة.
«سندس شبايك» مخرجة العرض قالت إن هذا العمل ليس مسرحية وإنما هى عدة حكايات واقعية يتم تطويرها على مراحل بإضافة المزيد من التجارب والقصص التى نحاول تجميعها من كل الذين شاركوا فى أحداث الثورة المجيدة.
وأضافت أول عرض ل«حكاوى التحرير» كان يوم 26 مايو الماضى على مسرح «روابط» بوسط البلد.. ثم يوما 16 و17 يونيو فى مركز الإبداع الفنى بدار الأوبرا المصرية.. وثالث عرض كان يوم 11 أغسطس على مسرح جمعية «الجزويت» و«الفرير» بمحافظة المنيا ثم يوم 26 من الشهر الحالى فى مكتبة «الشروق» بالزمالك كأمسية حكى قصيرة آملين أن نسافر بها محافظات مصر المختلفة وبعض الدول العربية وربما الأجنبية.
سندس أكدت أن «حكاوى التحرير» غير تابعة لأى مؤسسة أو منظومة أو أى حزب أو حركة سياسية.. وإلى الآن يعتمد تمويلها بالكامل على القائمين عليها وهم مجموعة من الشباب المستقل غير المحترف.