أصدر وزير الصناعة والتجارة الخارجية، محمود عيسى، أمس عدة قرارات تستهدف علاج التشوهات فى الأجور، وتحقيق العدالة الاجتماعية بين مختلف الدرجات فى الوزارة، وذلك من خلال إعادة تشكيل هيكل الأجور فى جميع الهيئات التابعة لوزارته. فقد أمر الوزير بتشكيل ثلاث لجان عليا من قيادات الوزارة «التى ليست طرف فى القضية وليس لديها أى مصلحة مباشرة، بالإضافة إلى قانونيين من مجلس الدولة، من أجل إتمام هذه المهمة فى أسرع وقت ممكن لن يتعدى الشهر»، بحسب قول الوزير، فى تصريحات خاصة للشروق. ومن المقرر أن ترفع اللجنة دراستها للوزير بعد الانتهاء منها، ليصدر قراره فى هذا الشأن، وقد يشمل ذلك «الاستغناء عن بعض الموظفين غير الكفء والذين يتقاضون مرتبات مبالغ فيها بالإضافة إلى تخفيض مرتبات الكبار لصالح الدرجات الأقل»،أضاف الوزير. ولكل لجنة من هذه اللجان دور يختلف عن الأخرى، فاللجنة الاولى من شأنها، وفقا لما علمته الشروق من مصدر مسئول فى الوزارة، طلب عدم نشر اسمه، إصلاح التشوهات فى الأجور فى مختلف الهيئات التابعة للوزارة، وبصفة خاصة تحديث الصناعة وصندوق دعم الصادرات، ومعاهد التدريب والكوادر البشرية، من خلال «وضع معايير سليمة للأجور تتماشى مع المؤهلات والخبرات»، مشيرا إلى أن هذه الجهات الثلاثة تستحوذ على ما يقرب من 50% من ميزانية الاجور الخاصة بالوزارة. «الخلل فى الأجور واضح وكبير فى الوزارة، خصوصا فى هذه الهيئات الثلاث، التى لا ترتبط الأجور بها بمؤهلات أو بالإمكانيات الحقيقية للعاملين»، بحسب تعبير المسئول، «فقد تجد موظفا لا يملك شهادة عليا وتقديره مقبول ويتقاضى ما يقرب من 50 ألف جنيه راتبا شهريا، بينما تجد موظفا آخر خريج كلية اقتصاد وعلوم سياسية بدرجة جيد جدا ولا يزيد راتبه على ألف جنيه»، تبعا للمسئول. وستراعى هذه الإصلاحات، وفقا للمصدر، التعديلات الأخيرة للحكومة الخاصة بالحدين الأدنى والأقصى للأجور، بحيث ستلتزم الوزارة بالفارق المحدد بينهما، معتبرا أن اتخاذ هذه الخطوة فى الوقت الحالى أصبح له «ضرورة إجبارية مع اتجاه الدولة إلى خفض ميزانيات مختلف الوزارات لتقليل عجز الموازنة، فلن يكفى المبلغ المخصص لأجور الوزارة لتلبية الرواتب الباذخة التى كان يتقاضاها البعض على غير وجه حق»، بحسب تعبيره. ومن ضمن التشوهات البارزة فى الهيئات التابعة للوزارة كثرة الاستعانة بالكوادر الأجنبية، والتى لا يشترط تميزها للتعاقد معها وبرواتب مرتفعة، مما تسبب فى زيادة الفروق بين الرواتب، وإهدار حق العاملين الأساسيين فى الوزارة. ويذكر المصدر بعض المشكلات التى باتت تهدد الموظفين فى الوزارة بسبب «التبذير الواضح فى المرتبات»، مثل تجديد عقود المؤقتين لمدة ستة أشهر فقط بدلا من سنة، وتخفيض المكافآت الدورية مع الالتزام فقط بالرواتب الأساسية. ولذلك شدد الوزير، فى بيان أرسلته الوزارة أمس، على أنه سيكون من اختصاصات هذه اللجنة الأساسية تحديد الأجر المناسب لقيمة أى تعاقد والاشتراطات الواجب توافرها فى من يستحقها من خبرات نادرة لا تتوافر فى العاملين الدائمين، وذلك فى إطار معايير محددة للأجر بما يضمن تقنين الاستعانة بخبرات من خارج الهيكل الحكومى. كما تختص اللجنة بإعداد دراسة حول الأجور للعقود السارية ومراعاة تدرجها بما يحقق العدالة خاصة لصغار المتعاقدين مع إجراء دراسة للعقود المنتهية أو التى ستنتهى للوقوف على مدى حاجة العمل لهذه التعاقدات خصوصا المتعاقدين فوق السن. وسعيا من الوزير لتقنين الاستعانة بهذه الكوادر وحرصا منه على إلغاء العقود غير الضرورية، حظر الوزير على أى قطاع أو جهة تابعة للوزارة تكليف المتعاقد بمهام فى غير تخصصه، وكذلك نص القرار على تكليف اللجنة بتقنين وضع ندب المتعاقد فى جهة غير الجهة الأصلية المتعاقد معها حتى لو كانت داخل وزارة الصناعة والتجارة الخارجية على أن تقوم اللجنة بحصر هذه الحالات وبيان أسبابها والتوصية بالبدائل لتقييم أوضاعها. وأما عن اللجنتان الثانية والثالثة، فستختص الأولى بدراسة التظلمات وشكاوى العاملين، التى دفعت بهم إلى الاعتصامات والإضرابات، على أن تقوم الثانية بمتابعة الشكاوى على أرض الواقع للتاكد من صحتها والاطلاع على حجمها. هل ستحقق الثورة العدالة الاجتماعية التى فقدت لسنوات؟